سناك ساخنأخر الأخبارالرئيسية

خطف النساء السوريات… تصديق الناجيات

خاطفون يمتلكون فائض القوة وسهولة الحركة

تحاول معظم النساء المختطفات إغلاق ملفهن بعد عودتهن والامتناع عن أي حديث حوله، حتى أن بعضهن يضطر لإنكار عملية خطفه من أساسها بسبب مخاوف تحيط بهن ومخاطر يردن النأي بأنفسهم عنها.

سناك سوري – بلال سليطين

أصدرت وزارة الداخلية قبل أيام تقريراً قالت فيه إنها حققت بأخبار متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حول خطف النساء في الساحل السوري وحمص وحماة وتبين لها أن قضية واحدة فقط كانت اختطاف.

هذا التقرير والذي لسنا بوارد التشكيك فيه فربما قامت اللجنة بالتحقيق في حالات من بين حالات الاختطاف وما توصلت له بالحالات التي حققت بها كانت هذه نتيجته. لكن هل يمكن تعميم هذه النتيجة على كل الحالات الجواب بالطبع لا، وهذه الـ لا مثبتة ومؤكدة أولاً بشهادة الناجيات اللواتي لا يمكن تكذيبهن وثانياً بتقارير حقوقية وثالثاً بتواتر الحالات وتكرار الأنماط ورابعاً بوجود نساء مغيبات منذ 7 أشهر ولم يكشف مصيرهن حتى الآن وسابعاً وثامناً وعاشراً.

إنكار الخطف.. يشجع الخاطفين ويعزز الثقة بالإفلات من العقاب

قضية الخطف قضية لها أبعاد أمنية اجتماعية طائفية، وانكارها أو محاولة الضرب في سرديتها يؤدي لتشجيع الخاطفين ويعزز ثقة المجرمين بقدرتهم على الإفلات من العقاب، ويزيد من الخوف لدى العائلات.

وهناك تقارير لمنظمة العفو الدولية، ولوسائل اعلام رصينة، وللأمم المتحدة، وومؤسسات حقوقية سورية رصينة وقفت مع السوريين في أصعب الأوقات على مدى 14 عاماً وكانت طوال الوقت منحازة لحقوق الانسان، وجميع هذا التقارير تؤكد وتثبت حالات خطف النساء والتشكيك بهذه المنظمات ليس من مصلحة السوريين احتراماً للضحايا، لأن هذا التشكيك يسيء للضحايا بالحاضر والماضي والتقارير التي صدرت عن هذه المنظمات وأشارت للانتهاكات والجرائم التي ارتكبت بحقهم.

وقبل كل ذلك هناك ناجيات يؤكدن أنهن اختطفن ويشرحن كل ملابسات الخطف، وهؤلاء مسؤولية المجتمع تصديقهن حتى يثبت العكس في كل قضية لوحدها. فهذه القضايا ليست بالعدد ولا بالكم وإنما بالحالة وكل حالة قضية وطنية.

كما أن هذا الملف ليس ملفاً سياسياً إنه قضية حقوقية إنسانية أخلاقية، ونحن نعيش اليوم في دولة خارجة من حرب طويلة فيها مشكلات مجتمعية، وحالة استقطاب حادة، وتراكم عنف وكراهية على مدى 14 عاماً، وتغيير كامل في بنية الدولة ونظام الحكم، ومن الواقعي أن يكون فيها فراغات أمنية، لكن حل مشكلاتها يبدأ من الاعتراف بها وليس من إنكارها.

لجنة وزارة الداخلية للتحقيق بجرائم الخطف… تخويف المجرمين وخصوصية الضحايا

وبالعودة للجنة التي أعلنت وزارة الداخلية أنها حققت بالملف فهي لجنة “سرية” لم يسبق الإعلان عنها ولا تقديمها للرأي العام، وهذا إجراء بحد ذاته قلل من وقعها العام ومن تأثيرها على ردع الخطف وإثارة الخوف لدى العصابات التي تمارس الخطف.

إحدى المختطفات منذ شهر شباط 2025 وحتى اليوم، أوقف مجموعة مسلحين سرفيس نقل كانت تستقله وأنزلوها منه أمام أعين الركاب وبالتزامن مع عبارات ذات نمط معين واقتادوها لجهة مجهولة حتى يومنا هذا مركز مناهضة العنف والكراهية في سوريا

كما أن اللجنة كانت غير معروفة لناحية جميع أعضائها، ومن خلال البيانات التي حصلنا عليها يتبين أن جميع أعضائها ذكور وغير مختصين أصلاً بقضايا النساء وإن كان بعضهم مختص بالقضايا الجنائية.

