الرئيسيةشباب ومجتمع

استدانة المواد الغذائية والقهوة.. جديد الحياة في سوريا

فئة تعيش معاناة صامتة يصعب عليها حتى منح فنجان قهوة كضيافة للجيران

«تعيريني ملعقة سمنة، غلوة قهوة، كاسة رز»، تتكرر طلبات جارات منى 42 عاماً، نفسها منذ نحو 5 أشهر تقريباً. مبدية انزعاجاً من القصة وفي الوقت ذاته لا تستطيع وضع حد لها مراعاة منها للظروف السائدة.

سناك سوري-وفاء محمد

تعرف “منى” عن نفسها بأنها امرأة مكافحة جربت الكثير من الأعمال وخاضت في أعمال جديدة عبر الإنترنت. لتجنب عائلتها شر العوز الذي يخيم على جميع الجيران من حولها. وتضيف لـ”سناك سوري”: «من المؤلم أن نصل لمرحلة استدانة ملعقة سمنة أو غلوة قهوة. ومع تكرر الطلبات أشعر بنوع من الاستغلال لكني لا أستطيع وضع حد له فالحاجة صعبة جداً».

تغيرت الظروف الاجتماعية لغالبية السوريين بشكل كبير منذ العام الفائت. وافتقدت منازلهم العديد من المواد الأساسية والتي تحولت بفعل الظروف إلى كماليات. مثل السمنة التي تم استبدالها بزيت الزيتون خصوصاً في المناطق الريفية التي تنتجه. كذلك باتت ضيافة فنجان قهوة أمر صعب جداً بالنسبة لكثير من العوائل.

“ديمة” وجاراتها اللواتي اعتدنّ الاجتماع على كاسة متة أو فنجان قهوة في الصباح، دون السؤال عن مكان الاجتماع. باتت هي وجاراتها يتناوبن على الاستقبال اليومي وفي مرات كثيرة تحضر كل واحدة مشروبها معها. تضيف لـ”سناك سوري”: «تجاوزنا الحرج، لم تعد الأمور كالسابق والحالة عامة لدى الجميع».

كان من الصعب على “ديمة” الحصول على كيلو سكر نهاية الشهر الفائت. حيث رفض البائع منحها المزيد من المواد الغذائية بعد وصول دينها لأكثر من 700 ألف ليرة خففته إلى 600 ألف ودفعت منحة زوجها كاملة. وأبقيا على الراتب لزوم الاحتياجات الأساسية المختصرة جداً للعائلة.

حلّت “ديمة” موضوع السكر بالتسجيل على المخصصات والحصول عليها خلال يومين فقط. وباتت العائلة الصغيرة تنعم بـ6 كيلو سكر و6 كيلو أرز، بانتظار ليتر الزيت على أحر من الجمر. تقول السيدة الثلاثينية التي لم يخل وجهها من نظرة ممزوجة بالسخرية والقهر.

اقرأ أيضاً: التقسيم الحقيقي للبلاد.. بين سوريانا وسورياهم
طبخة عالقد

بالنسبة لكثير من العوائل السورية لم يعد فنجان القهوة متاحاً للضيافة، كذلك حتى الطبخة على بساطة مكوناتها غالباً لم تعد أمر من الممكن الاستغناء عن طبق صغير منه لعابر ما.

تقول “ناديا” 28 عاماً، إنها بالفعل لا تستطيع الاستغناء عن طبق صغير من طبختها الصغيرة لأي عابر يمكن أن يطرق الباب. توضح: «ارتفاع سعر المكونات من جهة وغياب الكهرباء من جهة ثانية. يمنعاني من طبخ طبخة كبيرة وغالباً ما أطبخ كمية تكفي عائلتي الصغيرة فقط بحيث أنها لن تكفي معنا أي زائر مفاجئ».

لا تنسى “ناديا” كيف كان شكل الحياة وكيف كانت تتقاسم مع جاراتها الحلويات أو أي نوع آخر من الأغذية سابقاً. بينما اليوم ومع استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والقلة اختلف الحال، تضيف: «للأسف حتى حين نشتري أو نحصل على طبق حلويات هدية. نقوم بإخفائه واقتسامه فيما بيننا داخل العائلة، القلة هي من تحكم تصرفاتنا اليوم».

تغيرت الحياة كثيراً في “سوريا” لم تعد حتى أبسط الأمور بالسهولة المعتادة. حتى رغيف الخبز لم يعد تقديمه لأطفال الجيران على شكل “عروسة زعتر” متاحاً. فالمخصصات بالكاد تكفي العائلة بشق الأنفس.

الحياة على أرض الواقع مختلفة بدرجة كبيرة عن حياة الفيسبوك وصور المطاعم والنزهات. لكن الفئة التي تعاني تفضل المعاناة بشكل صامت حتى حين تتحدث للصحافة تشترط عدم ذكر الاسم. خصوصاً مع الفوارق الطبقية الهائلة في البلاد اليوم.

اقرأ أيضاً: بائع المرشم: الفوارق الطبقية هائلة بين الزبائن

 

زر الذهاب إلى الأعلى