الرئيسيةتقارير

السوريون والجنس.. كيف أثرت الضغوط المعيشية على ليلة الخميس؟

أطباء يروون ملاحظاتهم: يوجد وهن جنسي لدى عدد لا بأس به من المراجعين

سناك سوري- نورس علي

لا تبدو “سها” 35 عاماً منزعجة من فتور العلاقة الجنسية بينها وبين زوجها، ورغم أن آخر لقاء جنسي بينهما قبل نحو شهرين تقريباً و”عالسريع” كما تصفه، إلا أنها لا تتطلع لموعد اللقاء الثاني أبداً، في حين يؤكد “سمير” 43 عاماً، أنه ومع الانشغال بضغوط الحياة والاحباطات الكثيرة التي يواجهها يومياً، تجعل من العلاقة الجنسية مع زوجته “سيران مجاني” للتفريغ واكتساب بعض الطاقة الإيجابية، لافتاً أنهما يتخذان كافة التدابير الاحترازية كي لا يحدث الحمل مطلقاً، فالحال ضيق ولا سبيل لإنجاب المزيد من الأطفال، كما يقول لـ”سناك سوري”.

وبعيداً عن أحاديث العلاقة الجنسية من وجهة نظر الأزواج والزوجات الذين يجدون حرجاً كبيراً في التحدث عنها، قال الدكتور “وائل غنوم” أخصائي التوليد والأمراض النسائية لـ”سناك سوري”، إنه لاحظ من خلال مراجعات المرضى اليومية لعيادته، وجود وهن جنسي لدى عدد لا بأس منهم، أدى إلى فتور في العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة، وعزا ذلك لكون الحالة الجنسية هي حالة روحية بالأساس تتطلب حالة نفسية جيدة ومستقرة عند الرجل والمرأة سوياً، وهذا غير متوفر حالياً لدى شريحة كبيرة من أبناء المجتمع وخاصة عند الرجال.

الدكتور وائل غنوم

شريحة كبيرة من المرضى المراجعين للعيادة النسائية لم يعد لديهم هاجس التفكير بالحياة الجنسية، حسب “غنوم”، «فالنفوس أرقة ومتعبة نتيجة الجهد الجسدي اليومي ما بين طوابير الحياة اليومية وعدم الاستقرار الاقتصادي، ورغم وضوح هذه المشكلة لا يوجد تصريح علني بها من قبل الطرفين نتيجة الخجل المرتبطة بطبيعة مجتمعنا العربي، وهذا مستشعر طبياً من حالات المرضى المراجعين لي والذين تصل نسبتهم لحوالي 40%».

لا إحصاءات

لا توجد إحصائيات دقيقة تثبت ظاهرة الضعف الجنسي على الرغم من كثرة الشكاوى من قبل المرضى حولها في عيادة الدكتور “غالب علي” أخصائي البولية، الذي يتراوح عدد المرضى المراجعين له شهرياً بشكايات أمراض الجهاز التناسلي ما بين /30- 70/ حالة، موضحاً أن السبب يعود في الغالب للأوضاع الاقتصادية والضغوط المعيشية الحياتية التي يعيشونها، إضافة إلى ضعف التغذية مع ارتفاع الأسعار وسوء بعض المنتجات الغذائية الزراعية التي تعتمد في نموها ومنشأها على الهرمونات.

الدكتور غالب علي

ويضيف في حديثه مع سناك سوري: «حالة التوتر والشدة التي يعيشها الرجل يومياً أثرت على حالته النفسية فبات مساؤه مقتصراً على التفكير بمعيشة اليوم التالي وليس الراحة النفسية الجنسية، وهذا يعمم على الشباب المتزوجين حديثاً و حتى القدامى منهم، وأنوه إلى أن الضعف الجنسي لا يعني عدم ممارسة الجنس أبداً، وإنما زيادة عدد المحاولات الجنسية لإتمام العلاقة الصحيحة والسليمة بين الطرفين أو الاعتماد على الأدوية لإتمامها».

اقرأ أيضاً: صيام المحرومين.. أي رمضان ينتظر السوريين في زمن كورونا؟

تأثرت العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة بشكل سلبي نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة حسب الدكتورة “بثينة عزو” طبيبة الأمراض النسائية والتوليد، وتضاف إليها الضغوط النفسية وقلة اللقاءات الحميمية وسوء التغذية التي يعاني منها الرجل والمرأة بشكل عام، علماً أن هذا التأثر شخصي وليس سمة عامة في المجتمع من ناحية أن البعض لا تنعكس الحالة النفسية والضغوط المجتمعية بشكل عام على رغبته الجنسية، بينما البعض الآخر لا يمكنه إتمام علاقة جنسية مع الشريك إلا بحالة نفسية جيدة جداً، وهنا قالت: «بات الرجل يعمل بدوامين والمرأة بدوام واحد إضافة إلى عمل المنزل، مما جعل النفوس غير مستقرة لإقامة علاقات جنسية تامة».

رأي مختلف

الدكتورة “غادة جمل” أخصائية الأمراض النسائية والتوليد كان لها رأي مختلف نوعاً ما، حيث ترى أن الضغوط المعيشية التي يعيشها الأب في الوقت الحالي فرضت عليه حالات نفسية لا يمكن تفريغها إلا بالعلاقة الجنسية مع زوجته، بدليل زيادة أعداد السيدات الحوامل المراجعات للفحص النسائي، وقد زادت نسبتهم فترة الحجر الصحي خلال شهري آذار ونيسان الماضيان حوالي 40%، طبعاً هذا لا يعني جودة في العلاقة الجنسية بين الشريكين أو عدم تكرار المحاولة لإنجاحها، وإنما القصد حالة من التفريغ النفسي.

الدكتورة نسرين خضور

بدورها الدكتورة “نسرين خضور” وضعت تفسيراً آخر لتأثر العلاقات الجنسية بالأوضاع الاقتصادية الصعبة والظروف المعيشية، وربطتها من خلال المشاهدات الحية بالخوف من الإنجاب وتكاليف تربية المواليد حديثة الولادة وعدم الحصول على موانع الحمل الطبية المجانية من المراكز الصحية، وغلائها في الصيدليات والاعتماد على الموانع الطبيعية التي تعد نسب فشلها كبيرة بالغالب، وهذا أدى إلى قلة عدد مرات ممارسة الجنس بين الشريكين، ويضاف إليها البرودة الجنسية لدى كلا الطرفين الناتج عن ضغوط العمل.

ماذا يقول الطب النفسي؟

الضغوط الحياتية والأوضاع الاقتصادية لها انعكاساتها السلبية على العلاقات الجنسية بين الشريكين، من وجهة الطب النفسي حسب الأخصائي النفسي الدكتور “حسام ملحم”، وذلك من ناحية توليدها ضغوط نفسية واضطرابات مرافقة قابلة للتطور دوماً، وبشكل عام ونتيجة البرود الجنسي الذي تعرف به المرأة، نجد أنها أقل تأثراً بهذه الضغوط على الرغبة الجنسية، بينما الرجل فارتكاساته السلبية أسرع وأكبر.

و أضاف: «نلاحظ عند بعض الحالات الفردية أن العلاقات الجنسية التي قد تتحول للهوس لاحقاً، وتكون هي المتنفس الوحيد للتخلص من تلك الضغوط النفسية والحياتية، فجميع العوامل مرتبطة ببعضها البعض من ناحية المنظومة الهرمونية والوضع العام والمؤثرات الخارجية والداخلية، والقاعدة هنا هبوط الرغبة وعدم وجود المتعة والكآبة والضغط النفسي، ولا يمكن اعتبار الحالات الفردية مقياسا».

اقرأ أيضاً: سوريون يأكلون من الطبيعة: الغلاء حرمنا وجبات كثيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى