المواجهة التي غيّرت مسار التاريخ العربي
سناك سوري-دمشق
تحلُّ في 5 حزيران الذكرى 52 لنكسة 1967 التي شكّلت أبرز الهزائم التي تعرّض لها العرب أمام كيان الاحتلال.
الحرب التي لم تنتهِ بعد خسرَ خلالها العرب معظم الأراضي التي لا تزال تحت الاحتلال حتى اللحظة، ولم تكلّف كيان الاحتلال سوى 6 أيام ليجتاح كل تلك المناطق.
كانت صبيحة 5 حزيران أكثر اللحظات كارثية في التاريخ المعاصر للدول العربية، حيث هاجم طيران الاحتلال المطارات العسكرية في “مصر” و”سوريا” و”الأردن” و”العراق” بشكل مباغت واستطاع تدمير معظم سلاح الجو المصري وثلثي الطائرات السورية وعددٍ من الطائرات الأردنية والعراقية خلال اليوم الأول من المعركة.
بعد 3 أيام فقط كانت قوات الاحتلال قد سيطرت بشكل تام على “سيناء” المصرية فيما سقطت “الضفة الغربية” خلال يومين فقط عقب انسحاب الجيش الأردني وبعض الكتائب العراقية أمام هجمات قوات الاحتلال.
على الجبهة السورية شكّل تدمير الطائرات في اليوم الأول ضربةً قاصمة للجيش السوري الذي حاول حشد قواته الدفاعية بالقرب من نهر الأردن تحسّباً لهجوم برّي محتمل لقوات الاحتلال وهو ما تمّ فعلاً فجر 9 حزيران على الرغم من إعلان الموافقة السورية على وقف إطلاق النار الذي أعلنه مجلس الأمن الدولي منذ يوم 6 حزيران.
أعطى وزير حرب الاحتلال “موشيه دايان” أوامره لبدء العملية ضد “سوريا”، حيث تفرّغت قوات الاحتلال للقتال على الجبهة السورية بعد انهيار الجبهة المصرية تماماً وإتمام احتلال الضفة الغربية و”القدس” بشكل كامل، فيما لعبَ تخلي “الاتحاد السوفييتي” عن التدخل لوقف هجوم الاحتلال دوراً هاماً في استمرار العملية العسكرية.
القوات السورية تمكّنت من الصمود أمام الهجمات المكثفة طوال يوم 9 حزيران إلا أنها حوصِرت في اليوم التالي في هضبة “الجولان” بسبب تحييد سلاح الجو السوري المدمّر وصعوبة تحرّك الدبابات السورية في المناطق المحيطة ببحيرة “طبريا” وضعف شبكة الاتصالات بين الوحدات العسكرية.وفقاً لمصادر عسكرية شهدت تلك الحرب.
اقرأ أيضاً: 52 عاماً مضت على نزوحهم.. نازحو “الجولان” لا بديل عن العودة
انسحبت القوات السورية تحت كثافة الضربات والخسائر، ووقع “الجولان” و”القنيطرة” تحت الاحتلال، فيما لم يلتزم كيان الاحتلال بقرار مجلس الأمن الدولي 242 الذي ينص على الانسحاب من كافة المناطق التي احتُلّت في حرب حزيران.
لم يتخلَّ الجانب السوري عن حقّه في الأراضي المحتلة، ولم توقّع “سوريا” طوال العقود اللاحقة اتفاق سلام مع الاحتلال على غرار ما فعلت “مصر” و”الأردن” ومنظمة التحرير الفلسطينية.
من أهم أسباب نكسة “حزيران” أن الجيوش العربية كانت تعمل في السياسة أكثر من عملها في “العسكرة”، حيث كان الضباط خبراء بالانقلابات وشؤون الحكم أكثر من خبرتهم بالاستنفار، يقول ملحق عسكري سوفييت سابق في منطقتنا إن جاهزية الطيارين في عام 1967 كانت في المقاهي ولم تكن على مدرج الطائرة، والمقاهي هنا كانت المكان الذي تدور فيه أحاديث السياسة وتتابع أحداثها.
تمكّنت “سوريا” لاحقاً من استعادة “القنيطرة” خلال حرب تشرين 1973 وكادت تستعيد كامل “الجولان” لولا توقّف الجبهة المصرية عن القتال، بينما رفض الرئيس السوري الراحل “حافظ الأسد” عرضاً من الاحتلال بالانسحاب من “الجولان” لكن مع الاحتفاظ ببحيرة “طبريا” مقابل الموافقة على تطبيع العلاقات مع الاحتلال.
خلال حرب تشرين كان قد حدث تحول نوعي في الجيش السوري الذي قاده حينها الرئيس حافظ الأسد، وعادت جاهزية الطيارين إلى مدرجات الطائرة، وتم تحييد الجيش تماما ً عن التجاذبات السياسية.
سلّم كل جيران “سوريا” للاحتلال وعانقوه عناق الأخوة، في “مصر” و”الأردن و”تركيا” وحتى في “الضفة الغربية” وتُركت سوريا وحيدة في مواجهة استمرت قرابة خمسين عاماً مع الاحتلال وماتزال، خلال العقود الطويلة لهذه المواجهة حاول كل الذين وقعوا اتفاقيات السلام مع “الاحتلال” أن يرددوا روايات الاحتلال حول أحداث المنطقة ليس لشيء سوى لكي يحفظوا بعض ماء وجههم عن طريق انتقاد سوريا التي لم تُسلم ولم توقع ودفعت ثمناً غالياً لذلك.
52 عاماً لا تزال فيها آثار نكسة حزيران حاضرة، وآخر تداعياتها قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بسيادة الاحتلال على “الجولان” إلا أن الجبهة السورية التي لم تستسلم ولم تساوم على الاستسلام تبقى الأخطر على كيان الاحتلال الذي يدرك ذلك جيداً.
اقرأ أيضاً: أهالي الجولان: يرفضون الطاعة للمحتل وأبناء القنيطرة يحرقون ورقة “حسن الجوار”