أخر الأخبار

دمشق توّدع العم “أبو طلال” عاشق الأوراق الصفراء و الكلمات المطبوعة

رحيل العم “أبو طلال” عن عمر يناهز 62 عاماً..

سناك سوري – سها كامل

«في مكان رح يضل فاضي و مسجل باسمك، الشخص يلي نصحني بعشرات الكتب، “أبو طلال” يلي دايماً كان يزدلو معي 100 ليرة، يقلي بعرفك ابن حلال تركها لترجع، بيوم من الأيام عملت عنك تقرير قلتلي “لو كان معي مصاري كنت اشتريت الكتب بدل ما بيعها”.. رحلت قبل أن تقرأ ليل دمشق.. “أبو طلال أكرم” لروحك السلام»، كتب هذه الكلمات الصحفي “محمد سليمان”، لينضم إلى مئات السوريين الذين نعوا العم “أبو طلال” بائع الكتب وعاشقها، تحت جسر الرئيس في دمشق، الذي رحل عن عالمنا أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز الـ 62 عاماً.

و «أبو طلال” الذي يحب هذا اللقب، اسمه “أكرم كلثوم” هو أحد أبناء مدينة “سلمية”، كيف لا وهي المدينة التي اشتهرت بحبها للكلمة والكتاب، فكان الكتاب رفيقه، بينما بقي دربه ثابتاً في تلك النقطة “تحت جسر الرئيس” بدمشق، على رفوف خشبية، وزّع كتبه وحكاياته، دون أن يُفصح يوماً عن أمانيه، لكنه قال مرة في لقاء أجرته معه جريدة “الأخبار” اللبنانية «هذا شغف وليس مجرد عمل أعيش من خلاله، أرباح بيع الكتب هزيلة جداً، لكنني أبيع الكتب كي أشتري وأقرأ كتباً جديدة».

حظي “أبو طلال” خلال حياته بمحبة زبائنه، الذين تحوّلوا إلى أصدقاء له فيما بعد، بينما لم تلحظ أي جهة ثقافية في المدينة، ذلك الرجل الستيني، وهو يجلس في عراء العاصمة يقرأ الكتب ويدفئ نفسه بدخان سيجارة وفنجان قهوة، ولعل كل من أحب “أبو طلال” تمنى أن يراه يجلس في مكتبة صغيرة تحمل اسمه وكلماته وكتبه وأوراقه الصفراء، لنعود ونذكر ما قاله مرة الكاتب السوري “عصام حسن” «معظم المدراء الذين استلموا الثقافة في بلادنا لا يعرفون من هم مثقفو بلادهم ولا شعرائها».

اقرأ أيضاً: وزارة الثقافة السورية تلغي “دار الأسد” وتُحدِث قصر “الثقافة”

عُرف عن العم “أبو طلال” عدم اكتراثه بسعر الكتاب، واهتمامه بأن ينتقي زبونه كتاباً هادفاً، فكانت كتبه بمعظمها نسختها قديمة ومستعملة لكنها نظيفة، فهو قرأ معظمعها ونظفها و وضعها على بسطته، لينصح بها أصدقاءه القرّاء، ويتلو عليهم الكثير من الحِكم التي حفظها من قراءاته، فـ “أبو طلال” لم يكن مجرد بائع كتب تحت جسر الرئيس، بل كان قارئاً صادقاً في زمن بات يخلو ممن يستطيع أن يُكمل حتى منشور من خمسة أسطر على “فيسبوك”.

كما عُرف عن “أبو طلال” انتقاءه للكتب التي يضعها على بسطته، فعندما تقف أمامها تجول في رحلة عبر الماضي البعيد بأدبائه ومثقفيه من “غسان كنفاني” وحتى “محمود درويش”، لكن لن تلحظ أبداً كتاب “تعلّمي كيف تثيرين غيرة زوجك” أو “اعرف شخصيتك من برجك”، فالعم “أبو طلال” كان حاملاً لقضية القراءة ومصرّاً عليها ومن تحت “جسر الرئيس” بنى جسراً من الثقافة والمحبة بينه وبين القراء.

اقرأ أيضاً: “دمشق”: حديقة عامة يتبادل زوارها الكتب ويتفاعلون مع القراءة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى