طلعت الرفاعي.. أول سوريّة تمثل بلادها في الجامعة العربية
فضّلت طريق النضال عن أن تقبع في بيتها وطالبت عبد الناصر بمنع تعدد الزوجات
“إني أرشح نفسي اليوم للانتخابات ويدفعني إلى ذلك شعور قوي أفاخر به. شعور المرأة العربية، شخصيتها الجريئة، تحملها للجهد، وطنيتها العجيبة، ذكاؤها العجيب، وثقافتها على وجه العموم، الواضح المعالم. وأنا شخصياً فضلت طريق النضال منذ أول عمري كنت أستطيع أن أقبع في بيتي مكتفية بعملي وبما وهبني الله. ولكن هذا يعد جبناً وتمرداً على أمتنا التي وهبتنا المعرفة والعلم والرزق، وهبتنا كل شيء، فحق علينا أن نرد دينها بشتى الطرق والألوان”.
سناك سوري- دمشق
بهذه الكلمات التي نقلتها جريدة “الوطن” أعلنت الشاعرة السورية “طلعت الرفاعي” ترشيحها للبرلمان السوري عام 1954. عندما دعيت إلى انتخابات برلمانية جديدة عقب الإطاحة بحكم “أديب الشيشكلي” وتعد السيدة الثانية التي ترشح نفسها بعد “ثريا الحافظ” عام 1953. بعدما حصلت المرأة السورية على حق الترشح لمجلس الشعب وعلى الرغم من عدم تمكنهما من حجز مقاعد في البرلمان السوري. إلا أنهما فتحتا المجال أمام المرأة السورية للمشاركة في الحياة السياسية.
اقرأ أيضاً: الشاعر السوري عادل محمود يفارق الحياة بريئاً كسراب
تعد “الرفاعي” من أبرز الشاعرات اللواتي ظهرن في خمسينيات القرن الماضي وكانت قد حولت بيتها في حي المهاجرين الدمشقي. إلى ملتقى شعري تحت اسم “بيت الشعر والحكمة”. تناولت في نتاجها الأدبي العديد من الدراسات النقدية وترجمت أشعارها إلى عدة لغات. كما كتبت عنها الصحف الفرنسية والروسية الا أن إقامتها في مصر منذ الستينيات وانخراطها في العمل السياسي والعام أبعدها عن الخارطة الثقافية السورية.
سيرة ذاتية
وبحسب المراجع فتاريخ ولادة “الرفاعي” يعود للعام 1922 في “دمشق” وتنتمي أصول عائلتها إلى محافظة “حمص”. حصلت على إجازة في الحقوق من “جامعة دمشق” 1947 وعلى الدكتوراه في الحقوق والاقتصاد من جامعة “البنتيون” في “باريس” 1955. وقامت بدراسات الفلسفة والآداب العالمية من “السوربون”.
في العام 1964 أصبحت طلعت الرفاعي أول امرأة سورية وعربية تمثل بلادها في “جامعة الدول العربية” بدرجة وزير مفوض. وأول سيدة تتولى ملف الشؤون الفلسطينية فيها. كما انتخبت أمين عام مساعد لاتحاد المغتربين العرب في “جنيف”.
تصدر اسم الرفاعي العديد من الصحف السورية والعربية فقالت في حوار مع جريدة “الينبوع “. عام 1958: «لستُ أدري لماذا يكسو الجليد أقلام أدبائنا وشعرائنا في هذا الظرف الذي يتطلب جهداً وعملاً متواصلين». تحدثت لجريدة “الحياة” 1968 حول مفهوم وأنواع الكفاح قائلة: «إن إنواع الكفاح ليست واحدة، ولا تقتصر على حمل السلاح. فكل عمل إيجابي هو كفاح من أجل الوطن». أما جريدة “الوثبة” 1975 عنونت ندائها وهي تقول: “يا نساء العرب اتحدن في مواجهة الرجال”.
ينقل كتاب “هدى جمال عبد الناصر” المجموعة الكاملة لخطب وتصريحات الرئيس جمال عبد الناصر “تفاصيل لقاء عبد الناصر بالوفد النسائي في “دمشق”. ابان عهد الوحدة بين مصر وسوريا وكانت الشاعرة “طلعت الرفاعي” في مقدمة الوفد طالبت من خلال كلمتها “عبد الناصر” بمنع تعدد الزوجات. قائلة: «نريد هذه الأسطوانة القديمة التي مازلنا نسمعها دائماً أن تنتهي. وأن هناك فقط مواطن ومواطنة، ولا يوجد تعدد الزوجات وغير ذلك». ليجيبها “الرئيس” مؤكداً أن الأسرة أساس المجتمع.
اقرأ أيضاً: الشاعرة التي أحبها “الماغوط” وبقيت في الظل
جائزة نوبل
في العام 2005 رشحت وزارة الثقافة السورية الدكتورة “طلعت الرفاعي” بشكل رسمي لنيل جائزة “نوبل” السويدية. والجدير بالذكر أن “الرفاعي”حائزة على وسام القوات المسلحة من جمهورية مصر العربية وعلى وسام الاستحقاق الثقافي من الجمهورية التونسية. أصدرت عدد من المؤلفات والدواوين منها: “مهرجان الشروق”، “فتاة من القدس”، “حسناء قاهرتي”، “مناضلة عربية” ، “زلزال في قصر العدل” ، “اذا اقبل الحب”، “حدائق النار”.
منذ بداية الألفية توارت الرفاعي عن الأضواء وأصبح ظهورها خجولا ولا نجد لها حوارات حديثة أو لقاءات مرئية ومسموعة سوى بعض القصائد الصوتية. التي رفعت على موقع اليوتيوب والتي يظهر من خلالها صوتها المتعب وتبين القصائد أن الشاعرة ما زالت تتابع أحداث العالم. فقصيدة “بيروت” تناولت من خلالها حادثة انفجار مرفأ بيروت كما عنونت قصيدة أخرى بـ”مرايا كورونا” حول الفايروس الذي اجتاح العالم 2020.