الرئيسيةفن

نزار قباني… العائد لدمشق بعد 60 عاماً بحثاً عن حبل مشيمته

نزار قباني: عزيزي المسلح.. ﻗﺮﺭﻧﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻄﻊ ﺫﺭﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ

سناك سوري – عمرو مجدح

في مثل هذا اليوم من عام 1998 خيم الحزن على مدينة “دمشق” ومشى العشرات خلف نعش شاعر المرأة والحب “نزار قباني” القادم من عاصمة الضباب “لندن” ليحتضن جسده مدينته الأم مجدداً.

هو “الدمشقي الذي لو شرحتهم جسده لسال منه عناقيد وتفاح ولو فتحـتم شرايينه سمعتم في دمه أصوات من راحوا”. والذي تساءل يوماً : “هل مرايا “دمشق” تعرف وجهي من جديد أم غيرتني السنين ؟” هو العائد إلى “دمشق” ممتطياً صهوة سحابة بعد ستين عاماً ليبحث عن حبل مشيمته ويصيح قائلا ً: “ها هي الشام بعد فرقة دهر
أنهر سبعة وحور عين
آه يا شام كيف أشرح ما بي
وأنا فيك دائما مسكون
يا دمشق التي تفشى شذاها
تحت جلدي كأنه الزيزفون
قادم من مدائن الريح وحدي
فاحتضني كالطفل يا قاسيون
أهي مجنونة بشوقي إليها
هذه الشام أم أنا المجنون؟”.

ورغم المحاولات في حصر حفيد “أبو خليل القباني” في لقب “شاعرة المرأة” الا أنه كان مرتبطاً بالأرض ومهموماً بالوطن والقضية وسجل عدة مواقف وطنية وسياسية في قصائده منها “هوامش على دفتر النكسة” و “متى يعلنون وفاة العرب؟”، كما عايش جرح “بيروت” وجنون حربها الأهلية وخاطب مسلح الحرب دون أن يدري أن كلماته تلك سيكررها مشهد الحرب في بلاده بعد عقود قائلاً : «ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﺏ.. ﻳﺎﻋﺰﻳﺰﻱ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺗﺴﺎﻭﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ.. ﻭﺗﺴﺎﻭﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻗﺒﻮﺭﻧﺎ.. ﻭﻋﺪﺩ ﻣﻮﺗﻨﺎ.. ﻓﻬﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺑﻬﺎ.. ﺃﻥ ﺃﺳﻠﻤﻚ ﺟﺜﺔ ﻭﺗﺴﻠﻤﻨﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺟﺜﺔ؟ ﻭﺑﺪﻻ‌ً ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﻋﺪﺩ ﺃﻭﻻ‌ﺩﻱ.. ﻭﻋﺪﺩ ﺃﻭﻻ‌ﺩﻙ.. ﻭﻳﻜﺒﺮ ﺍﻟﻮﻃﻦ.. ﻗﺮﺭﻧﺎ ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻘﻄﻊ ﺫﺭﻳﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ.. ﻭﻧﺬﺑﺢ ﻛﻞ ﺃﻃﻔﺎﻟﻪ ﻭﻧﺮﻣﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ».

اقرأ أيضاً: نزار قباني يُعيد سلاف فواخرجي إلى السينما.. فما علاقة كورونا؟

عانقت حروف قصائد “القباني” حناجر أهم مطربي العالم العربي من “عبد الحليم حافظ” و”نجاة الصغيرة” إلى “ماجدة الرومي” و”كاظم الساهر” وجمعت بين “سيدتي الطرب” كوكب الشرق “أم كلثوم” وجارة القمر “فيروز” كمن يجمع الليل والنهار فصاحت “أم كلثوم” “أصبح عندي الآن بندقية إلى فلسطين خذوني معكم”، وأنشدت “فيروز” “هواك يابردى كالسيف يسكنني..وما ملكت لأمر الحب تبديلا”.

كتبت الأديبة السورية “غادة السمان” في رحيل قريبها “القباني” : «أبكيك يا نزار بلا تحفظ والياسمين في حداد وقد ارتدى السواد أبكيك ونباتات أمك “خالتو فايزة” أم اليد الخضراء تبكيك معي والنارنج والنرجس والفل والحبق والهرجايا والكباد والشاب الظريف يبكونك معي».

اقرأ أيضاً: نزار قباني في حوار استثنائي مع نفسه هكذا أجاب

لم يغب “نزار قباني” عن الدراما ففي عام 1999 وفي الجزء الأول من مسلسل “الفصول الأربعة” تأليف “دلع الرحبي” و”ريم حنا”، إخراج “حاتم علي” قدموا في إحدى الحلقات تحية إلى روح “نزار قباني” مستعرضين تأثر العائلات السورية بخبر رحيله وعلاقة السوريين وارتباطهم بأشعاره.

وفي عام 2005 أنتج مسلسل “نزار قباني” وهو سيرة ذاتية عن حياة الشاعر سيناريو “قمر الزمان علوش” وإخراج “باسل الخطيب” وقام بتأدية دوره في مرحلة الشباب “تيم حسن” وفي مرحلة النضج “سلوم حداد” وشهد المسلسل وكأغلب مسلسلات السير الذاتية خلافاً حول بعض النقاط في السيرة أما الأزمة الأكبر فكانت مع الورثة أبناء “نزار قباني” الذين حاولوا منذ بداية الإعلان عن العمل إيقاف تصويره ومنع خروجه إلى النور واستمرت هذه الأزمة حتى بعد استكمال المسلسل وعرضه.

يذكر أن “نزار قباني” عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في “لندن” حتى وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، “دمشق”، وكانت قد أطلقت محافظة “دمشق” اسمه على الشارع الذي ولد فيه، وكتب “القباني” حينها إثر قرار المحافظة: «هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ، هو هدية العمر وهو أجمل بيت أمتلكه على تراب الجنّة. تذكروا أنني كنت يومًا ولداً من أولاد هذا الشارع لعبت فوق حجارته وقطفت أزهاره، وبللت أصابعي بماء نوافيره».

اقرأ أيضاً: صاحب منزل الشاعر نزار قباني يوضح حقيقة البيع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى