برزت المراة في الدراما السورية خلال القرن العشرين الفائت في العديد من الأدوار لنراها “متاعا للرجل” في بعض أعمال البيئة. الشامية أو متحررة ومنطلقة بعيدا عن قيودها في بعض تلك الأعمال أيضا، إلا أن أعمال البيئة الشامية عموما صورت المرأة. السورية بطريقة نمطية جدا.
سناك سوري-ناديا المير محمود
“فشرت” كلمة واحدة نطقتها ” ام عصام” في وجه زوجها، كانت كافية لتدمير علاقتها الزوجية فهي من تلفظت بلفظ زلزل رجولته. في حينها وحسب مسلسل “باب الحارة” معيب أن تواجه المرأة زوجها بحق أو من غيره.
في حالة من الهدوء السائد في الشوارع أثناء عرض مسلسل “باب الحارة”، تابعنا أحداث حارة دمشقية أثناء. الاحتلال الفرنسي وتغلغل العمل في تفاصيل الحياة الاجتماعية بين أبنائها في تصوير واقع بتنا نفقده. لما طرحه من تعاون ونخوة وكرم، ولم يغفل عن الخلافات الحاصلة بينهم إلا أنهم عند الواقعة الكبرى نراهم يداً واحدة تحت راية “العكيد”.
وفي عودة لأم عصام المرأة الجريئة نوعا ما، فإن العمل تضمن نماذج أخرى لسيدات كالثرثارة. المثيرة للفتنة “أم زكي”، و”أم بدر” المتسلطة التي قمعت زوجها وسلبته شخصيته، وبغض النظر عن تلك الاستثناءات، بالمجمل عرضت فيه المرأة كأملاك خاصة للرجل منساقة لأوامره دون أي نقاش لإثبات أنها الأنثى المطيعة، وأعظم قراراتها ضب “بقجتها” أو اختيار عروس لابنها، ليبقى باب الحارة مقفل على من فيها.
اقرأ أيضاً: هل نجحت أعمال البيئة الشامية بإظهار جديد خلال أجزائها الأخرى؟
حارة أخرى ناقشت المرأة فيها وتصرفت دون مشورة:
لنشد الرحال إلى مسلسل “حارة القبة” أي إلى أيام الاحتلال العثماني والمعاناة التي عاشها أهالي الشام جراء وجودهم في. البلاد من فقر وسحب أبنائهم إلى قدر مجهول.
نرى فيه “زهرة أم العز” صاحبة الشخصية القوية والرأي السديد بشهادة جميع من حولها، باستثناء سلوك اعتمدته لم ينل رضا. بيئتها المحيطة، عندما حاولت بشكل سري أن تحفظ عائلتها وترد الفضيحة عن ابنتها وتواصلت مع أحد “زعران الحارة” لتضمن. سكوته بعد أن هددها بفضيحة عائلتها.
عقلانية “زهرة” تحت غطاء شعرها لم تمنع عنها القصاص من خلال طلاقها، تجاريها في العقل ذاته “أم ليلى” في ضيعة “ضهر الجبل”. المرأة مكشوفة العقل والرأس، برأيها الصائب تجالس الرجال و تبت في القرارات المصيرية، في محاولة لخلق حالة. من الموازنة بين النساء وأهميتهن، في ذات التشكيلة الاجتماعية والعلاقات الموجودة في “باب الحارة” مع اختلاف العدو الخارجي. ومن دون “العكيد” اكتفوا بـ “أبو العز” كبير الحارة ذو العقل الراجح الذي فلتت منه زمام الأمور عندما تعلق الأمر بوفاة ابنه الصغير، في تجسيد حقيقي أن الحالة المثالية المتمثلة بالصبر عرضة للتقلبات حتى على الرجال.
ماذا حصل حين رقصت المرأة في إحدى الحارات:
خلال الانتداب الفرنسي ذاته وبعيداً عن الثوار، نرى أن خصر امرأة هزم كولونيل فرنسي ليقع في حب الراقصة “عزيزة” في مسلسل “جوقة عزيزة”. لتجمع حولها كل الرجال بمختلف مناصبهم ووظائفهم الاجتماعية، وتطرق العمل إلى فترة البداية الفنية في سوريا مع المعطيات السياسية والاجتماعية حينها، في محاولة من مؤلفه “خلدون قتلان” الذي اعتبر أن أغلب الأعمال الشامية شوهت حقيقة المجتمع الدمشقي ذلك الوقت وقدمت معلومات مغلوطة عنه، ليأخذنا في رحلة من خياله مسيراً إياها لأماكن موجودة فعليا باختلاف بعض التفاصيل.
اقرأ أيضاً: دمشق تحتضن “جوقة عزيزة”: تدير مرقصاً وفرق غنائية
مرحلة ذهبت فيها المرأة إلى الجامعة:
وبعد الاستقلال تعرفنا على “عنايات الدلال” المرأة صاحبة الشخصية المستقلة الطامحة لمتابعة دراستها، وكنا مع “سهام القناديلي” التي خاضت في المجال السياسي ومكنت رأيها، مع مسلسل “حمام القيشاني” الذي تحدث عن حارة ولكن بشكل مغاير تماماً عن باب الحارة وحارة القبة.
يغطي أحداثها في المرحلة السياسية السائدة في الخمسينيات وكيف دخل أهلها بالمعترك السياسي والتحول من بيئة محافظة إلى مجتمع منفتح، وتطرق للجامعة والتعليم والحرية الفكرية التي حلت على النساء والرجال بمعناها الحقيقي، و عرض مشاركات المرأة في النقاشات السياسية بعيداً عن معدات الطبخ والأقمشة.
اقرأ أيضاً: طلحت حمدي ساهم بتأسيس الدراما السورية ولمع في حمام القيشاني