وقضية خطف النساء حساسة والتحقيق بها يحتاج لنساء في هذه اللجان، ولعضوات من بيئة الضحايا لبناء الثقة معهن في ظل المخاطر المحيطة بهن. وكذلك أن يتمثل في هذه اللجنة ولو كمراقبين أعضاء من منظمات حقوقية سورية رصينة ومحايدة ومعنية بالتوثيق والدفاع عن حقوق الإنسان.

توثيق حالات الخطف… أشكال وأنماط تغييب وإخفاء قسري

خلال 11 شهراً مضت وثق مركز مناهضة العنف والكراهية حوادث اختطاف متكررة ومستمرة حتى الآن، بعضها لحالات اختطفت في شهر شباط 2025 ولم تعد إلى اليوم وشهادات الشهود تشير إلى أن إحدى الحالات مثلاً خطفت من وسيلة نقل عامة وأمام عدة شهود. وحالة أخرى خطفت من على باب مركز صحي ومايزال مصير الحالتين مجهولاً حتى الآن.

هناك مختطفات عدن، وقدمن معلومات واسعة عن الخاطفين، وظروف الاحتجاز، ومنهم حالة التقت بزوجة الخاطف ودعتها للزواج من زوجها. ومن ثم حررها خاطفوها بعض مفاوضات مضنية وأرسلوها بلباس معين ومعها كتب ذات هوية معينة تعطينا تصور عن أسباب الخطف.

بعض المختطفات تعرضن للعنف الجسدي، وبعضهن نقلن للمستشفيات بعد إخلاء سبيلهن، وهناك حالات عادت من الخطف وغادرت الضحايا البلاد مع عائلاتهن بسبب الخوف

لقد وثقت التقارير الرصينة مختطفات تعرضن للعنف الجسدي وترك لديهن جراح آليمة، بعضهن يعاني حالياً من أزمات نفسية، وبعضهن غادر البلاد مع عوائلهن نتيجة ماحدث معهن.

معظم المختطفات اللواتي وثقت قصصهن طلب من ذويهن قبل إطلاق سراحهن إنكار الخطف، وتعرضوا لتهديدات مخيفة اذا استمروا بالحديث عن الاختطاف. وبعضهن يشرح كل تفاصيل الخطف بشرط عدم النشر وعدم ذكر الاسماء وبعضهن لايخشى فقط من الخاطفين بل يخشى من قراءة تعليقات الذباب الالكتروني والتقارير المسيئة للضحايا.

خاطفون يمتلكون فائض القوة وسهولة الحركة

هذا الملف يدمر حياة عائلات ونساء، هناك حالة خوف من الحديث بالموضوع، مخاوف من الانتقام من فائض القوة الذي يمتلكه الخاطفون. ومخاطر على الضحايا تدفع الكثير من الحالات للسعي نحو إغلاق الملف بسرعة بعد عودة المختطفة وهي أسباب يجب احترامها وتفهمها والعمل على معالجة الموضوع من جذوره.

هذا ملف يحتاج إلى حل وحله يحتاج إجراءات شجاعة، مثلاً ماذا حدث في قضية الضحية روان في ريف حماة!، أين الفاعلين، لماذا في قضايا أخرى يتم كشف الفاعلين بسرعة وفي هكذا قضايا تكون الاستجابة ضعيفة!.

هناك ضعف في التعامل مع الانتهاكات التي ترتكب بحق مجموعات من المواطنين السوريين. كما أن الذين ارتكبوا المجازر في الساحل لم تنشر وزارة الداخلية خبر توقيف شخص واحد منهم ولم تظهر لنا أي معلومة عن هوياتهم عن جرائم محددة بالصوت والصورة ارتكبوها وحوسبوا عليها. بالمقابل نجد اخبار اعتقالات مشاركين بأحداث الساحل من فلول النظام كل يومين ثلاثة مع أسماء ووجوه مكشوفة وجرائم محددة. وهذا يدمر الثقة، فالعدالة للجميع ويجب أن تكون متساوية وعلى الجميع.

حساسية النساء..

أخيراً إن الاعتداءات على النساء حساسة جداً وتحتاج الى إجراءات حذرة من قبل وزارة الداخلية تحافظ على سمعة النساء ولا تسيء لهن وتمنع الاعتداء عليهن.

نحن أمام جماعات خطف تمتلك فائض قوة لدرجة تستطيع أن تختطف فتاة من جوار بيت أهلها وتسير في سياراتها أكثر من 50 كم، هذه السيارات يجب أن يتم ايقافها، وأن يكون هناك إجراءات واضحة لحصر السلاح، وتوحيد نمر السيارات ومنع الفيميه… ووضع حواجز تفتيش ومراقبة في نقاط محورية لضبط هؤلاء.

لا مصلحة لأحد باستمرار حالات الخطف التي تحدث لا من وزارة الداخلية ولا من المجتمع، وهذا موضوع إنساني ولابد أن يبعد تماماً عن أي تسييس واستثمار في أي اتجاه كان سوى باتجاه سلامة الضحايا وأمن المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى