الرئيسيةفن

السلام عند السوريين: مصافحة.. قُبل.. تمجيق.. واحتضان.. ولكل محافظة طرقها

احتضان وتبويس في “طرطوس”.. الصغير هو من يبادر بالسلام في “السويداء”.. ونساء “القنيطرة” يبالغن في التقبيل

سناك سوري – مراسلون

تختلف التحية والسلام وطريقة المصافحة بين عدد من المحافظات والمناطق السورية كما أنها تختلف باختلاف الجنس والعمر في حين يحظى كبار السن ورجال الدين بمصافحة مختلفة، مراسلو سناك سوري رصدوا أنواع المصافحة وطرق تبادل السلام في عدد من المحافظات.

التحية هنا من حيث القول اللفظي نوعان: رسمية وأخرى ممكن أن نطلق عليها اسم التحية الشعبية أو الشارعية، فالرسمية تلك المتداولة في المجالس العشائرية أو العائلية أو المناسبات، حيث يحيي الشخص القادم الجميع بتحية (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، وهنا يرد الجلوس بنفس التحية (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، أما فيما يتعلق بالتحية الشعبية كتلك التي تصادف شخصاً في الشارع أو في العمل فهي في الغالب (وليست دائماً) تأخذ التحية المعتادة إما (صباح الخير أو مرحباً أو مساء الخير) وذلك وفق التوقيت الزمني، أما التحية كممارسة اجتماعية وسلوك فيزيولوجي فلها نمط مختلف، إذ تبدأ بالمصافحة باليد، وهي سلوك فيزيولوجي أساسي في المجتمع، وهذه التحية تتشارك بها معظم المحافظات والمناطق السورية.

التحية في “القنيطرة” تختلف من جيل لجيل ومن جنس لآخر

تختلف المصافحة بشكل نسبي بين جيل الشباب والجيل القديم، فالشباب حين يلتقون ببعضهم يقوموا بالمصافحة بوضع الكف بالكف والتسليم بالأيدي، في حين للجيل القديم عادة محببة، فالرجل حين يلتقي بصاحبه مثلاً في أي مكان ولكي يعبر له عن عظيم محبته له واشتياقه أو حتى ليخبره أنه يرغب في مؤازرته في محنته فهو يضع يده في يد صاحبه ويشد كفه بكفه بحرارة ويهزها بقوة، كما في بعض الأحيان يقوم المتصافحان بإمساك كوع يد الآخر باليد اليسرى. وهي أيضاً طريقة تتشارك فيها معظم المحافظات السورية.
أما المصافحة باليد بالنسبة للنسوة فهي سريعة، وأحياناً لا يتم اتباعها فيعوض عنها بالتقبيل والضم، فالنسوة في “القنيطرة” تبالغن في التقبيل خصوصاً نسوة الجيل القديم، فكثير منهن يقمنّ بالتقبيل من الشفاه ليعبرنّ عن محبتهنّ لبعض، وهي عادة باتت تتلاشى اليوم، فتقتصر القُبل على تقبيل الخدود أو وضع الخد على الخد.

 

اقرأ أيضاً: مبيت العروس عند جيران العريس… عادات سورية تجلب الحظ

وكذلك يفعل الشبان الذكور فهم يقومون بالمصافحة باليد و من ثم وضع الخد على الخد مرتين أو ثلاث مرات فقط، وهو أمر لا يحبذه الرجال المسنين وكبار السن وخصوصاً في المناسبات العشائرية، حيث يأخذ التقبيل سلوكاً مبالغاً به، يقوم الأشخاص بتقبيل الخد، وذلك بلثم الخد بالشفاه ولأكثر من ست مرات، ويتبعه ضم الشخص بحرارة، وفيما يتعلق بالتحية المتبادلة بين النساء والرجال فهي أسيرة العادات الاجتماعية المحافظة، فالمجتمع في “القنيطرة” محافظ نوعاً ما، ومن النادر أن تجد رجلاً يصافح امرأة باليد، إلا إن كانت قريبته أو ممن يخصه، فبذلك تكتفي التحية على التبادل اللفظي.

طرطوس: السلام احترام وعاطفة

يختلف السلام بين الأصدقاء المقربين مع اختلاف الجنس والعمر بينهم، وأول طريقة للسلام بين الفتيات، العبوطة (الحضن) دون التقبيل، أو مع اطلاق صوت القبل، حيث تزيد مدتها مع ازدياد مدة الغياب، أو أن تكون بالمصافحة مع تبادل قبلتين على الخدين، وقليلاً ما تكون بين فتاة وشاب، إذ يكون السلام هنا غالباً بمصافحة اليدين فقط.

ويختلف السلام بين الذكور من فئتي الشباب والمتقدمين بالعمر، حيث يكون سلام الشباب باليدين مع ملامسة الخدين الأيمن والأيسر وإطلاق صوت قبلة على كل منهما، بينما سلام من هم أكبر سناً يزيد بحركة ثالثة تكون بملامسة الخد الأيمن للمرة الثانية وإطلاق صوت قبلة.

وهذه الطرق بالسلام أو ما يسميها المعمرين “المصافحة” تغيرت ضمن الظروف الصحية الراهنة لتكتفي بسلام الأيدي وتقبيل الكتفين الأيمن والأيسر عوضاً عن الخدين.

في القرى الريفية البعيدة عن مدينة طرطوس كانت العادة بتقبيل الخدين الأيمن والأيسر بشكل مباشر وبعدد غير محدود من القبل، حيث كانت تسمى هذه القبل المتعددة والسريعة “تمجيق” وهي دليل على المحبة الزائدة والعلاقة الحميمية القوية، وخاصة من المعمرين لأبنائهم وأحفادهم، بينما تقليدياً يقبل الأبناء والأحفاد أيادي الأجداد والجدات والآباء والأمهات.

وقد أكد الباحث التراثي الاجتماعي “حسن إسماعيل” أن السلام وفق الطقس العام المتعارف عليه في الساحل السوري عامة و “طرطوس” خاصة يكون باليدين وملامسة الخدين الأيمن والأيسر مع ملامسة نصف الفم لكل خد ووضع قبلة عليه، وهذا مع مختلف الفئات العمرية، رغم أنه قد يعقب هذا السلام قبلة على الرأس من الشاب للجد أو الجدة وفي كثير من الأحيان قبلة على اليد اليمنى عربون احترام وتبجيل للمعمرين.

اقرأ أيضاً: قرع السطول وقرص ركبة العروس… عادات سورية تعرفوا عليها

السويداء: المصافحة وتقبيل الأيدي لكبار السن ورجال الدين

الفضل لمن يبادر بالتحية في السويداء فعادات السلام تسير على نهج علاقات العائلة الواحدة بحكم القرابة الشباب والكبار يسلمون بود وقبلات يمين ويسار وقد تزيد على ثلاثة على الخدين دون الكتف.
وتلقى التحية عند دخول أي شخص على جميع الحضور والسلام مصافحة باليد الرجال للرجال والنساء تصافح الرجال وتقبل النساء بعدد من القبلات أما لكبار السن فجرت العادة بتقبيل الرأس قبلة واحدة تكريماً ومحبة.
وسلام الشباب والشابات بذات الطريقة وبذات الود لكن تحية الشباب وقبلهم لبعضهم، قد تكون أكثر من ثلاثة مع الاحتضان.

طقس خاص لرجال الدين يصفه الشيخ “أبو إسماعيل حمد قطيش” أحد رجال الدين في “السويداء” في حديثه مع سناك سوري،:«يقوم الاثنين بتقبيل أيادي بعضهم البعض لمرة أو اثنتين أو ثلاثة، ويكون التقبيل حتى إن لم تكن هناك معرفة سابقة بينهما، هو نوع من الاحترام والمبادرة بالود».

عادات السلام عند رجال الدين في السويداء

وفق الطقس الديني ذاته لاتصافح المتدينات الرجال، وكذلك الرجل المتدينين ومن يرتدي الزي الديني لايصافح إلا الرجال، والسلام على النساء يكون بالكلام.
من المفيد أن نعرف مجموعة جمل تقال للسلام فعند دخول البيت صباحاً، يقول الداخل الله يصبحكم بالخير، ويكون الرد صبحكم بألف خير، ووقت الظهيرة السلام عليكم وعليكم السلام ، وفي المساء مسيكن بالخير، ويكون الرد مسيكن بألف خير.
ومما يعرف عن مجتمع “السويداء” أن الأهالي لايمرون بجانب بعضهم دون سلام بالكلام أو مصافحة ففي القرى من غير المقبول أن تمر بجانب أهالي قريتك دون إلقاء التحية.
اقترن السلام بعادات قديمة منها عندما يدخل أي شخص على مجلس لعدة أشخاص يقف الموجودون احتراماً له مهما كانت مكانته الاجتماعية، وحتى لو كان أي شخص على خلاف مع الشخص الداخل، ويبقى للشيوخ الأجلاء احترام يتم التعبير عنه بالوقوف للشيخ الجليل حيث يقوم الحاضرين بالسلام عليه وتقبيل يديه وفق طريقة السلام لرجال الدين أو رأسه، ويبقى السلام الباب الأول للتعارف في “السويداء” الذي يختتم بجملة كلنا أهل وأقارب وهذا واقع الحال.

للمتدينين وفي العزاء طقس مختلف

الحسكة: السلام واجب بلغات مختلفة وتجاهله عيب وخطأ

تتنوع طرق السلام والمصافحة في الجزيرة السورية، وتبقى تحية السلام واجباً أخلاقياً واجتماعياً بين أبنائها حتى إذا كانت المعرفة غائبة عنهم، فكثير منهم يعتبر تجاهل السلام عيباً وخطأ.

في كل لقاء بين الوجوه لابد من إلقاء التحية وبلغات مختلفة فالعربي كثيراً ما يسلم على الكردي بلغته “تجاوي” تعني “كيفك” وربما الكردي يسلم على السرياني “شلومو” وتعني مرحبا، والرد يكون باللغة ذاتها فالسرياني يرد على الكردي “مشينو” وتعني “أهلين” والكردي على العربي “از باشم” وتعني “أنا منيح”.

المصافحة والسلام بين الأطفال والكبار تكون عبر تقبيل الطفل ليد الكبير خاصة لوالده وجده وقائمة الأقرباء الأصلاء والفرعيين، والكبير يبادر بتقبيل رأسه، أمّا الشباب فتكون المصافحة بتقبيل الخدود وغالباً ما يكون على خد اليمين فقط، تكرر لمرتين او ثلاث مرات، هذه العادة عند العرب والأكراد، في كل مناسبة وزيارة، أحياناً في اليوم تتكرر أكثر من مرة، أمّا باقي الطوائف السريانية فالتقبيل في المناسبات الدينية فقط.

السلام بين الكبار والصغار في الحسكة

في الريف يكون التقبيل بين الجميع أطفال وكبار، نساء وفتيات خلال المناسبات “كالأعراس” والولائم، وفي الأعياد، وبعض القرى تشهد تقبيل الفتيات للشباب أيضاً لأنهم يعدون كل أفراد القرية أسرة واحدة.

بعض العشائر العربية يكون التقبيل عندها لدى الشباب والكبار من خلال تقبيل خد اليمين لمرة واحدة وقبلة خاطفة، هذه عندما تكون الزيارة رسمية أو اللقاء حصل بعد فترة انقطاع حتى لو كانت أيام معدودة، أو أثناء زيارة الربعة “المضافة”، مع دخول الربعة يكون السلام عاماً للجميع، ومن آداب الربعات نهوض الكل واستقبال الضيوف، وتبدأ المصافحات من اليمين حتى الوصول لأخر شخص في الربعة حتى إذا كان طفلاً، لابد من مصافحته والسلام عليه، وإذا تمت مصافحة شخص، فالأولى تقبيل كل من في الربعة، حتى إذا لم تكن المعرفة قائمة بينهم.

السلام تكون بلغات مختلفة وبكلمات مختلفة أيضا، فالسلام عليكم هي المستخدم بالدرجة الأولى في المدن وبين مختلف أطياف سكانها، ثم تأتي بعدها كلمة “مرحبا” وتلحق بها مباشرة “شلونك”، والأكراد مع بعضهم الأكثر تداولاً “روج باش” أي “نهارك سعيد” ويلحق بها دون فاصل “تجاوي” أي “كيفك”، أمّا السريان فيسلم بتحيته المتعارف بينهم “شلومو” تعني “مرحبا” ويردف بها مباشرة “أيدربوهات” وتعني “كيفك”، والجواب عن الحال وفي الحالات الثلاث بالسرياني والكردي والعربي “الحمد لله”.

أحياناً أخرى نسمع تحية السلام بكلمات أخرى في مناطق معينة منها “بالخير يا جماعة الخير”.. وأحياناً “بالخير يا مال الخير”…حتى لو كان السلام لشخص واحد يقول: بالخير، وكثيراً ما نسمعها عند البدو، ويكون الترحيب على الشكل التالي: حياك الله او للجماعة حياكم الله…يا هلا من ملكاكم لي ملفاكم…أي أهلا وسهلاً من مكان انطلاقتكم حتى وصولكم إلينا، هذه عادة ما تكون في الربعات ويكون الاستقبال بأبهى صوره وأفضل الكلمات بغض النظر عن أهمية الضيف، لأنها تقدير للربعة والمضيّف.

في قرى قليلة وعند بعض الأشخاص نجد كلمات ترحيبية ومصافحة من شكل آخر في الجزيرة السورية كأن يقول الزائر بعد السلام عليكم وعند المصافحة: “خشمك. خشمك” أي المصافحة عبر “الأنف”.

المراسلون: نورس علي، رهان حبيب، شعيب أحمد، عبد العظيم عبدالله

مصافحة الرجال في الحسكة

اقرأ أيضاً: 5 عادات طبيّة لن تصدّقوا أنها لازالت موجودة في سوريا

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى