أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

بدون ذكر الانتهاكات … كيف غطّى الإعلام الرسمي أحداث الساحل الأخيرة؟

كيف يتحوّل الإعلام من ناطق باسم السلطة إلى ناقلٍ لصوت الناس؟

لم يخرج الخطاب الإعلامي الرسمي السوري من عباءة نقل رواية السلطة دون مقابلتها برواية المواطن، الأمر الذي ظهر في الأيام الماضية خلال الأحداث التي شهدتها مناطق الساحل السوري.

سناك سوري _ دمشق

البداية مع وكالة “سانا” الرسمية والتي واصلت سياستها التحريرية السابقة قبل سقوط النظام، من خلال نقل البيانات والتصريحات الحكومية فحسب، إلى جانب الفعاليات الشعبية كالتجمعات والوقفات التي تساند الرواية الرسمية وتدعمها فقط، وتجاهل كل ما عدا ذلك.

فعلى سبيل المثال نقلت الوكالة يوم الجمعة الماضي تجمّع حشود جماهيرية في “حمص” عبّرت عن دعم قوات وزارة الدفاع والأمن العام في عملية بسط الاستقرار في الساحل السوري، وتنظيم أكثر من وقفة شعبية في عدة بلدات بريف “درعا” لدعم الحملة الأمنية في الساحل وتطالب بمحاسبة فلول النظام.

كما نقلت أخباراً عن وقفات مماثلة في “حلب” و”دمشق” و”القنيطرة” ترفع شعارات داعمة للحكومة وتوجهاتها، بينما لم تنقل على سبيل المثال وقفة صامتة في “السويداء” حداداً على أرواح الضحايا من المدنيين والأمن العام، وأخرى في “دمشق” شهدت توتراً وعراكاً انتهى بتدخل أمني وإطلاق نار في الهواء لفض الاشتباكات بين المشاركين في الوقفة ومتظاهرين رفعوا شعارات مضادة.

محافظة اللاذقية

الصفحة الرسمية لمحافظة “اللاذقية” كانت مستمرة في التخصص بتغطية نشاطات المحافظ ولقاءاته وجولاته، بينما بدأت مع اندلاع الأحداث في الساحل بنقل التصريحات الرسمية نقلاً عن وكالة سانا، بالإضافة إلى نقل تصريحات المحافظ “محمد عثمان” ومدير إدارة الأمن العام في اللاذقية “مصطفى كنيفاتي”، وتغطية أنشطة الأجهزة الأمنية في ضبط المسروقات من ممتلكات الأهالي والتي قالت أنها وقعت خلال حالة الفوضى والتجاوزات التي تسببت بها هجمات فلول النظام، وحمّلت مسؤوليتها لمن وصفتهم بـ”ضعاف النفوس واللصوص”.

محافظة طرطوس

ركّزت الصفحة الرسمية لمحافظة “طرطوس” في تغطيتها على نقل الصور والفيديوهات التي تظهر تحركات وأنشطة أرتال “الأمن العام” وقوات الجيش.

حيث أشار إلى انتشار القوى الأمنية في مدينتي “طرطوس” و”بانياس” لضمان الاستقرار وحماية المواطنين، إلى جانب نشر الحواجز الطرقية في “طرطوس” وضواحيها للمساهمة في إرساء الأمن وحفظ استقرار المنطقة.

كما نقلت الصفحة صوراً وفيديوهات يوم أمس قالت أنها تظهر عودة الحياة إلى سوق “طرطوس” وأسواق “بانياس”، مع تغطية لجولة عضو لجنة التحقيق التي شكّلتها الرئاسة السورية “أنس عيروط” في قرى “بانياس” والتي قال خلالها أنه لا وجود لما يشاع عن “القتل والتعفيش” وفق حديثه.

محافظة حماة

عملت الصفحة الرسمية لمحافظة حماة على تغطية المظاهرات التي خرجت في مدينة “حماة” الداعمة للحكومة السورية والمطالبة بمحاسبة فلول النظام، والتجمعات المماثلة في “سلمية” و”صوران”.

لكن تغطيتها تميزت بنقل تصريحات من المواطنين المشاركين، كما أجرت مقابلات مع مواطنين من “وادي العيون” للحديث عن دخول “الأمن العام” للمنطقة، واستطلعت آراء المواطنين حول الحملة الأمنية ومواجهة فلول النظام.

هل ينقل الإعلام الرسمي الصورة كاملةً؟

لا يبدو أن الإعلام الرسمي بعد سقوط النظام خرج من عقلية الناطق باسم السلطة فقط، فعلى الرغم من كل ما وقع من انتهاكات وجرائم قتل على أساس طائفي موثّقة بالصوت والصورة على يد الجناة أنفسهم في كثير من المقاطع، وعلى الرغم من مناشدات واستغاثات المدنيين الذين أمضى الكثيرون منهم لياليهم في العراء والغابات هرباً من تلك الجرائم، إلا أن الإعلام الرسمي لم يأتِ على ذكرهم.

كما أن الإعلام الرسمي وصفحات المحافظات وحتى وسائل الإعلام الخاصة المحلية والعربية لم تدخل إلى القرى التي شهدت تلك الانتهاكات ولم تنقل شهادات المواطنين ولم تصوّر مواقع تلك الجرائم، فكانت روايتها مقتصرة على الخطاب الرسمي.

وللمفارقة فإن تصفّح أخبار وكالة سانا لا يخرج بأي إشارة واضحة لوقوع انتهاكات، باستثناء خطاب الرئيس الانتقالي “أحمد الشرع” الذي تحدّث عن سلاح منفلت ووعد بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات وشكّل لجنة تحقيق للوقوف على ما شهدته مناطق الساحل خلال الحملة الأمنية ضد فلول النظام.

وتظهر الأحداث الأخيرة مدى أهمية أن يتحوّل الإعلام الرسمي من ناطق حكومي إلى ناقلٍ لصوت الناس نظراً لأنه مصدر موثوق سواءً للداخل أو للخارج، وأن تكون صفحات المحافظات مرآة لأحداث محافظاتها وهموم مواطنيها وأزماتهم لا سيما خلال الأحداث المفصلية كالتي عاشها السوريون خلال الأيام الماضية.

زر الذهاب إلى الأعلى