الرئيسيةشباب ومجتمع

الزواج بالربيع.. سر حذاء العريس.. ماذا تعلم عن طقوس الأعراس بسوريا؟

قطعة من الذهب في حذاء العروس.. وطربوش مذهب على رأسها.. ماذا تذكرون من طقوس الأعراس القديمة؟

سناك سوري-مراسلون
السويداء: رهان حبيب، الحسكة: عبدالعظيم عبدالله، طرطوس: نورس علي، درعا: هيثم علي

كثيرة ومتنوعة هي العادات والتقاليد التي اتبعها السوريون في أعراسهم كما أنها تختلف باختلاف المناطق والمحافظات، لكن البعض منها تغير فيما تحول البعض الآخر لمجرد ذكريات يتوارثونها عن الأجداد والجدات.

السويداء خليط بين الماضي والحاضر

ماتزال الشابات ترتدي الزي العربي في عقد الأجاويد أي كتب الكتاب الديني، الشرط الأساسي لإتمام الزواج في “السويداء” جنوبي البلاد، من خلال حفلة يشارك فيها رجال الدين وعائلتي العروسين، وترتدي خلالها العروس زي الجدات التقليدي، إضافة للطربوش وغطاء الرأس الأبيض، لكن هذا لا يعني إلغاء العرس في صالات الأفراح حيث تعود العروس لترتدي ثوب الزفاف الأبيض التقليدي، كما حدث مع الشابتان “وفا ملاك”، و”سلاف جعفر”، اللواتي تزوجنّ مؤخراً في المدينة.

العروس وفا ملاك بثوب الزفاف العربي بالسويداء

يتألف الزي العربي الذي عُرفت به نساء المحافظة، من فستان طويل وقطعة تابعة له تسمى “المملوك”، بينما تضع العروس على رأسها الطربوش المزين بالذهب، وفوقه يتدلى قماش شفاف سمي “الفوطة”، يصنع من قماش ثمين مزركش بالقصب، كما تقول الخياطة “سميرة الحمدان” 70 عاماً، والتي خاطت الكثير من هذه الأثواب خلال حياتها.

تكلفة هذا الزي تتجاوز حاليا 100 إلى 200 ألف ليرة، ما دفع بالعرائس لاستعارته من الخياطات، أو محلات خاصة بتأجيره، كذلك فإن القريبات اللواتي يملكنه يعتبرن خياراً مثالياً، كما تقول “الحمدان”، وتضيف لـ”سناك سوري”، أن الأمر ذاته ينطبق على الطربوش الذهبي، إلا أن استعارته تكون من القريبات حصراً كونه ثمين جداً، خصوصاً بعد ارتفاع أسعار الذهب حالياً.

لم يعد الأمر كما السابق، وليست كل عروس تستطيع اقتناء الزي التقليدي الخاص بها، بسبب الأسعار، إلا أن طقوس الزي وأغانيه ما تزال بمتناول اليد، تقول “الحمدان”، إن ارتداء الزي يرافقه أغاني خاصة مثل “يا عروس يا أم الفوطة”، و”ميلي صوبنا يا يختي ميلي”، وغيرها بالإضافة لرقصة العروس بين النساء.

الجزيرة السورية.. العروس تعرف عريسها من حذائه

في الجزيرة السورية تتشابه طقوس الأعراس بين مختلف أطياف المجتمع تقريبا، حسب ما أوضحته “رمثا شمعون” من أهالي مدينة “القامشلي”، وتضيف أن مباركة الكاهن أو كبير الكنيسة للخطبة والزفاف في الكنيسة فرضاً، إلى جانب مراسم الحنة والاحتفال في الصالات، وشراء جهاز العروس.

في حين تقول “نوفة عبد الله”، من أهالي ريف “اليعربية”، أن العرس قديماً كان يستمر أسبوعاً كاملاً يلتزم خلاله والد العريس بتأمين طعام وإقامة الضيوف من المناطق الأخرى، وتم تخفيضه تدريجياً إلى ثلاثة أيام ثم يومين أولهما للحنة والثاني للزفاف، ومؤخراً أُلغيت الحنة واقتصر الحفل على ليلة الزفاف.

من الأعراس القديمة في الجزيرة السورية

عادات كثيرة تفتقدها الجزيرة السورية في الأعراس اليوم، بحسب “عبد الله” مثل «ذهاب العروس من منزل أهلها لمنزل الزوجية على فرس، إضافة لوضع قطعة ذهب من قبل أحد أقرباء العريس في حذائها، ووضع أحد أقرباء العريس طفلاً رضيعاً في حضن العروس لتمنحه مبلغاً من المال، كما كان شخص يأخذ مخدة العروس للعريس ليكافئه بمبلغ مالي، كما تفعل العروس الأمر ذاته مع الشخص الذي يحضر لها قطعة من ملابس العريس».

لقاء العروسين يكون لأول مرة بعد حفل الزفاف، حسب “أمينة حسن” من ريف “المالكية”، وتستطيع تمييزه من حذائه، الشيء الوحيد الذي تتمكن من رؤيته خلال الحفلة، كون وجهها يكون مغطى بالكامل بينما يرقص الناس من حولها ومعهم العريس، مضيفة أن العريس كان يستحم خارج منزله، ويحتفل به شباب القرية و يساعدونه على ارتداء ثياب الزفاف.

تتابع: «خروج العروس من منزل والدها كان يتطلب من أهل العريس تقديم الهدايا لخالها، وأختها أو أخوها اللذان يقف أحدهما خلف الباب، حيث لا يمكن أن تخرج العروس من منزل والدها دون الحصول على هذه الهدايا»، موضحة أن العروس قديماً كانت تشتري بمهرها الذهب، وبعض الملابس التي تضعها في صندوق يصنع من الخشب غالباً.

اقرأ أيضاً: شاباش كلمة تسخين العرس في الجزيرة السورية

طقوس زفاف متشابهة في طرطوس

يؤكد “سركيس مخول” من أهالي “طرطوس”، أن طقوس الزفاف تقريباً واحدة اليوم مع بعض الاختلافات بحسب خصوصية كل زفاف، إلا أنه يذكر حين تزوج منذ حوالي ثلاثة عشرة عاماً كيف بدأت مراسم الزفاف بطقوس كنسية تخللها الصلاة ومباركة الكاهن، ومن ثم توجه والحضور من كلا الجنسين إلى صالة الأفراح ليعلن زفافه علانية على وقع الموسيقا وحلقات الدبكة.

“خالد سليمان” الذي تزوج منذ نحو /20/ عام، بدوره يؤكد أن الطقوس تقريباً واحدة من حيث الاحتفال بصالة الأفراح، مع اختلاف بسيط في مجتمعه حيث حفل الزفاف يقسم لقسمين، واحد للسيدات وآخر للرجال، في حين أن الشاب “منذر يوسف” الذي تزوج من حوالي عشرة سنوات تقريباً، آثر أن يكون عرسه في صالة أفراح يجتمع فيها كل محب من كلا الجنسين والأصدقاء والمعارف.

تلك الظروف تبدلت اليوم، فمع ظروف الحرب والواقع المعيشي، ثم تدابير فايروس كورونا، باتت غالبية حفلات الزفاف تقتصر على حفلات خاصة مغلقة لا تتجاوز عتبات منزل العروس أو العريس، خاصة مع ارتفاع التكاليف إلى حد لم يعد بإمكان الغالبية تحملها.

في حوران.. الزواج بالربيع

موسم الزواج في “حوران” يبدأ مع بداية الربيع في كل عام، فهو بالنسبة لأهالي المنطقة، موسم الخير والزرع وهي عادة قديمة حسب ما أكده “عبد الوحيد العوض” أحد أبناء مدينة “بصرى”، موضحاً أن البداية تكون بذهاب أهل العريس ومعهم وجهاء البلدة “الجاهة” إلى أهل العروس ويتم الاتفاق على المهر، وعلى موعد عقد القران.

دخلت خلال السنوات العشر الأخيرة عادات جديدة يوضحها “أحمد المحاميد” أحد أهالي “درعا”، مثل فرش أرضية الفرح بالسجاد بمساحة تتجاوز الدونم، وإحاطة مكان دبكة “المهيجي” الفلكلورية، بستائر وحواجز بارتفاع ٣ أمتار، وهي حسب تعبيره مأخوذة بالغالب من الأعراس بمصر، وتكلفة نصب هذه التجهيزات يتجاوز ٣ مليون ليرة، وهو مبلغ لا يتمكن الغالبية من تأمينه.

اقرأ أيضاً: سوريا: عروسان يشترطان على المعازيم عدم إطلاق النار

من أحد الأعراس في درعا- دبكة المهيجي

يسبق ليلة الزفاف في “حوران” ليلة الحنة حسب حديث الحاج “أحمد بجبوج” أحد أهالي المنطقة، وفيها تأتي صديقات العروس لمشاركتها الفرح والحنة وتقديم “النقوط” التي كانت سابقاً هدايا من ثياب أو أدوات للمنزل، واليوم دفع مبالغ مالية أو قطعة ذهب، أما بالنسبة للعريس فيقيم له أصدقاؤه حفلا ويجهزون له طوقاً من المبالغ المالية يوضع على رقبته ويترافق بإطلاق نار فرحاً به، ورغم أن طقس إطلاق النار غير قانوني، إلا أنه مايزال ضمن العادات.

يفضل أبناء “حوران” أن يكون الجمعة هو يوم الزفاف فهو يوم عطلة، وغالبا ما تبدأ الأفراح بعد الصلاة والخروج من المساجد، حيث يتم بناء بيت الشعر وذبح الذبائح والطبخ وتحضير المناسف لاستقبال الوافدين حسب “خالد الزعبي” من بلدة “المسيفرة”، مؤكداً أن هذه الحاجيات من أساسيات الفرح بالرغم من تكلفتها العالية، إذ يكلف الغداء مابين ٣ إلى ٤ مليون ليرة، وقد شهدت البلدة مؤخراً أعراساً تجاوزت تكلفة العرس فيها أكثر من ١٥ مليون ليرة.

قد يضطر أصحاب العرس لتأجيل زفاف ابنهم في حالة وفاة أحد أبناء البلدة، كما يقول “عبدالله الرفاعي” من بلدة “تل شهاب”، ويضيف: «إذا حصلت الوفاة في نفس يوم الزفاف، فيقتصر الأمر على تقديم الطعام للمدعوين تعاطفاً مع ذوي الميت دون مظاهر احتفالية، وهذه من العادات التي ما يزال الجميع يرفع لها قبعة الاحترام».

الحالة الاقتصادية التي يمر بها غالبية المواطنين أثرت على كلفة الأعراس في “درعا”، كما يقول “محمد أبو عون”، أحد أهالي المدينة، ويضيف: «بات الذهب يقتصر اليوم على المحبس والحابس، بالنسبة للعروس، لكن الموسيقى ماتزال حاضرة فالأغاني الفلكلورية الحورانية حاضرة في الريف لكن الأفراح التي تقام في الصالات بمدينة “درعا” فإنها تقام على أنغام الموسيقى الحديثة التي لم نعتد عليها سابقاً»، مشيراً إلى أن الالتزام بالعادات والتقاليد والبذخ في الأعراس يكون حسب الحالة المادية لكل أسرة فقد تكون الحفلة عائلية أو في صالة تكاليفها قليلة دون ولائم الغداء والضيافة غالية الثمن.

اقرأ أيضاً: سوريا: عرس ابن ثري يشعل الفجر بالرصاص والمفرقعات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى