“راسي عم يوجعني”، صرخت زميلتي بالعمل بأعلى صوتها، لأقدّم لها الصيحة المعتادة: “خدي سيتامول”. قبل أن تباغتني بصراخ أكبر من سابقه: “سيتامول يا أرستقراطية”. نعم لقد تحوّل السيتامول إلى رفاهية، مع وصول ثمن الظرف الواحد إلى 7 آلاف ليرة.
سناك سوري-متابعات
وبينما تحوّل شراء ظرف سيتامول إلى ترف، أعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عن تصدير أدوية من سوريا إلى 23 دولة. بقيمة نحو 21 مليون يورو. (طب ظرف سيتامول بس، لناخد حبتين ونخفف وجع راس هالخبر).
وقال رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية، “محمد نبيل القصير”، في تصريحات نقلتها الوطن المحلية. إن تلبية احتياجات السوق المحلية أولوية، وتتم دراستها قبل عملية التصدير. (هي متل حبة قبل الأكل).
وبحسب “القصير”، فإن سوريا تضم 82 معمل أدوية، بإنتاج يفوق حاجة السوق والطلب محلياً. مشيراً أن التصدير بات حاجة ماسة للمعامل والمصانع لتصريف منتجاتها، علماً أن المعامل تصدر بين 30 إلى 40 بالمئة من إنتاجها.
وفي حديث “القصير” الكثير من علامات الاستفهام. خصوصاً عبارة “يفوق حاجة السوق والطلب محلياً”. فهناك الكثير من المرضى الذين توقفوا عن شراء الأدوية رغم حاجتهم لها، لارتفاع فاتورتها وعجزهم عن تأمين النقود اللازمة للشراء.
وتراجعت مبيعات الأدوية بنسبة 40 بالمئة تقريباً في سوريا نتيجة ارتفاع سعرها، كما قال نقيب صيادلة “دمشق”، الدكتور “حسن ديروان” العام 2023 الفائت. مضيفاً في تصريحات نقلتها ميلودي إف إم المحلية حينها، أن انخفاض مبيعات الأدوية يُعتبر خطيراً جداً، خصوصاً أن النسبة ليست بالقليلة. وينبغي إجراء دراسات حول نوعية الأدوية التي جرى تخفيض استخدامها من قبل المرضى، ومدى تأثيرها وخطورتها عليهم وعلى حياتهم.
وارتفعت أسعار الأدوية في سوريا بنسب كبيرة خلال العامين الفائتين. على سبيل المثال ارتفع سعر أدوية الالتهاب للأطفال من 10 آلاف ليرة قبل عام ونصف إلى نحو 45 ألف ليرة للعبوة الواحدة خلال العام الجاري.
21 مليون يورو.. ماذا استفاد منها المواطن؟
ولنفترض جدلاً أن تصدير الأدوية مهم لرفد خزينة الدولة، ما ينعكس إيجاباً على الخدمات المقدمة للمواطنين. فأين انعكست إيجاباً، وكيف تم استخدام تلك الأموال العامة؟
فالخدمات ماتزال سيئة، سواء الكهرباء، أو حتى مازوت النقل، وتحسين المعيشة الذي بات ضرباً من ضروب الخيال.
ولا يتوقف المثال على موضوع الأدوية، فحين تدعم الحكومة السياحة، تتحدث عن إيرادات كبيرة بالقطع الأجنبي أيضاً. ومع ذلك فإن المواطن مايزال ينتظر أن يلمس بعض نتائج السياسات الحكومية التي تراها الحكومة ناجحة!