إقرأ أيضاالرئيسيةحرية التعتير

الـ2018.. لقد كان عاماً مليئاً باعتقال الصحفيين!

2018 عامُ الانتهاكات بحق الصحفيين السوريين… “سناك سوري” يوثق أبرز الانتهاكات “اغتيال، اعتقال، تعذيب، خطف…إلخ”

سناك سوري- دمشق

«أخاف من ثلاثة صحف أكثر مما أخاف من مئات الآلاف من الطعنات بالرمح»، قالها يوماً الإمبراطور الفرنسي “نابليون بونابرت”، ثم مات بالقرحة الهضمية، لا بالكلمات ولا بالحربات التي خشي منها خلال حياته، وذلك درس إلهي لا يبدو أن الحكومة السورية تنوي الاستفادة منه ولا استخلاص العبر، وهي التي تسعى لاعتقال أي صحفي قد تسول له نفسه أن يصرخ بوجه الفساد الذي يجد رئيسها “عماد خميس” متعة كبيرة في مكافحته كما يقول.

2018، كان وبالاً على عدد من الصحفيين السوريين قضوا أياماً كثيرة في المعتقل بناء على تهم جاهزة معلبة كما علب “التونة” غالية الثمن في بلادنا، “وهن نفسية الأمة”، “إضعاف الشعور القومي”، وغيرها الكثير من الشعارات الرنانة التي أسقطتها الحرب دون أن يتمكن أحد من اعتقال الأخيرة أو إيقافها بتهمة “تجويع المواطن السوري”، فما كان من الحكومة إلا أن رمت بثقلها نحو الحلقة الأضعف “الصحفي والمواطن”، و”معلي جسمهن لبيس وبيتحملوا”.موقع سناك سوري

شهد مطلع شهر آذار الفائت اعتقال الصحفي وعضو مجلس محافظة “حمص” “وحيد يزبك” الذي يعمل مراسلاً لإذاعة “المدينة إف إم”، بحسب مصادر “سناك سوري” بسبب اعتراضه على قرار محافظ “حمص” تنفيذ سور لإحدى المقابر في المدينة بوصفه سيكلف أعباء مادية يحتاجها المواطن في مشاريع خدمية أكثر من الحاجة لتسوير مقبرة بغض النظر لمن تعود تبعيتها، قبل أن يخرج من السجن بعد ذلك بعدة أيام، الاعتراض على قرار محافظ من الأمور التي تؤدي بك إلى السجن لاحقاً ففكر كثيراً قبل أن تقدم على هذه الخطوة “الكارثية”.

اقرأ أيضاً: من ينقذ الصحافة والصحفيين من ملاحقة “البعبع الحكومي”؟

وإن كان الاعتراض على قرار محافظ يتسبب باعتقال الصحفي، فماذا قد يفعل انتقاد وزير هو وزير السياحة السابق “بشر يازجي”، الذي تقدم بشكوى ضد الصحفي “فهد كنجو” صاحب البرنامج الإذاعي “حبة قبل النوم”، وموقع الإصلاحية” مطلع شهر تموز الفائت، بتهمة الإساءة للموسم السياحي في “سوريا”، عقب نشر “كنجو” مقالاً انتقد فيه مطالب أعضاء مجلس الشعب من وزير السياحة بتخفيضات وحسومات لصالح البرلمان في الفنادق والمطاعم، وهو ما أدى لاعتقاله قبل أن يفرج عنه، إذاً الإساءة للموسم السياحي غير الموجود أصلاً في البلاد التي تعيش حرباً منذ 8 سنوات يتسبب باعتقالك، فاحذر جيداً في المرة القادمة وقل إن السياحة رائعة وعصافير المطاعم تزقزق حتى تأمن ذل الاعتقال.سناك سوري

قضية الصحفيان “عمار العزو” وهو مدير المكتب الصحفي في محافظة “حلب”، و”عامر دراو” المراسل الحربي لعدد من وسائل الإعلام، بقيت لأشهر عديدة أمضياها في المعتقل بعد أن ادعى عليهما قيادي بعثي رفيع المستوى هو الأمين القطري لحزب البعث “هلال هلال” بحسب ما قال موقع “هاشتاغ سيريا” عقب اعتقالها مطلع شهر آب الفائت، على خلفية اتهامات لهما بمراسلة إحدى “الصفحات المجهولة”، “دراو” أطلق سراحه بعد قرابة الـ3 أشهر من الاعتقال استغلها لكتابة تحقيق عن الفساد في سجن “عدرا” حيث كان معتقلاً، في حين مايزال “العزو” معتقلاً لوجود قضايا آخرى بحقه، في المرة القادمة التي تفكر فيها بمراسلة “صفحة مجهولة” فكر جيداً وراجع المسؤولين الحزبيين ليخبروك ماهية الصفحات التي يسمح لك بمراسلتها، علماً أن كافة صفحات الطبخ والمكياج والصفحات الحزبية مسموحة ومتاحة لك دون أي مسائلة قانونية.

في شهر أيلول الفائت، تصادف مرور الصحفي “إيهاب عوض” وهو أحد مسرحي الدورة 102، مع زميلته “رولا السعدي” أواخر شهر آب الفائت في ساحة الأمويين بنفس التوقيت الذي كان من المفترض فيه أن يتم اعتصام لطلاب يريدون من الحكومة إصدار قرار بالدورة التكميلية، فاعتبرتهما الأجهزة الأمنية قادمان لتغطية الحدث ما تسبب باعتقالهما لـ20 يوماً قبل أن يتم إطلاق سراحهما، حسناً إذاً، على الصحفي السوري أن ينتبه جيداً أين يذهب وأي الطرقات يسلك، عليه أن يجري اتصالات كثيرة ليتأكد أن مروره لن يتصادف مع حدث ما يؤرق الحكومة، فسلوك طريق يحوي قنبلة أسهل بكثير وآكثر آماناً بالنسبة له.

اقرأ أيضاً: الوزراء المغادرون والصحافة.. “شو بدي اتذكر منك يا سفرجل كل عضة بغصة”!

ليسوا الصحفيين وحدهم من تعرضوا للاعتقال، حتى الصحف لم تسلم من الرقابة الحكومية وقوانينها المتشددة، ففي شهر تشرين الأول الفائت، كانت صحيفة الأيام السورية في طريقها إلى القراء قبل أن تمتد إليها يد السلطات السورية وتعتقلها، بسبب مقال للزميل “بسام القاضي” عن المجتمع المدني عنوانه “في سوريا الطائفية مقدسة وفضحها خيانة”، مرة أخرى على الصحف أن تحذر جيداً من انتقاد الظواهر السلبية في المجتمع السوري التي تتعامل معها الحكومة وكأنها غير موجودة، وهذا كان أحد الأسباب الكثيرة لانتشار التطرف في البلاد.

شهر تشرين الثاني الفائت كان شاهداً على أكبر عملية انتهاك بحق الصحافة والأخلاق العامة، حين فاجئ مدير جمارك دمشق مراسلة صحيفة “تشرين” “رحاب الإبراهيم” بشتيمة “يلعن أبوكي” حين ألحت عليه بطلب المعلومة لإعداد مادة صحفية، تلك الشتيمة مرت دون أن يتهم مدير الجمارك بالإساءة إلى صحفي، أو اتهامه بوهن نفسية الصحفي، فهو مايزال في منصبه والصحفية لم تستطع أكثر من نشر الأمر عبر صفحتها الشخصية في الفيسبوك، فحيط الصحافة في هذه البلاد واطي لدرجة “يلعن أبوكي”، في المرة القادمة على الصحفي الاحتراز كثيراً لكي لا يتعرض لإهانة مشابهة.

في الشهر ذاته، داهمت دورية أمنية منزل الإعلامي “رضا الباشا” في “حلب” وقامت بتفتيشه، بعد أن طوقت الحي الذي يقع فيه منزل الإعلامي بحسب ما ذكر عبر منشور له في الفيسبوك، وذلك على خلفية انتقاده لأداء الحزب في انتخابات الإدارة المحلية في “حلب”، تواجد الإعلامي السوري خارج البلاد آنذاك وتدخل شخصيات كبيرة في القضية حالا لإغلاقها وعدم اعتقاله، في حين من السخرية المؤلمة أن يتعرض صحفي للاعتقال لمجرد انتقاد الانتخابات التي من المفترض أنها إجراء ديمقراطي.

17-12-2018، كان يوماً أسود في حياة الزميلين “سونيل علي” إعلامي في إذاعة “المدينة إف إم” و”وسام الطير” مدير شبكة “دمشق الآن”، حيث داهمت دورية أمنية مكتباً كانا فيه وتم اعتقالهما ومصادرة المعدات منه وفقاً لما نقلته مصادر “سناك سوري” آنذاك، ليخلى سبيل “علي” بعد أسبوعين بينما ما يزال “الطير” معتقلاً وسط تكتم شديد على أسباب اعتقالهما التي لم تعرف حتى اللحظة، علماً أن “دمشق الآن” إحدى أكثر الوسائل الإعلامية قرباً من الحكومة لكن حتى ذلك ليس معياراً حين يتصارع “الكبار” وتطلع الحكاية براس الأشخاص من خارج السلطة.سناك سوري

الـ2018، كان وبالاً على صحفيين اعتقدوا أن 8 سنوات من الحرب كانت كافية لتغيير منهج الحكومة والتعاطي باحترام أكبر مع الصحافة والصحفيين، الذين تقول السلطة إنهم لعبوا دوراً بارزاً في مواجهة المؤامرة الخارجية، التي يبدو أنها لم تعد موجودة اليوم وما على الصحفيين سوى أن يعيدوا ضبط أقلامهم لما قبل عام 2011، وهذا أمر “بعيد جداً عن أسنان الحكومة”.

انتهاكات في مناطق خارج سيطرة الحكومة:

وإلى خارج مناطق سيطرة الحكومة التي تسجل نسباً عالية جداً من الانتهاكات بحق الإعلاميين والصحفيين والناشطين (الصحفي المواطن).
أبرز انتهاكات مناطق خارج سيطرة الحكومة تمثلت باغتيال “رائد فارس” مدير راديو “فريش” مع رفيقه “حمود جنيد” عبر استهدافهما في “كفرنبل” التي يعملان فيها واشتهرا منها بمعارضتهما للحكومة السورية، بينما نجا مدير مركز جسر الشغور الإعلامي محمد خضير من محاولة اغتيال أيضاً عام 2018.

ليست الاغتيالات وحدها من كانت نصيب إعلاميي خارج مناطق سيطرة الحكومة، فقد تعرض المصور “عمر حافظ للاعتداء بالضرب والشتم من قبل جهاز الأمن التابع لفصائل درع الفرات (المعارضة) المدعومة تركياً، أثناء قيامه بمهمة تصوير خارجية، والحجة ليس لديه تصريح، وعدم وجود تصريح كان حجة أيضاً لاعتقال الصحفي “أحمد الأخرس” أيضاً في إدلب.

الموت في السجون سجل هذا العام في الحسكة شمال شرق سوريا وعلى يد قوات سوريا الديمقراطية، التي اعتقلت (المواطن الصحفي) “مهند خلوف المضحي” على خلفية تغطيته لمظاهرة ضد التجنيد الإجباري في الشدادي الخاضعة لسيطرة “قسد”، وبعد 3 أيام خرج “المضحي” من السجن جثة هامدة.

التعذيب في السجون كان من الانتهاكات المتكررة التي تعرض لها الإعلامي “بلال سريول” وهو من المعارضين للحكومة السورية ورفض التسوية في الغوطة قبل أن ينقل إلى ريف حلب الشمال، حيث تم اعتقاله أثناء تصويره لأحياء عفرين، وعندما أطلق سراحه كانت آثار التعذيب واضحة على جسده.

انتقاد تأخر موسم قطاف الزيتون هذا العام أدى لاعتقال الصحفي “أحمد غجر” في مدينة “عفرين” أيضاً، وكان لافتاً أن قلة من تجرؤوا على انتقاد اعتقاله وكان من بينهم صديقه مراسل وكالة الأناضول التركية “أكرم المصري”.

إخلاء سبيل

هذا العام شهد أيضاً إخلاء سبيل آلان أحمد مراسل موقع “يكيتي” الناشط في مناطق سيطرة قسد، والذي دام اعتقاله قرابة عام ونصف من الزمن.

مليون دولار لمن يعرف معلومة عن صحفي
في ظل هذه الانتهاكات التي كان يتعرض لها الصحفيون السوريون، كانت أميركا تخصص مليون دولار هذا العام لمن يدلي بأي معلومة عن الصحفي “أوستن تايس” المفقود في الغوطة الغربية التي كان يرافق فيها أحد فصائل المعارضة عام 2012.

صحفيون سجنوا بسبب سوريا 

في هذا العام أيضاً، حكمت السلطات التركية على الصحفي “حسني محلي” بالسجن أربع سنوات بحق مراسل سانا في تركيا بتهمة الإساءة للدولة التركية والرئيس التركي عبر اتهامه لهم بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا.

صحفيون تحت اللباس الجبري
وفي هذا العام أيضاً أُجبرت مراسلة سي إن إن التركية “فوليا أوزتورك” على وضع حجاب فوق رأسها قبل الدخول لتغطية العدوان الذي شنته تركيا على عفرين مدعومة بعناصر من فصائل إسلامية محلية معارضة (درع الفرات).
المراسلة لم يسبق لها أن وضعت حجاباً في حياتها الشخصية وقد تحولت هذه الحادثة إلى مثار جدل في تركيا حول ما إذا كانت ذاهبة لتغطية معارك “أحرار وحرية” أم أنها ذاهبة لزيارة مسجد.موقع سناك سوري

تصنيف سوريا “الأخيرة”

في ظل كل ماسبق تم تصنيف سوريا عام 2018 في المرتبة الأخيرة من حيث حرية الصحافة، وهو تصنيف أثار انتقادات الحكومة والمقربين منها والذين اعتبروه تصنيفاً مسيساً وغير مهني، وفي حلقة على قناة الإخبارية السورية اتهمت منظمة “مراسلون بلا حدود” صاحبة التصنيف، بأنها تنفذ أجندات دول معينة منها أميركا والاحتلال الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: لماذا فرع جرائم المعلومات وليس جرائم المسؤولين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى