الرئيسيةتقارير

بعد رفع سعره.. مواطنون قننوا دواءهم وآخرون يشترون بالظرف

ابتزاز أحياناً والراتب لا يكفي ثمن دواء بسعره الجديد.. كيف تتعاملون مع رفع سعر الأدوية؟

سناك سوري – مراسلون

متجاوزة كل آلامها وخوفها من أي نوبة مفاجئة قد تسبب تدهوراً جديداً في صحتها، قررت “ليلى شدود” من “طرطوس” أن تتناول دواءها المخصص للسكري والضغط بمعدل حبة واحدة كل يومين من كل نوع بدلاً من كل يوم، وذلك في محاولة منها للتقليل من مصروف الدواء الذي بات يشكل ضغطاً نفسياً ومادياً عليها كونها ستينية وحيدة، وراتب زوجها التقاعدي عشرين ألف ليرة سورية فقط لا يكفيها حتى ثمن الأدوية بعد ارتفاع سعرها مؤخراً.

قرار رفع أسعار الأدوية الأخير سبب المزيد من الضغط على حياة المواطنين، خاصة منهم من يضطرون لتناول الدواء يومياً  كأصحاب الأمراض المزمنة، لكن ورغم رفع سعره إلا أن بعض الصيادلة مازالوا يرفعون الأسعار زيادة عن سعرها المحدد بعد الرفع، كما حدث مع مريض القلب “الحارث ورد”، الذي قال لـ”سناك سوري”، إنه دفع ثمن دوائه في أحد صيدليات “طرطوس” مبلغ 7000 ليرة، رغم أن سعره بعد قرار رفع الأدوية الأخير أصبح 4792 ليرة، وسابقاً قبل القرار كان 3550 ليرة.

“ورد” واجه ابتزازاً من صاحب الصيدلية، الذي أخبره بأن الدواء مقطوع ويستطيع تأمينه من السوق السوداء، إنما عليه أن يدفع مبلغ أكبر، وتحت ضغط الحاجة وافق مريض القلب، كما قال.

الصيدلاني حسين محمد

بعض الصيادلة ومع قرار رفع الأسعار أغلقوا صيدلياتهم وأوقفوا عمليات البيع فيها إلى أن يتم الانتهاء من التسعير الجديد للدواء الموجود لديهم، فيما قال الصيدلاني “حسين محمد” إنه سمع عن بعض أصحاب معامل الأدوية الذين مازالوا غير راضين عن الأسعار، حتى أن هناك حديثاً عن فقدان أنواع معينة من الأدوية بغية رفع سعرها بعيداً عن أعين الرقابة، أما الأمر الأكثر خطورة فهو ظهور فوارق سعرية كبيرة تصل حوالي /3300/ ليرة لدواء الأزيترومايسين المنتج في تاميكو الحكومي، ونظيره المنتج في أحد معامل القطاع الخاص.

اقرأ أيضاً: سوريون يختصرون أدويتهم بسبب الغلاء

وسطياً الأمراض المزمنة تحتاج 25 ألف ليرة شهرياً 

من “دمشق” تؤكد الصيدلانية “آيات اللحام” التزامها التام بأسعار النقابة وهناك 70 بالمئة من برامج المحاسبة على أجهزة الكمبيوتر المتواجدة في الصيدليات تتعدل تلقائياً، كونها مربوطة مع كمبيوترات النقابة ولامجال للتلاعب فيها أبداً، لافتة إلى أن المواطنين بدأوا منذ صدور القرار بطلب علبتي دواء من نوع معين بدلاً من واحدة، وذلك خشية من ارتفاع سعره مرة أخرى أو انقطاعه من السوق.

الصيدلاني “أمجد الحسين” أوضح أن ارتفاع الأسعار طال بشكل كبير أدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية مرضى الضغط والسكر والقلب، ويروي لنا حجم الصدمة التي أصيب بها مواطن عندما علم مساء الخميس الماضي أن سعر ظرفي التهاب ومضاد وذمة وإبرة التهاب عشرة آلاف ليرة سورية.

يجري “الحسين” عملية حسابية بسيطة تبرهن أن حوالي 25 ألف ل.س بشكل وسطي هي تكلفة شهرية لأي مريض يعاني من الأمراض المزمنة ويحتاج لعلبة دوائية واحدة من كل نوع حسب وصفته الطبية، ويعطي مثالاً عن ارتفاع 3 أصناف دوائية هي من الأنواع الأكثر طلباً أبر (الروس فليكس ١٥٠٠) كان سعرها بلا المخدر و السيرانك ١٦٠٠ ل.س واليوم صار ٢١٠٠ل.س، حنجور (الاسبرين ٨١) كان بـ ٢٦٠٠ و اليوم صار ٣٥٠٠ ل.س.

نقابة الصيادلة في ريف “دمشق” تراقب التزام الصيدليات بالتسعيرة الصادرة عن وزارة الصحة، حسب ما أكدته عضو مجلس النقابة الدكتورة “إيمان الطه” مشيرة إلى أنهم يقومون بجولات مستمرة على الصيدليات، وأنها لاحظت من خلال الجولات التزام معظم الصيدليات بالأسعار، ودعت المواطنين للشكوى في حال خالفت أي صيدلية نشرة الأسعار عن طريق فروع النقابة في المحافظة.

اقرأ أيضاً: سوريا.. فقدان بعض الزمر الدوائية منذ ثلاثة أشهر ومطالبة برفع سعرها

تفاوت في درعا

يشكو “عبد الله المحاميد” 50 عاماً من سكان “درعا”، وجود تفاوت في الأسعار بين الصيدليات، بفارق يصل إلى 1000 ليرة لبعض الأنواع، كما يقول لـ”سناك سوري”، مضيفاً أن عدد كبير من المرضى الذين يعرفهم قرروا شراء أدويتهم بالظرف عوضاً عن العلبة الكاملة، لعدم امتلاك ثمنها.

بعض مستودعات الأدوية في المدينة تحتكر الأدوية منذ أكثر من ستة أشهر حسب ما أخبرنا به عدد من الصيادلة مفضلين عدم ذكر اسمهم، وهو ما سبب نقصاً في أنواع معينة مثل “الماجي هارت” وهو دواء خاص بعلاج الذبحة الصدرية، والألوان آسيا الذي فقد منذ فترة طويلة حسب الصيدلانية “أمل سويدان”، موضحة أنهم رفعوا الأسعار كصيادلة بذات يوم صدور القرار من الوزارة لأنهم سيحضرون أدوية بأسعار جديدة.

الطب البديل أصبح خياراً لبعض المرضى غير القادرين على شراء الأدوية وخاصة لأمراض الرشح والزكام وآلام المعدة حسب ملاحظات الصيدلاني “أكرم بخيت”، فهناك الكثيرون ممن يستخدمونه لعلاج أمراض مثل الانفلونزا وآلام المعدة، موضحاً أنهم كصيادلة يلجؤون لتغيير التسعيرة لتتناسب مع كل سعر جديد.

بدورها ترى الصيدلانية “رجاء السويدان” أن الدواء يحتاج إلى إعادة تسعير عن طريق حوار مجتمعي يضم كافة أطراف المنظومة بداية من المستهلك، والصانع، مروراً بالصيدلي والطبيب، وانتهاء بوزارة الصحة، معبرة عن أملها بتوفر الأدوية المفقودة ومنها “السبيرازول” وهو دواء للالتهابات و”الدي بوجيت ” الخاص لمرضى الضغط والمضادات الحيوية بشكل عام مثل اوغمانتين بأشكال شراب وحب، وازترومايسين للالتهابات الصدرية وتم توصيفه لجائحة كورونا، مشيرة إلى ارتفاع أسعار أنواع محددة منها “البيزكور” الخاص بالضغط من ألف ليرة إلى ألف و 300 ليرة سورية، وازيستوم ١٩٠٠ بعدما كان ١٤٠٠ليرة، وشراب السعال بشكل عام أصبح ١٣٠٠ بعدما كان ١٠٠٠ ليرة، والريموند ١٤٠٠ وكان ١١٠٠، وازيدكس ١٠٥٠ ليرتفع إلى ١٤٠٠ ليرة.

الدكتور وليد الداخول

نقيب صيادلة “درعا” الدكتور “وليد الداخول” رأى أنه يجب على لجنة التسعير في وزارة الصحة قبل أن ترفع سعر أي صنف من الأدوية، أن تبحث هل فعلاً المادة الخام المستخدمة في هذه الأصناف ارتفعت بالفعل أم لا؟، موضحاً أن هناك بعض الشركات لديها أنواع من الأدوية تعود بالمكسب على الشركة وأخرى تعود بالخسارة، فتقوم بزيادة أسعار الأدوية التي تكسب من ورائها ثم تقلل إنتاجها، وبالتالي يحدث نقص لها في السوق، ومن ثم تضغط على وزارة الصحة من هذا الباب، حتى تضطرها للموافقة على زيادة الأسعار.

اقرأ أيضاً: تكاليف الشحن ترفع أسعار الأدوية وشح في أدوية الضغط والقلب

الأسعار مرتفعة قياسا بالراتب

في “دير الزور” يشتكي المواطنون من قرار رفع أسعار الدواء الأخير، فالمعلمة “شيماء إسماعيل” تؤكد أن السعر كان مرتفعاً أصلاً بالنسبة لراتب الموظف الحكومي وتتساءل: «هل يعقل أن يصبح ظرف السيتامول بألف و 700 ليرة؟»، ومثلها الموظف “علي الخلف” الذي يعاني من أمراض الضغط والقلب، وثمن وصفته شهرياً كان قبل الغلاء يكلفه 12 ألف ليرة واليوم أصبح حوالي 16 ألف ليرة سورية وفي كثير من الأحيان لا تتوفر بعض الأنواع منها.

رئيس نقابة الصيادلة في “دير الزور” الدكتور “نزار عليوي”، أكد أن النقابة تعمل على تطبيق القرار وتسعير كافة الأصناف من أجل منع التلاعب في الأسواق وضبطها وفور الانتهاء من التسعيرة الجديدة وأنها ستقوم بضبط أي مخالفة بيع بسعر زائد أو احتكار لأي نوع دواء.

معاناة في السويداء أيضاً

في “السويداء” و بحساب بسيط لفاتورة دوائها وجدت “آدال الحلبي” ٤٨ عاما، أنها ستضطر لدفع مبلغ ٢٠ ألف ليرة تكلفة الدواء المطلوب لعلاجها من الدوالي وارتفاع الضغط المؤلف من تروكسفين والأسبرين والبزوكور والديزيريك التي زاد سعرها ٢٥٠٠ مع الارتفاع الأخير، علماً أنها تحتاج منها علبتين كل شهر ونصف عدا الاسبرين، حيث أصبحت تكلفة الوصفة لمرة واحدة ٩٧٠٠ ليرة سورية.

الصيادلة في “السويداء” رفضوا التصريح بأسمائهم بحجة أن النقابة منعتهم من الادلاء بأي تصريح لأي جهة إعلامية تحت مبرر أن قرار رفع الأسعار مركزي، موضحين أن إصدار قائمة موحدة بالأسعار خفف الإرباك على الصيدلاني حيث شملت القائمة كافة الأدوية وهذا شيء جيد وأنه يتم حساب النسبة بشكل واضح لكل دواء مما لايعرقل العمل، على حد تعبير من التقيناهم.

وأضافوا أن انقطاع الدواء المنتج محلياً مثل فينو ماكس وتروكسفين٣٠٠ مثلاً الذي لم يتجاوز سعره ٣٠٠٠ آلاف قبل التعرفة الأخيرة أجبر المرضى على اختيار البديل الأجنبي الذي تجاوز ١٤ ألفاً، وهذا ماحملهم أعباء مالية كبيرة، وأنه مهما ارتفع سعر الدواء المحلي يبقى أقل كلفة من الأجنبي وبديل جيد لا يمكن الاستغناء عنه.

الدكتور “أسد الأشقر” رئيس فرع نقابة الصيادلة أوضح أن النقابة تقوم بالرقابة وفق الأصول القانونية قبل وبعد القرار وبالشكل الاعتيادي، موجها ًرسالة للمواطن الذي يجد أن السعر أغلى مما عرض بالنشرة أن يتقدم بشكوى للنقابة مصطحباً علبة الدواء والوصفة والسعر مكتوباً والنقابة من واجبها المتابعة، كما يمكن للمواطن التقدم بشكوى لمديرية الصحة تتابعها الرقابة الدوائية.

المراسلون: صفاء صلال – رهان حبيب – نورس علي – هيثم علي -فاروق المضحي

اقرأ أيضاً: سوريا.. معامل الدواء تهدد بإيقاف إنتاجها بحال لم يرتفع السعر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى