الرئيسيةيوميات مواطن

“أبو حسين” والرحلة الأخيرة إلى “الجولان” المحتل: سيزوره أحفادنا!

الرحلة السنوية من “السويداء” إلى “الجولان” المحتل تستغرق أياماً قبل أن تلوح المراعي الخضراء

سناك سوري-رهان حبيب

1957 تاريخ يشكل علامة فارقة في حياة العم “أبو حسين جادوا جعفر”، ففي هذا التاريخ عاش ابن قرية “الثعلة” بريف “السويداء” الغربي آخر رحلاته مع زملائه إلى “الجولان” المحتل بحثاً عن مراعي خضراء للدواب والمواشي.

رحلة تواصل عاشها الريف الغربي لـ”السويداء” مع سهول “الجولان” لعهود طويلة نشأ فيها تبادل زراعي بنكهة خاصة، لتكون سهوله مرعى المواشي في الربيع وسوقاً لتصريف القمح والحبوب، يقصدها الأهالي بمواشيهم ويعودون محملين بالخضار والحلويات وما لم يكن موجوداً في قرى السويداء، عندما كانت محطة “خربة غزالة” للقطار أولى المواقع التي يصلها أهالي “الثعلة” ومثلهم من قرى الريف الغربي، يحملون لها القمح والحبوب وكثيراَ ما يكون الجولان المحطة الثانية يصرفون ما لديهم ويعودون محملين بما يكفي مؤونة أشهر قادمة.

يقول “أبو حسين” وهو من مواليد 1936 لـ”سناك سوري”: «كان شباب القرية وكبارها بعد الانتهاء من حراثة وزراعة الأرض بشهر آذار من كل عام وبانتظار الربيع يتجهون مع مواشيهم والأهم قطيع الأبقار، قاصدين الجولان وقراه الغنية كي “تربع” المواشي بمعنى تنال غذائها من الأعشاب التي اشتهرت بها منطقة الجولان الخصبة خاصة القرى الشرقية فتحصل المواشي على غذاء يكفيها استعدادا لموسم الصيف».

اقرأ أيضاً: سأقطف تفاحة من على شجرة في الجولان المحتل يوماً

الطريق الذي يجتازه الكبار والشباب كان انتقالاً من أراض سهلية مرورا بقرى “حوران” ومنها “خربة غزالة” باتجاه الهضبة ليستقروا بين قرى “الفحامة” و”نخيل” ويحطوا الرحال على أطرافها بفرح للقاء الخضرة التي تعلو عن ركبة الرجل، وينابيعها العزيزة برحلة تطول ليوم أو يومين مشياً أو ركوباً على الجمال أو الدواب متشوقين للخضرة ووفرة العطاء الطبيعي.

انتهاء “الزهاب” كان انتهاء الرحلة في مرابع الجولان في وقت لم يكن فيه للتاريخ أي معنى ولا للحدود أيضاً، كما يقول العم “أبو حسين” ويضيف: «الزهاب يعني زوادتنا من الطعام الذي نحمله ليكفينا خلال رحلتنا التي كنا نمر فيها بقرى شركسية نتعرف خلالها على طقوسهم وحياتهم وكنا نسكن العراء ننصب خيمنا ونبيت ليالينا الكثيرة، ما كان يهمنا هو أننا سنصل بالنهاية، وكنا نصل حيث نستقر فترة شهر أو أكثر لتبدأ استعدادات العودة».

ماتزال رحلة سنة 1957 محفورة بذاكرة العم “أبو حسين”، كيف لا وهي الأخيرة له قبل أن يستولي الاحتلال الإسرائيلي على “الجولان” السوري المحتل في العام 1967، يضيف: «لا أتمكن من منع دموعي عندما أرى مشايخ بعمامات بيض يقفون أمام الاحتلال رافضين هويته وقرارات الضم، هم واثقون بأن الجولان سيعود ونحن نثق أن الجولان سوري وسيبقى ما دام أهلنا أقوياء مؤمنين أن سورية لن تتخلى عن شبر من أراضيها زرناها أطفالا وشباب وستبقى خضراء في عيوننا ليزورها أحفادنا، فهي القطعة التي كانت وماتزال حديث الآباء وموطن الأقارب والأهل الذين لن يتهاونوا في الدفاع عنها والمحافظة على هويتها السورية».

اقرأ أيضاً: “سوري من الجولان” يحتفظ بمفتاح منزله منذ نصف قرن…”أنا عائد”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى