الرئيسيةتقارير

رحلة التراسل في سوريا.. من البريد الورقي إلى الواتس اب

في اليوم العالمي للبريد: تعرفوا على مراحل تطور التراسل في سوريا

سناك سوري – شاهر جوهر

خلال ربع قرن قفزت وسائل التواصل الاجتماعي قفزة كبيرة في “سوريا”، فحتى وقت ليس ببعيد كان البريد الورقي في البلاد هو أبرز وسائل التواصل الاجتماعي والمراسلة بين الأشخاص في قطع جغرافية متباعدة.

وبمناسبة اليوم العالمي للبريد و كتجربة شخصية أذكر في النصف الثاني من التسعينيات أن السبل تقطعت بين عائلات في الريف جنوب البلاد القريبة من الحدود مع “الأردن” مع أقرباء لهم في الداخل الأردني، وسيلة التواصل الوحيدة لتلك العائلات حينها كانت البريد الورقي، وهي وسيلة تم توارثها من العهد الأموي، وذلك من خلال كتابة رسالة ورقية وإرسالها مع ساعي البريد والتي كانت تصل ليد الشخص المطلوب خلال عام على وجه السرعة، لكن المدة كانت تقل حين يتم إرسال البريد مع شخص يرغب في العبور من أو إلى بلد المرسل إليه حيث تتسارع العائلات في كتابة رسائل الاطمئنان على أقاربهم وأحبائهم وإرفاقها مع ذاك الزائر، وتشبه هذه الطريقة في المراسلة، نوعاً ما، ما كانت تفعله فرق الخيّالة في العهد المملوكي، كما عرف السكان في تلك الحقبة ميزة الرسائل الصوتية حيث كان الأشخاص يقومون بتسجيل محادثة مطولة في شريط كاسيت من خلال مسجل الأغاني التقليدي ومن ثم إرساله لأقربائهم مع شخص مسافر.

بالعموم عرف السوريون الرسائل منذ القديم فقد بدأوا بكتابتها على الألواح الطينية، تلا ذلك استعمال أوراق الشجر وقطع الخشب من ثم الجلود وكانت ترسل في العموم من خلال الرحلات التجارية.

إلا أن البريد بدأ بشكل فعلي ومنظم على يد الخليفة الأموي “معاوية بن أبي سفيان” في عهد الدولة الأموية، وهو الذي وضع النظام الأول للبريد العربي، وتابع تطوير عمله من بعده “عبد الملك بن مروان”، حيث بلغ عدد محطات البريد في أيام الدولة الأموية ما يقرب من الألف محطة، منتشرة في معظم أرجاء الدولة، وكان لكل محطة رئيسها الذي يراقب السعاة والخيول، وشملت كل محطة مجموعة من الجياد القوية، ليقوم ساعي البريد باستبدال حصانه المجهد بآخر لمواصلة إرسال البريد بأسرع ما يمكن.

تطورت فكرة البريد في العهد المملوكي في عهد “الظاهر بيبرس”، الذي اعتمد على شبكة “مكاتب الخيالة”، كما تم استخدام الحمام الزاجل للمرة الأولى في عهده في نقل الرسائل العسكرية.

وحتى هزيمة الدولة العثمانية عملت في “سوريا” شبكة واسعة من مكاتب البريد التركية. كما كان مكتب بريد فرنسي يعمل بين عامي 1852 و 1914 ومكتب مصري في “اللاذقية” من 1870 إلى 1872.

اقرأ أيضاً: الاتصالات تحذر المواطنين من الاحتيال وانتهاك الخصوصية

لكن تعد فترة الخمسينيات من القرن الماضي، العصر الذهبي للبريد في “سوريا”، حيث تطورت المراسلات البريدية الشخصية، وبدأ استخدام الهاتف الأرضي لكنه كان مخصص لشريحة معينة من السوريين في بعض المدن ما جعل الاعتماد الأكثر في التواصل مع الآخرين يقف على المراسلات البريدية الشخصية.

تلا ذلك استحداث المؤسسة العامة للبريد في العام 1975 بموجب المرسوم /1936/، وعرفت على أنها مؤسسة عامة ذات طابع خدمي واقتصادي ترتبط بوزارة الاتصالات والتقانة مركزها الرئيسي “دمشق” ولها فروع ومكاتب وشعب في كافة مراكز المدن السورية.

ثم ظهر الفاكس في ثمانينيات القرن الماضي، لتقفز خدمات الهاتف والفاكس كأحد أبرز وسائل التواصل الأساسية في المدن في “سوريا” حينئذ، لكن ذلك لا يعني أن كل المناطق السورية قد حظيت بتلك الخدمات، واقتصرت الأخيرة بشكل أساسي على “دمشق” ومراكز المدن الرئيسية في “حلب” و “حمص”، وبقي الريف معزولاً تماماً عن وسائل الاتصال حتى نهاية التسعينيات إذ أخذت الحكومات توفر الخدمات الهاتفية فمدت شبكات الهاتف نصف الآلي المرتبط بمقسم وعامل يحوّل مكالمات المرسل إلى المرسل إليه، ثم تلاها بسنوات قليلة تخديم الريف بالهاتف الأرضي المعروف.

ومع بداية الألفية الجديدة تم استعمال البريد الإلكتروني بعد اعتماد شبكة الانترنت، وفي العام 2004 أخذت أجهزة الخليوي المحمولة تغزو السوق المحلية فظهرت مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك ووتس أب والتلغرام وتويتر وغيرها، ما جعل الاتصال بشخص في قارة أخرى اليوم أسهل ألف مرة من اتصال شخص قبل عشر سنوات بآخر في قرية مجاورة.

ويعتبر اليوم العالمي للبريد الذي يصادف في التاسع من شهر تشرين الأول من كل عام، مناسبة هامة للتذكير بدور البريد وأهميته في حياة الناس.

اقرأ أيضاً: اليوم العالمي للاتصالات السلكية واللاسلكية.. بدنا سلك وبريز لنوصل للحكومة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى