الرئيسيةشباب ومجتمع

المقاهي السورية: ثلاثة بواحد للشغل والدراسة والترفيه عن النفس

نظرة عن قرب إلى رواد المقاهي.. ليس جميعهم قادمون للتسلية

باتت المقاهي السورية للدراسة والعمل، وليس فقط للترفيه كما يُعتقد، وشريحة واسعة من الشباب تقصدها لإتمام أعمالها أو دراستها، في وقت تغيب الكهرباء عن منازلهم نتيجة التقنين.

سناك سوري- مراسلون

يقضي “غدير” (٢٢) عاماً جُلَّ وقته في مقهى أُطلق عليه اسم” study zone”، يدرس الشاب في الجامعة الافتراضية السورية. وتتطلب الدراسة فيها حاسوباً متصلاً بالانترنت والتيار الكهربائي لحضور المحاضرات عن بعد وإعداد الوظائف العملية.

يعتبر غدير المكان الذي يرتاده «نعمة له ولأصدقائه». ويقول لسناك سوري «أستطيع أن أعمل بهدوء وأنا مطمئن أن حاسوبي الشخصي لن يخذلني بينما أنجز حلقة البحث أو أحضر محاضرة فالكهرباء متوافرة والانترنت أيضاً».

تزدحم مقاهي “طرطوس” خلال أيام الامتحانات الجامعية بالشباب الذين يقصدونها للدراسة والعمل لا للترفيه. كونها تنعم بالهدوء والكهرباء وهي المتطلبات الأساسية التي يحتاجونها للدراسة، هرباً من أضواء الليدات الخافتة في منازلهم والتي تؤذي عيونهم خلال عملية القراءة.

ويلفت “غدير” أن «التكلفة المادية ليست قليلة عليه كطالب، لكن لا حل آخر لديه».

تتخذ “ليليان” (٢٧) عاماً من مقهى “بلكون” مقراً لإنجاز عملها اليومي عن بعد مع شركة للتصميم الغرافيكي التي تعمل بها. تشرح ليليان لسناك سوري ظروف عملها التي «تتطلب ساعات عمل طويلة فهي بالتالي محتاجة لتغذية كهربائية لا تنقطع وإنترنت سريع».

وتضيف: « أقصد المقهى كل يوم، أدفع ما لايقل عن 15 ألفاً في كل زيارة، أي ما يعادل 450 ألفاً في الشهر، بينما راتبي لا يتجاوز المليون، لكنني مضطرة لأن أدفع نصف مرتبي لأحصل على النصف الآخر».

مضطرة أدفع نصف مرتبي، لأحصل على النصف الآخر ليليان مصممة غرافيك

اللاذقية.. لا حل سوى المقاهي

شهر نيسان الفائت، كانت “عفراء” (30) عاماً تمضي حوالي من ثلاث إلى أربع ساعات يوميّاً متنقلة بين مقاهي اللاذقية. للعمل على إنجاز أطروحة الدكتوراه في الهندسة الزراعية التي تتطلب بحثاً مطوّلاً على الإنترنت. والعمل على حاسوبها المحمول لساعات طويلة وسط غياب شبه دائم للكهرباء عن المدينة الساحلية.

تقول “عفراء”: «المدة التي يتم فيها وصل الكهرباء لا تتجاوز الساعتين خلال اليوم كاملاً مقسمة على أربعة أجزاء. مما يستحيل معه العمل والإنجاز (التقنين كان خلال نيسان 5ونص قطع مقابل نصف ساعة كهربا)».

صورة من داخل أحد المقاهي

العمل ضمن المقهى تصفه “عفراء” بالتجربة الإيجابية التي عودتها على التأقلم مع الظروف المختلفة. وتضيف: «ممكن كتير يكون في ناس بجانبي عم يلعبوا طاولة أو يمضون وقتهم في التسلية والضحك. ولكن مع ذلك أستمرّ في العمل بكامل تركيزي».

يعاني “أكثم الشيخ” (33) عاماً من مشكلة ضعف الإنترنت في منزله وغياب الكهرباء، الأمر الذي يدفع ثمنه تحمل ضجة المقاهي. وطول المدة التي يقضيها فيها والتي تتجاوز سبع ساعات يوميّاً، بهدف الحصول على مخزونه الكافي من الكهرباء والإنترنت فالشاب يعمل في مجال البرمجة، كما يقول.

ويرى “أكثم” أن «المقاهي بديل معقول ولكنّها ليست حالة إيجابية بالمطلق، بل هي نتيجة لظرف طارئ لا يمكن التعامل معه حاليّاً إلا باللجوء للبدائل المتوافرة».

 

المقاهي بديل معقول ولكنّها ليست حالة إيجابية بالمطلق، بل هي نتيجة لظرف طارئ لا يمكن التعامل معه حاليّاً إلا باللجوء للبدائل المتوافرة

مقاهي دمشق ثلاثة بواحد

تذهب “رنيم” (23)عاماً بمعدل شبه يومي إلى مقهى برفقة زملائها الذين يدرسون في كلية العمارة بجامعة دمشق. تقضي الشابة وأصدقاؤها معدل 5 ساعات يومياً لإنجاز الجانب العملي المتعلق بدراستهم الجامعية.

وتعمل الشابة عن بعد بتصميم الإنشاءات الخارجية لشركات حسب الطلب. ولا تفوت فرصة التسلية، تقول: «بعد انتهاء العمل والدراسة نجلس للاسترخاء ضمن المقهى. وتبادل الأحاديث بعيداً عن ضغط العمل والدراسة ونشحن موبايلاتنا أيضاً».

يعمل “محمد” (23)عاماً بمجال التصوير والتصميم منذ ثلاث سنوات ويدرس في كلية الإعلام بجامعة دمشق يلجأ إلى المقهى بقصد العمل حيث لا يتوفر لديه انترنت ولا كهرباء وهما الحجر الأساس لعمله.

يقول “محمد” لسناك سوري:«أصبحت مضطر للجلوس بالمقاهي 3 مرات بالأسبوع لمدة تصل لـ4 ساعات. بسبب عدم توفر الكهرباء والانترنت اللازمين لعملي، وتكلفة الجلوس أضيفها إلى تسعيرة العمل».

شباب يجلسون ضمن مقهى في اللاذقية للعمل والدراسة

شباب ريف دمشق بلا مقاهي

يتمنى “سلامة سلامة” (19) عاماً، وهو طالب بكلية الهندسة المعلوماتية ويعمل بالتصميم والمونتاج. لو أن المقاهي متوفرة في بلدته “يبرود”. حتى تساعده على إتمام عمله الذي يحاول جاهدا إتمامه من المنزل بسبب صعوبات الكهرباء. حيث يحاول البقاء في مكتبة الجامعة حتى إغلاقها لإتمام عمله كون الكهرباء متوفرة فيها.

أما في مدينة القطيفة يوجد مقهى وحيد تحتاج لتجلس فيه الاتصال قبل بيوم للحجز. ولكن في نفس المدينة لا يتقبل معظم الأهالي دخول الشابات لهذه المقاهي بينما يستطيع الشباب دخولها بكل أريحية، بحال وجدوا حجزاً.

توحي الصورة الخارجية لمقاهي دمشق المكتظة بالناس أنهم مرتاحون ومنعمون مادياً. لكن نظرة مختلفة إلى داخلها وطاولاتها تبدو الصورة أوضح فليس كل مرتاديها مقاصدهم سواء. وباتت مع الأيام  قعدة القهوة حلاً للمشاكل لا ترفاً أو تنزهاً.

وأنتم لأي غرض تقصدون المقاهي؟ أخبرونا

زر الذهاب إلى الأعلى