الرئيسيةرأي وتحليل

تجربة عملية … حين تسلّمت منصباً وجرّبت شعور المسؤولين

كيف سأتعامل مع الآخرين من موقعي الجديد كمسؤولة؟

سناك سوري _ لجين سليمان

في الساعة السابعة مساء بتوقيت “الصين”، رنّ هاتفي الخليوي، ليأتي السؤال المفاجئ من شخص لا أعرفه كثيراً «هل تستلمين رئاسة اتحاد الطلبة العرب في الجامعة؟»
فاجأني السؤال وكان ردي سريعاً «أنا أستلم منصباً ! صعبة” أجابني الآخر “ما المانع؟» أجبت «يا ابني أنا والمناصب مش صحبة» تفاجأت بنفسي على هذا الرد، أصبحت أقول “يا ابني” كما يتحدّث المسؤولون، أجابني «نريد أن يستلم المنصب طالب غير يمني، فقد مرّ عامان على اسنلام طلاب “اليمن” للاتحاد، وأنت سورية»
أصاب الوتر الحساس، وحلّفني بالغالية نعم أنا سورية وأفتخر «ما هي متطلبات المنصب يا ابني؟» أجابني: «لا شيء اليوم نعلن استلامك ونبلغ الجامعة وانتهى الأمر»
أجبته «تمام، لا مشكلة، الله معك» وأحسست بأنني أريد أن أقول له «الله معك يا ابني ولااااك» فأنا أصبحت مسؤولة.
بعد إغلاق الهاتف بدقائق أصابني الخوف، بدأت أسأل نفسي «كيف سأتعامل مع هذه الجماعات، وهل من الصعب إدارتهم» فكّرت في إعادة قراءة كتاب “الأمير” لـ “نيكولو ميكافيللي” كيف أدير الأمور بحكمة وصلابة، فعليّ أن أمسك زمام الأمور بكل مهارة.
بعد ساعتين بدأت تصل التهاني، وبدأ الجميع يباركون لي بنيل الثقة، انتظرت حتى تراكمت المباركات وأرسلت لهم ثناء على اختيارهم الحكيم، وكتبت في النهاية مظهرة تواضعاً شديداً «انشالله كون عند حسن ظنكم» أحسست أني أكثرت من التواضع فعدت وأضفت «المسؤولية صعبة» تذكرت كتاب القومية في الصف الثالث الثانوي عندما كانوا يعددون مهام الحكومة ويقولون «السهر على راحة المواطنين» فعدت لأضيف «سأسهر على راحتكم» تذكرت شرح أستاذ القومية لهذه الجملة «السهر على راحة المواطن لا يعني وضع كأس من الشاي والجلوس ليلاً» عدت وحذفت الجملة كي لا يعتقدون أني سأشرب الشاي وأنسى مهامي الحقيقية.

اقرأ أيضاً: في الصين يعبدون حكومتهم.. ماذا عن سوريا؟

لوهلة أصبح يحيرني ما سيقولون وكيف سيحكمون على تصرفاتي، وهل ستعجبهم، وكيف يفكّرون، شعرت أني أخاف منهم، فهم جماعة وأنا واحد، تذكّرت عندما كنت أنتقد المسؤولين، أنا نفسي التي كنت أكتب يوما مقالات تحت عنوان “يوميات مواطن مقهور من زيارة مسؤول” أصبحت مسؤولة وأخاف أن تكتب فيّ المقالات، أصبحت أكره الصحافة وأخشى منهم.
كل هذه التفاعلات الفكرية حصلت خلال مدة لا تتجاوز الساعات الثلاث، وصلت فيها إلى استنتاج مفاده أن المسؤول يخاف ويخشى، وربما هذه الخشية تجعله يتصرّف بعدائية تجاه المواطنين، فيسهر على راحته خوفاً من كلامهم وانتقادهم وردود أفعالهم أيقنت أن المسؤول فعلا يكون في البداية مواطن عادي، لكن الكرسي، ذلك الشيء السخيف يحوله إلى مواطن من صنف آخر يخشى الآخر.
لكن مهلاً ماذا لو تعاملت بكل محبة، ومزّقت كتاب “الأمير” وقدّمت كل ما أستطيع، ماذا يحصل، هل سأحصل على محبتهم فعلاً أم لا، فأنا أصلا لم أرشح نفسي، هم اختاروني “مبايعة”.
إذا فلأتقن المحبة قبل المنصب، فربما كانت مشكلة من استلموا مناصب وكتبت عنهم في السابق هي “نقص الحب” للآخر، والعمل ما أمكن لاستمرار الجلوس على كرسيّ لا يعلي في القدر أكثر من ارتفاع أرجله.

اقرأ أيضاً:سوريا: إعفاء مسؤول من منصبه بناءً على طلبه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى