الرئيسيةشباب ومجتمع

العادات والتقاليد: تواطؤ القوانين وغياب الحماية والاستقلال الاقتصادي للمرأة

ما المطلوب من نتائج الأبحاث المتعلقة بالمرأة في سوريا؟

اثنتا عشر عاماً تفصل تقرير “الوضع الراهن للمرأة والجندر في “سوريا”، الذي أعدته حينها الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان الحكومية، وبين تقرير حالة الجندر والمساواة الذي صدر قبل أيام عن مبادرة “المساحة المشتركة”، ثمة تحدي بقي قائماً وهو العادات والتقاليد والأعراف.

سناك سوري – لينا ديوب

عرض التقرير الأول التقدم المحرز في مجالي العلم والعمل للنساء السوريات والوصول إلى مراكز صنع القرار، عاد في بند التحليل ليوضح أن الشق القيمي والثقافي لا يزال يخضع حياة المرأة لقواعد ثوابت سلوكية تجد أساسها الموضوعي في تقاسم الأدوار الذي تعيد إنتاجه الثقافة الأبوية، وإن كان يتفاوت ذلك حسب آليات الضغط الاجتماعي الذي يشرط الإكراه الذي تمارسه الأسرة أو العائلة، أي بقيت العادات والأعراف هي المتحكمة بالحياة الخاصة للنساء.

عاد التقرير الثاني اليوم ليقول: «لم تكن عشر سنوات من النزاع كفيلة بتغيير أو تحدي العادات المجتمعية الراسخة، وربما يخالف الناس العادات في ممارساتهم اليومية، إلا أنهم فـي النهايـة يرجعون إلى مبادئهم المتجذرة منذ زمن بما يتعلق بقضية حقوق المرأة».

هنا يمكن السؤال، هل المطلوب من التقارير الناتجة عن الأبحاث المتعلقة بالمرأة الوقوف عند نقطة وصف واقع الحال، دون الانتقال إلى تعقب ثبات أثر العادات والتقاليد، إذا كانت التقارير الحكومية متعثرة بسبب البيروقراطية ماذا عن تقارير المجتمع المدني؟.

لا تفتقر الناشطات النسويات السوريات إلى الخبرة القانونية والاجتماعية، ويمتلكن المزيد من المعرفة والممارسة حول الكيفية للدخول لتلك العادات التي ربما كانت يوماً ما مفيدة، إلا أنها لم تعد توائم التقدم الذي حققته قبل الحرب، ولا التغيرات التي فرضتها الحرب نفسها من خروج نساء كثيرات إلى العمل والمساهمة بالإعالة، إن استمرار تلك التقارير بالحديث عن تفوق العادات والتقاليد حتى اليوم يدفعنا للسؤال عن قوة تأثيرها؟

كبش فداء

ترى الناشطة النسوية “رهام مرشد” في حديثها مع سناك سوري، أن الخوف من النبذ الاجتماعي، هو الذي يدفع شريحة من الناس خصوصاً النساء للالتزام بالعادات والتقاليد، لأن المرأة التي تخرج عن العادات بشكل أتوماتيكي تتعرض للنبذ في بعض المجتمعات، وهذا يفقدها الحماية الاجتماعية، والدعم من الأسرة، والدعم العاطفي، كما يفقدها السمعة.

حماية الأسرة مهمة جداً لأن القوانين لا تحمي، حتى لو كانت النساء تعمل وتساهم بالإعالة، حتى لو حصلت على درجات علمية متقدمة، تقول مرشد وتضيف مثالاً عن امرأة مستقلة مادياً في مجتمع منغلق غارق بالعادات والتقاليد وتريد العيش لوحدها، لن يتقبل مجتمعها خروجها من بيت أهلها إلا لبيت زوجها، أيضاً الزواج ضد رغبة الأهل، وحتى السفر، كلها تتبع العادات والتقاليد، وحسب “مرشد” التي تعطي أهمية للاستقلال الاقتصادي للنساء، فهن بالغالبية العظمى، لا يتمتعن بدخول عالية ولا يمتلكن الأصول المالية كالعقارات وغيرها التي تساندها على كسر العادات، وقد تحرم من الدعم المالي في حال خالفت الأهل وعاداتهم.

اقرأ أيضاً: المرأة عدوة المرأة.. أقوال تكرس التمييز وتقلل من مكانتها

تواطؤ القانون

هناك نقطة في قانون الإرث لها علاقة بدعم التقاليد والأعراف، حسب المحامية “رهادة عبدوش” وهي تنازل نساء العائلة عن حصصهن أثناء كتابة وثيقة حصر الإرث، وخاصة في الأرياف، مضيفة أنه في “مصر” تم العمل على هذه النقطة بتسجيل الحصة باسم الفتاة، لإعطائها فرصة أن تصبح ملكاً لها قبل أن تخجل وتتنازل عنها للأخوة الذكور.

تتحدث “عبدوش” لـ”سناك سوري”، أيضاً عن عادة الزواج المبكر والتسرب المدرسي، فالقانون جيد لكن التنفيذ سيء، بينما حدد سن الزواج بـ17 للفتاة و18 للشاب، ترك المجال للقاضي ليقرر إن كان جسم الفتاة حتى لو كانت تحت السن القانونية يسمح بالزواج، هذا يجب أن يلغى، مضيفة أن الغاءه مع تفعيل قانون التسرب المدرسي يؤدي الى تراجع الزواج المبكر وعندها نزيد التضييق على عادة الزواج المبكر.

خيارنا التدخل

ترى الدكتورة “هلا الشاش” عضو المجلس الاستشاري النسائي، أن العادات والتقاليد التي تعيق التقدم هي بنفس الوقت تلعب دور الأمان للممارسات والسلوكيات المعتادة عليها، ويشعر الناس بمزيد من الأمان كلما كرروها أكثر وبأنهم لن يدخلوا  بمساحات الخطأ، وهذا يمتد على جميع النواحي الاجتماعية والعمل، يشعرن بالأمان المرتكز على التقليد، وكل عادة وتقليد أصبح عادة وتقليد عندما كان بوقته مميز ومن ثم شرعه الزمن، لكن عندما بصبح عائقاً بوجه التقدم يصبح غير مقبول والاستسلام له يعني الوقوف في مكاننا، ولا خيار لنا حينها سوى التدخل فيها لتكون إيجابية ولصالح النساء، وهنا على القوانين أن تكون مرنة وتشكل حماية ونفطة أمان.

نحو الأمام

العادات التي تجدها التقارير تحدي حتى اليوم، يمكن تفكيكها بالمزيد من العمل على تغيير القوانين والمزيد من تحقيق الاستقلال الاقتصادي للنساء، وألا تكون حجة لتقاعسنا وتعثرنا بتحقيق تقدم جديد لمجتمعنا.

اقرأ أيضاً: نساء عربيات يحملن السلاح في الشمال .. الانقلاب على العادات والتقاليد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى