الرئيسية

“رنا” تبحث عن خبر يبرد قلبها في العام السادس لخطف “عبد الله”

اليوم الوطني للمختطفين في “سوريا”… وجع يصيح على المدى

سناك سوري – لينا ديوب

حين كنا نخطط لمستقبل طفلينا، أو لتغيير أي شيء في حياتنا، لم يكن يخطر ببالي، أن يأتي يوم ويترافق اسم زوجي “عبدالله” بكلمة مخطوف، تقول “رنا” وتضيف:«حتى اليوم مرّ ست سنوات وشهرين، ولم أزل غير مستوعبة تماماً ما حصل، عشت لحظات الصدمة، ومن ثم ليالي الألم والبكاء، تركت طفلينا لأختي وأمي أكثر من سنتين، لأنني كنت كمن تلقى صفعة على رأسه جعلته يدور ثم يدور، يترنح ولايسقط».

انتهت إجازة “عبدالله” يوم الأحد، من شهر تشرين الأول سنة 2012، وخرج صباح الإثنين إلى عمله، ليعود يومها ويخبرني بأن الإدارة أعادتهم إلى منازلهم بسبب انتشار المسلحين في محيط عملهم وبأن الطريق غير آمن، خرج صباح الثلاثاء بسيارته إلى الإدارة أيضا”، لم يمض ساعة حتى عاد وأعطاني مفتاح السيارة وقال إن الذهاب بسيارة العمل أكثر أماناً، اتصلت بعد ساعة من انطلاقه وكان هاتفه خارج التغطية، لكني لم أشعر بالقلق حينها، لأنها كانت تحدث، ويعاود هو الاتصال، ولم نكن حينها نصدق كثيراً قصص الخطف.

بعد ثلاث ساعات، رن جرس الباب أسرعت بالسؤال من؟ وكان الجواب سؤال إن كنت أنا زوجة “عبدالله” لأنهم يحتاجون رقم هاتفي لإيصاله له، أجبتهم والدموع تسبق الكلمات، لكن رقمي معه، ليخبروني بأنهم تعرضوا للهجوم، وسرق هاتفه، وأن إدارته تتواصل معهم، بقيت أسبوع أتواصل مع إدارته ويخبرونني أنه بخير، حتى فقدوا الاتصال به وقالولي لي أنه خطف. هنا بدأت رحلة الألم الأكبر.

اقرأ أيضاً: “روسيا” مرتاحة لنتائج “أستانا 10” ولا جديد بملف المعتقلين والمختطفين

لم أستوعب أنني سأفقد زوجي الحبيب، الطيب، المعطاء، كان يدللني كما يدلل طفلينا، لم يقبل يوماً أن أتحمل أكثر من عبء ولدينا، وفجأة أصبحت في مواجهة مسؤوليات البيت والأولاد، انشغلت بداية ولسنتين بالبكاء والحزن، والاتصال بذوي المخطوفين، وبمن يفرج عنهم، وبمشايخ المصالحة، وبالمسؤولين الذين أسمع أن لهم علاقة بالموضوع، ومرت الأيام ولا جواب لدى أي من هؤلاء، سوى الوعود.

كنت ومازلت في مواجهة ألم الفقد وصعوبة مواجهة الحياة تقول “رنا” لـ سناك سوري وتضيف:«بيتنا في منطقة خطرة هي “ضاحية الأسد” بـ “حرستا”، في إحدى المرات مرت جنازة من تحت البيت ورافقها إطلاق رصاص، بحثت عن ابني في كل البيت لأجده يختبئ بين الخزانة والحائط مذعوراً، عندها قررت أن أعود لأبنائي، وقلت في نفسي إن كانت ظروف الحرب حرمتهم من أبوهم، لن أحرمهم مني ومن اهتمامي، فعدت لأدرسهم وأطبخ لهم، بعد أن كنت تركت كل شيء لأختي وأمي من أجل البحث عن زوجي، ولاحقا لأحميهم من خطر القذائف ورعب الأصوات تركت بيتي، وسافرت إلى “بانياس” بحثاً عن أمان أكثر وهناك استأجرت بيتاً لنعيش فيه».

اقرأ أيضاً: حملة للتذكير بالمختطفين في سوريا… بالتزامن مع ذكرى حادثة “مشفى الكندي”

لم تستطع “رنا” خلال تلك السنوات إخبار طفليها بشيء عن والدهم لأنهم صغار ولايدركون، “نور” كان عمرها ست سنوات و”عمران” سنتين، “نور” تتذكر والدها وتشتاق له وتسألني عنه، لكن لا أخبرها الحقيقة، بل أختبىء باجابات أن عمله صعب، إلى أن أتينا إلى “بانياس” أصبح الجيران يسألونها إن سمعنا شيئاً جديداً، حينها أخبرتهما، كان ابني يتهرب من الحديث عن والده، لكن “نور” كانت تختفي في البيت، لأجدها تحضن صورة والدها وتبكي، وعندما أقول لها، لاتبك ياصغيرتي أبوك إنسان صالح ولابد أن يعود يوماً، تجيبني لم خطفوا أبونا أنا و”عمران”، فأجيبها لا ياصغيرتي هناك الكثير من الآباء، بعضهم عاد، وقد يعود آخرون، فتهدأ قليلاً.

بعد أن اتخذت قراري بمواجهة ماحدث لنا، حاولت دائماً أن أكون قوية أمام طفليّ، إلى أن جاء يوم اتفاق “دوما”، وانتشار خبر الإفراج عن المخطوفين، عشت حيرة وألماً يعادلان ألم السنوات الست، هل أعطيهما الأمل بعودته؟ كيف أخفي دموعي وخوفي وقلقي؟ وهما بعد ست سنوات يعرفون اليوم ما حدث تماماً، “عمران” لا يتذكر والده لكنه يسألني مالذي كان يشتريه لي، كيف كان يلاعبني؟ والكثير من الأسئلة التي ماكان ليسألها لو أن أبوه موجود ويحيه بحنانه ورعايته.

في هذا اليوم أتمنى أن يخبرني أحد عن مصير زوجي، أن يخرج إلينا أحد ويقول هذا ماحصل، أن نعرف مصير مختطفينا إن كانوا أحياءً أم أصبحوا في السماء، ونرتب أمور أولادنا على بينة من مصير آبائهم، لا أن نبقى كما يقال: لامعلقين ولا مطلقين.

يذكر أن 20 كانون الأول اختير من قبل ناشطين سوريين ليكون كيوم وطني للمخطوف السوري.

اقرأ أيضاً: رشا أمٌ تبحث عن هوية زوجها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى