الرئيسيةسوريا الجميلة

سوريا… مواطنون يعيدون تدوير الأدوية لعلاج مرضى آخرين

ظاهرة اجتماعية تنتشر بكثافة مؤخراً في القنيطرة جنوب سوريا

سناك سوري – شاهر جوهر

كل يوم صباحاً يزور العم “أبو منصور” المريض بالسكري صيدلية البلدة في الريف الجنوبي من محافظة “القنيطرة” بانتظار قيام ممن يسميهم “فاعلي الخير” الذين يضعون دواءاً مجانياً في الصيدلية يستخدم في علاج مرضه.

الأدوية الزائدة عن حاجة أصحابها إليها تصل إلى الصيدلية كل فترة بيد عدد من أفراد البلدة الذين لم تعد لهم حاجة لاستخدامها بسبب تعافيهم من المرض، أو الأدوية التي يتم فتح جزء منها وأصبحت فائضة عن الحاجة.

يقول “أبو جعفر”  وهو صاحب إحدى الصيدليات في المنطقة «أنا سمعت عن ظاهرة توزيع الألبسة المستعملة وتوزيع الخبز المجاني على الفقراء وغيرها لكن تعد ظاهرة إعادة توزيع الأدوية المستهلكة بشكل جزئي أو الفائضة عن الحاجة على الفقراء ممن لا يقدرون على شرائها، من الظواهر الجديدة في المجتمع، إنها بالفعل ظاهرة لطيفة ورائعة جداً تعكس حجم التضامن الاجتماعي بين أبناء المجتمع».

بدأت تلك الظاهرة حين أقدم شاب كان مريضاً بالتهاب معوي حاد بوضع أدويته بعد تعافيه من المرض في الصيدلية، وطلب من صاحب الصيدلية توزيعها على المرضى الفقراء ممن يبحثون عن هذا الدواء و لا قدرة لهم على شرائه، ثم سرعان ما قامت امرأة مسنة بنفس العمل، فتوالى السكان شيئاً فشيئاً لحذو الأمر بتكاتف اجتماعي رائع.

اقرأ أيضاً:مبادرة “سكبة خير” في “اللاذقية”.. يوم الجمعة ليس للعطلة عند فريق up التطوعي!

هل الأمر صحي ولا يسبب خطراً على المرضى ؟

يؤكد “أبو جعفر” في حديثه لـ “سناك سوري”:«لا يعد الأمر خطيراً أو مضراً بالصحة، فنحن نقوم بقراءة النشرة المرفقة مع الدواء وتاريخ صلاحيته ونرى إن كانت لازالت صالحة للاستعمال أم لا، كما أننا لا نقبل سوى الأدوية التي تم شراءها منذ أسبوعين أو ثلاثة أسابيع فقط وأصبحت زائدة عن حاجة المتبرع».

ما الذي يجعل هذه الظاهرة استثنائية في هذا التوقيت بالذات ؟

يرى “أحمد” وهو ممرض في مشفى “أباظة” في محافظة “القنيطرة” و أحد السكان في المنطقة أن هذه الظاهرة تلقى ترحيباً كبيراً من الجميع وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات وشح قسم كبير منها بسبب الحرب التي دمرت كل شيء، وكذلك بسبب استمرار الحصار المفروض على البلاد منذ سنوات، كما أن انتشار الأمراض والأوبئة في هذه المرحلة الانتقالية من فصل الشتاء لفصل الربيع تدفع لانتشار الأمراض بشكل كبير وتزايد الطلب على أدوية الأطفال. هذه الأسباب مع تزايد الفقر وقلة الدخل تجعل تلك الظاهرة فريدة من نوعها في المنطقة.

لم لا تتحول تلك الفكرة إلى مشروع ؟

عدد من أبناء المنطقة الذين رصد آراءهم سناك سوري يرون أن الأمر يستحق التطوير من قبل الجمعيات الطبية ومؤسسات المجتمع المدني المختصة بهذا الشأن من حيث الجودة والفاعلية وغيرها. وذلك للاستفادة قدر الإمكان من هذه الأدوية، في حين تحدث آخرون أبعد من ذلك، حين اقترحوا أن يتم التعاون والتنسيق مع مصانع الأدوية لتطوير الفكرة لمشروع يتم من خلاله توزيع الدواء مجاناً على الأحياء الفقيرة.

وفي استطلاع رأي أجراه “سناك سوري” على عدة شرائح من المجتمع في المحافظة تبين أن 60 % من الأدوية التي يشتريها المرضى يتم إتلافها ولا يُستهلك منها سوى 40 %، إما لتعافي المريض فيقوم برميها وإما لاستعماله دواء جديد فيخشى من تداخلات دوائية فيقوم أيضاً بإتلافه.

وسبق أن شهدت محافظات أخرى مبادرات اجتماعية مماثلة تظهر روح المحبة والألفة والإحساس بالآخر التي مازال السوريون يتمتعون بها بالرغم من كل ويلات ومآسي الحرب.

اقرأ أيضاً:“جرمانا” تضع الطعام في “البراد الخيري”: لا نريد لأحد أن يبحث عن كسرة الخبز في القمامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى