الرئيسيةرأي وتحليل

الحياة وقيمتنا الإنسانية- ماريا قبارة

حريتي وحريتك تبدأ بتواجدنا معاً متفقين على حبّ الحياة والأرض التي نعيش عليها، هي لي ولك وللجميع.

سناك سوري ماريا قبارة

لا يمرّ على بلادنا عقد من الزمن إلاّ ويقع في حروب مدمّرة تحرق الأمنيات وتسلب الحريّات، وتحوّل الناس إلى قرابين وأضاحي تاريخية للإعدام. انتمينا إلى شعوب عانت وتعاني من التفكك الفكريّ والنفسيّ والأخلاقيّ من آثار مسيرة الصراع الطائفيّ والسياسيّ من دون هوادة، مخلّفة تاريخاً من الوحشيّة والشناعة الروحيّة النفسيّة للإنسان.
وفي كلّ هذه المآسي من الجهل والفقر والجوع والأمراض النفسيّة والأمنيات الضائعة في بناء الإنسان، ما زالت عقولنا متشبثّة بالتاريخ لتطوير أساليب العنف والقتل على كافة الأصعدة، من المدرسة إلى الشارع، من عنف دينيّ أو تاريخيّ أو سياسيّ. وكأنّه محتم علينا في هذا الشرق أن نعيش النيران أبدياً، إلى لا حلمَ أو فرحة لأي خلاص قادم.
ونمارس، بامتياز، إزاحة المرأة عن المشهد الإنساني بقساوة مؤلمة كأنّها خلقت كخطيئة أبدية، وعُجنت من معدن الذنوب التاريخيّة كتعاليم مقدسة تتوارث بوعي أو عدم وعي، وتتراكم في الذاكرة والتربية والسلوك في الحياة.

اقرأ أيضاً الزعيم السياسي في مصاف الآلهة – ماريا قبارة

نكرّرّ أنفسنا كنسخة واحدة، جلّاد وضحيّة، مؤمن وكافر، وكلّ ليلة نحلم أن نستيقظ ولا نجد الآخر المخالف لنا في الحياة. بدل أن يجعلنا هذا نعيد التفكير في حدود انتماءاتنا وهوياتنا وإيديولوجياتنا المغلقة، وأن نقرأ التاريخ وفق عقولٍ وتقنيات جديدة تخلّصنا من النتائج والعواقب الكارثية المدمرّة. وأن نعيد تجديد الأسئلة وتطوير الآليات بدلاً من أن نحوّل الإجابات إلى قبور من تدمير وتجريح وتهديم، ونمنح أنفسنا القدرة على البناء اللاعنفي ليحكم حياتنا ومستقبل أبناءنا، ونجنّبهم هول الخراب والدمار الذي حلّ بنا جيل بعد جيل.
قراءة التجارب المؤلمة الموحشة بطرق إنسانية تمكنّنا من إنتاج نموذج من الوعي الإنساني العميق في صياغة هذه التجارب، كما فعلت الشعوب المجاورة لنا واجتازتها منتجة منها قوى إنسانية واقتصادية ومدنية، وتوازن اجتماعي جمعي مبدع وخلّاق.
الحياة والقيمة الإنسانية تحثّنا على تطوير أدوات التعامل مع صياغات جديدة للحياة تنتج نماذج قادرة على الإبداع والتفكير والمشاركة للحفاظ على الطبيعة والحياة والإنسان. فحريتي وحريتك تبدأ بتواجدنا معاً متفقين على حبّ الحياة والأرض التي نعيش عليها، هي لي ولك وللجميع.

اقرأ أيضاً “باب زحل” في دمشق واحد من 7 كواكب في العاصمة السورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى