الرئيسيةيوميات مواطن

اختفاء في السجون السورية: رشا أمٌ تبحث عن هوية زوجها

تلقت رشا اتصالاً هاتفياً قبل أيام من أحد الأفرع الأمنية في دمشق يطلب منها الحضور لاستلام هوية زوجها الذي أُبلغت عنه أنه توفي بعد اختفاء لفترة ليست بالقصيرة في السجون السورية.
رشا إمرأة في نهاية الثلاثينات تعيش مع أطفالها الأربعة في مخيم للنازحين على أطراف العاصمة بعدما دمرت الحرب منزلهم في المعضمية وباتوا بلا مأوى.

سناك سوري – بلال سليطين

في العام 2013 كانت رشا تنتظر زوجها الشرطي ابن محافظة حلب حتى يعود من عمله بعد مناوبة لثلاثة أيام في مخفر الشرطة حيث وظيفته. لكن انتظارها له امتد أربعة أعوام.

تقول رشا لـ سناك سوري إنه اعتقل على حاجز أمني وسيق إلى الفرع بتهمة القيام بأعمال إرهابية تسببت بموت إنسان. حسب ما أعلمتها الجهات المعنية.

لا تنفي الزوجة التهم الموجهة إلى زوجها ولا تؤكدها. لكنها تقول إنها خلال سنوات من الاختفاء في السجون السورية. تمكنت من رؤيته مرة واحدة في سجن صيدنايا كان ذلك في العام 2014. ومنذ ذلك الحين فهي لا تعلم عنه شيئاً. ولم يعرض على قاضي. ولم يخصص وقت لزيارته … إلخ.

حاولت المرأة مراراً وتكراراً رؤية زوجها أو الحصول على أي معلومة إن كان حياً أو ميتاً لكن دون جدوى. حتى أن شقيقه وبينما كان يبحث عنه تم فقدانه ولا أحد يعرف أين هو حتى الآن.

رشا تحلت بالصبر لكن والد زوجها لم يستوعب ماحدث. وصعب عليه تحمل غياب ولديه مجهولي المصير عنه فخلد في نوم أبدي يريحه من عذاب الحياة.

اقرأ أيضاً: أطفال لا يرون الشمس في سجون تمولها بريطانيا داخل سوريا

نزحت أم الأطفال الأربعة من منزلها إلى مركز إيواء (مدرسة) في منطقة المزة وسط العاصمة دمشق. كان مركزاً من فئة الخمس نجوم حسب وصفها. لكن العز لايدوم على أبناء القهر. حيث تم نقلها إلى مركز إيواء آخر في كفرسوسة ترى فيه النجوم بعز الظهر.

في غياب زوجها أصبحت أماً وأباً لأطفالها الذين كبروا دون أن يعرفوا والدهم. واضطرت للعمل في المنازل لتأمين لقمة العيش لهم وتعليمهم. تقول إنهم مهتمون بالمدرسة ومصاريفهم كبيرة جداً على إمرأة وحيدة.

لم تكن رشا سعيدة بحياة الشقاء والتعتير قبل نزوحها أصلاً. ولم ترغب في أن يعيش أولادها بلا والدهم. تقول إنها تريد أن تعرف مصيره فقط من أجل أولادها الذين يوجهون لها الأسئلة حوله ويريدون رؤيته لكن لا حول لها ولا قوة.

تلقت رشا قبل أيام اتصالاً من أحد الأفرع الأمنية يعلمها بوفاة زوجها ويدعوها للحضور واستلام هويته. بكت الزوجة لكن قلبها ارتاح فهي علمت أين زوجها. إنه عند خالقه حسب تعبيرها.

ظنت رشا أن معاناتها مع الحياة (لا معلقة ولا مطلقة) انتهت. لكن الصدمة جاءت من على باب الفرع:ليس زوجك الشخص المتوفي الذي اتصلنا من أجله.

ترد رشا: يعني زوجي ما مات؟

يجيب العنصر:متى قابلته. آخر مرة.

تقول رشا: قبل عامين في صيدنايا.

يختم العنصر:روحي دوري عليه لكن.

تضرب رشا رأسها بالأرض وتراقب أقدامها وهي تتعثر بدموعها التي سالت كالنهر. تقول: لو إنه ميت كان أحسن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى