الرئيسيةرأي وتحليل

الإكتناز القهري السوري.. (لما الأحلام بترجع لورا) – محمد ك ابراهيم

كنا عايشين ما أحلانا.. كنا عايشين أحسن من غيرنا.. طيب وبعدين؟!

سناك سوري-محمد ك ابراهيم

يواظب قسم كبير من السوريين على تكرار عبارة “كنا عايشين مأحلانا” أو “كنا أحسن من غيرنا”، ويسترسلون في ذكر حوادث وحكايا ما قبل الحرب حتى أصبح لدينا مستودع ذكريات متخم، يبتدأ من تذكر سعر ربطة الفجل إلى سعر السيارة؛ فقد يمتد حديث المقاهي الشعبية والسهرات العائلية لساعات حول مقارنة أسعار ليتر البينزين أو سندويش الفلافل أو علب السجائر بين الماضي والحاضر، أو الوقوف على أطلال حكايا السير في الطريق الفلاني دون أن يتم خطف أو “تشليح” أحد.

من المؤكد أن عجلة الإنماء لا تُدار إلى الوراء إلا لأخذ العبر أو لمقاربة التجارب وتتابع تقدمها، لكن من المؤسف أن يتجه المزاج الشعبي السوري نحو عامه العاشر وعينه إلى الوراء، وكأن هذا “الوراء” هو ما وقفت عنده آماني السوريين دون أي رغبه في تخطيه.

الإرتهان للذاكرة هذا تعدى كونه ارتهاناً معيشياً فقط بل وامتد حتى بدا واضحاً في الحياة السياسية والحريات وبات سقف الحرية هو نفسه سقف توفر الأمان فقط! مع تغافل مجحف لدور الحرية في النهوض الحضاري للأمم على جميع الأصعدة.

إذا قمنا باستعارة مجازية نستطيع القول بأن السوري أصبح لديه اكتناز قهري في الذاكرة؛ والاكتناز القهري “بحسب رابطة الصحة النفسية الاميركية” هو اضطراب يجعل الشخص المصاب به يحتفظ بشكل مفرط بالأشياء التي يعتبرها الآخرين لا تحمل قيمة تذكر؛ ويعاني أصحاب هذا الاضطراب من صعوبة مستمرة في التخلص من الممتلكات أو الافتراق عنها مما يؤدي الى الفوضى التي تعطل قدرتهم على استخدام مساحات المعيشة أو العمل.

بمعنى أن ذاكرة السوريين الآن لا تتسع -أو تضيق جداً- على ما يجب أن يملأها بما يساعد ببناء مستقبل أفضل.

لعل القاعدة التي تقول «التشخيص السليم نصف العلاج» هي أهم مرتكز يحتاج لمعرفته الشارع السوري اليوم حتى يتاح له في قادم السنين ولو تدريجياً الانعتاق من هذا الاكتناز فيتاح له إدخال عناصر أخرى لذاكرته تساهم في صنع المستقبل المرجو لسوريا و للسوريين داخل البلاد وخارجها.

اقرأ أيضاً: “أرواد”.. سياحة داخلية.. بريحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى