سوريا.. شراء ملابس البالة ينتظر وصول الحوالات الخارجية!
صاحب محل بالة: أزمة المصارف في لبنان تسببت بارتفاع سعر ملابس البالة!
سناك سوري – دمشق: لينا ديوب، – السويداء: رهان حبيب، – طرطوس: نورس علي، – دير الزور: فاروق المضحي، اللاذقية: وفاء محمد
لم تعد البالة للفقراء كما الماضي، الفكرة التي أجمع عليها غالبية من التقاهم سناك سوري، في هذا التحقيق، ما أدى إلى التقنين حتى في شراء الملابس المستعملة.
فيما مضى كانت “أم نادر” المقمية في ضاحية “حرستا” بريف “دمشق”، تتوجه إلى مركز البالة في “الفحامة” طلباً للتنوع والمنافسة لكن اليوم “كلو غالي” حسب تعبيرها، وتضيف في حديثها مع سناك سوري: «كنت قبل سنتين أشتري كل شيء من البالة ألبسة، أغطية، شراشف، مناشف، أحذية ، لأنها أرخص وأقمشتهتا وألوانها أفضل رغم أنها قد تكون مستعملة، لكن اليوم رغم حاجتي للقطعة أتردد في شرائها بسبب الغلاء، مثلاً اشتريت الصيف الماضي لابنتي فستان بـ٦٠٠٠ ليرة، اليوم الفستان بنفس المحل يتراوح سعره بين ٢٣ ألف الى ٣٠ ألف، أي نصف راتبي التقاعدي تماماً، والشورت الذي اشتريته لابني الشاب الصيف الماضي بـ٢٥٠٠ ليرة، اشتريته هذا الموسم بـ١٢ ألف ليرة».
الزبائن من جميع الطبقات في “دمشق” وريفها حسب ما أكدته “سناء.ا” صاحبة محل بالة في “ضاحية حرستا”، لكن النسبة الأكبر موظفين، موضحة أنه بسبب الغلاء زادت نسبة الشراء بالدين، مضيفة أن الفئة الأقل دخلاً تدفع أكثر من الفئة الثرية والمكتفية التي تمتلك فرصة شراء الملابس الجديدة من الأسواق.
تؤكد صاحبة محل البالة، أنه مهما ارتفعت أسعار الأخيرة لا تضاهي أسعار السوق، وتبرر الأمر بارتفاع سعر الصرف، وإلغاء المعابر مع “لبنان” و”الأردن” وأزمة البنزين وأجور الشحن، مشيرة إلى أن الأقبال خفّ قياسا بالعام الفائت، وزبائنها الذين كانوا في الغالب من الطلاب والطالبات الذين يدخرون من مصروفهم الشخصي لشراء ملابس البالة لم يزوروها هذا العام.
اقرأ أيضاً: الجمارك ستفرض طوق جمركي من العيار الثقيل.. مواطن: رح تقربوا عالبالة؟
حوالات الخارج لشراء ألبسة البالة!
في “السويداء اعتادت “هزار ج” معلمة مدرسة، ارتياد البالة بشكل دائم لكنها لم تتمكن هذا العام من الشراء مثل المعتاد ولولا الحوالة التي يرسلها ابنها من الإمارات لما تمكنت أصلاً من الشراء.
في حين يبرر “نزار ق”، صاحب محل بالة ارتفاع أسعارها، بسبب أزمة المصارف اللبنانية والتي شكلت حسب تعبيره نقطة تحول في مسار تسويق البالة واستجرارها من “لبنان” حيث ارتفع السعر بشكل قارب خمس أضعاف للبالة الواحدة عن العام الفائت، يضاف لها سعر النقل الذي ارتفع بسبب ارتفاع سعر المحروقات مما فرض رفع سعر القطعة ليبدأ سعر القطعة من خمسة آلاف الحد الأدنى، إلى 12 أو 18 ألف للقميص أو البلوز كحد أعلى، ومن 12ألف إلى 35 ألف ليرة للفستان العادي، ولفستان السهرة أسعار تختلف حسب جودة القطعة وبنطال القماش الأدنى 12 والاعلى 18.
التاجر أخبرنا أن زبائنه ممن تصلهم حوالات من الخارج الذين بإمكانهم شراء قطعتين أو ثلاثة، وأن الموظف لم يعد زبوناً، موضحاً أنه يعتمد على عدد من القطع المميزة لتحقيق ربح وتعويض سعر بضاعته وإلا فإن هذه التجارة خاسرة.
للبضاعة تصنيف يختلف عن غيرها و تبدأ من بالة سوير كريم وهي البضاعة النظيفة بالتكت، والكريم أدنى درجة ومن بعدها النوع الأول والثاني والثالث حسب البائع “نزار”، مشيراً إلى أنه لم يعد يستجر السوبر كريم لأن سعرها أصبح أغلى من الألبسة الجديدة وحتى الكريم فهو يشتري كميات محدودة منه لانخفاض المبيعات بسبب الغلاء.
قبل عامين كان التاجر “نزار” يشتري 240 بالة ويبيعها لكن العدد انخفض إلى النصف حالياً، علماً أن الأعداد كانت مضاعفة قبل الحرب أيضاً، لافتاً إلى أنه لا يتعامل حالياً بأنواع كانت مربحة مثل اللانجيري بأنواعه، والمفارش وبرانس الحمام لأن أسعارها ارتفعت ثلاثة أضعاف وبات الزبون غير قادر على الشراء.
“ديما.ع” بائعة لم تطلب بضاعة جديدة منذ شهرين لارتفاع سعر الطرد ومعرفتها سلفاً أنها لن تتمكن من تصريفها، فاختارت عرض ما لديها على أمل انفراج وقالت: «انخفض عدد الزبائن إلى أقل من النص ولولا التعامل بالدين لخسرنا النسبة الباقية، زبون البالي سابقاً وقبل الحرب كان يشتري عدة قطع اليوم يعجز عن شراء قطعة ولا يشتري إلا للضرورة».
اقرأ أيضاً: أسعار الألبسة الشتوية ترتفع 3 أضعاف.. قرارات الحكومة بتدفي أكتر!
صيحات عالمية
في “طرطوس” تختار الطالبة الجامعية “ردينة.م” ملابسها دوماً من البالة فليس لديها القدرة على شراء الألبسة الجديدة التي لم تعد تعجبها موديلاتها أساساً وفاقت أسعارها القدرة المالية المحدودة لأسرتها، في حين تتفقد الموظفة “سناء.د” دوماً محال الألبسة الأوربية المستعملة المنتشرة في الوسط التجاري لمدينة “طرطوس” والقريبة من مكان عملها، مؤكدة أنها تجد في تلك البضائع ما يستحق البحث المستمر لتوافقه مع أحدث الصيحات العالمية والقدرات المالية لها على خلاف محال الألبسة الجديدة التي باتت تكرارية ومرتفعة الثمن.
البحث المستمر في محال البالة يجعل “سناء” على اطلاع بآخر المعروضات من الألبسة وأسعارها، وهذا يجعلها تقتني ما يناسبها دوماً دون الشعور بالضغط المادي، خاصة مع تدني أسعارها مقارنة مع الألبسة الجديدة.
في حين تمكنت “زينب.م”، من شراء بنطلون بسعر خمسة آلاف ليرة وبلوزة بسعر ثلاثة آلاف ليرة، لأطفالها وهذا يمكنها من الحصول على ألبسة لهم بنصف راتبها الشهر البالغ 55000 ليرة.
زبائن في “طرطوس” من مختلف شرائح المجتمع والفئات العمرية حسب ما أكدته “رويدة.ح” صاحبة محل بالة بمدينة “طرطوس”، موضحة في حديثها مع سناك سوري أنها لاتعتمد على البالات العشوائية وإنما تهتم بالنوعية بهدف كسب الزبائن.
توضح “رويدة” أسعار موجودات البالة، فتقول: «البلوز البناتية بأسعر تتراوح بين 3000 وحتى 20000 بمختلف مقاساتها وأنواعها وجودتها، أما سعر البنطلون فيتراوح ما بين 4000 وحتى 30000 ليرة، بحسب جودته ونوعيته ومقاسه».
اقرأ أيضاً: أعيدوا لنا البالة أو اغلقوا محالها!
ازدهار تجارة البالة في الدير
تجارة البالة في “دير الزور” لم تكن سابقاً كما هي هذا العام حيث نشطت محلات بيعها في المدينة نتيجة ازدياد الطلب عليها من قبل المواطنين ومنهم “هناء.ع” وهي موظفة وأم أربعة أطفال، تقول إن سعر قطع الأطفال يتراوح بين 1000 إلى 7 آلاف ليرة.
لايخلو الأمر من وجود بعض القطع الغالية في محلات البالة حسب تجربة “أحمد ا” وهو موظف من أبناء حي “الجورة” حيث يصل إلى 25 ألف لبنطال الجينز مثلاً وخمسة آلاف للبلوز، كما يصل سعر بعض قطع الملابس النسائية إلى عشرين ألف ليرة سورية لكنها تبقى حسب تعبيره اقل من أسعار الملابس في المحلات الأخرى.
اللاذقية.. زبائن محددة
تقسم البالة في “اللاذقية”، إلى عدة أقسام، الأولى خاصة بفئة معينة من الزبائن الجاهزين للدفع، وتنتشر في أحياء “الزراعة”، “الأوقاف”، “المشروع السابع”، “مشروع الصليبة”، وغيرها، وأخرى شعبية تناسب الجميع كما في بالة أوغاريت الشهيرة.
يتم طرح أسعار توصف بالجنونية، فمثلاً في “الزراعة” و”الجمهورية” يصل سعر الفستان النسائي القطني لأكثر من 40 ألف ليرة، وفستان الأطفال لـ25 ألف ليرة، في حين يمكن ابتياعه بـ5 أو 7 آلاف ليرة في أوغاريت.
الأسعار متقاربة لدرجة التماهي في غالبية الأماكن، تقول “إلهام”، زارت نحو 7 محلات بالة في حي المنتزه الشعبي بحثاً عن ملابس لأطفالها، والأسعار كانت واحدة، الفستان يبدأ من 15 ألف ليرة فما فوق، ومثله الشورت الصغير، والبلوز الصغيرة 7000 ليرة وحتى 12 ألف، تضيف: «هناك حالة من الاتفاق بين أصحاب البالات في هذا الشارع كما يبدو».
يذكر أن أسعار الملابس في “سوريا” شهدت ارتفاعاً كبيراً حيث وصلت كلفة بدل شتوي لأسرة سورية مؤلفة من أربعة أشخاص حوالي 341 ألف لرية سورية خلال العام 2020.
اقرأ أيضاً: 341 ألف ليرة سورية كلفة بدل شتوي لعائلة في سوريا