الداخل ليس بالجيب.. لا تلتهوا بالخارج عن احتياجات الداخل
الأولوية اليوم للسلم الأهلي وترميم الجراح وإغلاقها
في غمرة توالي الوفود الخارجية زيارات أو اتصالات هاتفية مع حكومة تسيير الأعمال وقائد إدارة العمليات العسكرية “أحمد الشرع”، هبّ سوريون إلى الشوارع، وكادت البلاد تقع في فخ الفتنة، وسط مخاطر ماتزال موجودة من تفجر الوضع مجدداً ولا حل إلا بتعزيز السلم الأهلي في سوريا.
سناك سوري-داليا عبد الكريم
على حكومة تسيير الأعمال، أن تعي جيداً بأن الداخل ليس في الجيب، وضبط الشأن الداخلي والعبور به إلى ضفة الأمان، يجب أن يكون الأولوية الأولى اليوم. وهذا لا يمكن أن يتم إلا بوجود خطة عمل واضحة، تنطلق على كافة المستويات، اجتماعياً، نفسياً، اقتصادياً.
النظام المخلوع ترك الجروح مفتوحة وفتح المزيد من الجروح التي كان يعتقد المصابون بها أنها أغلقت، بحيث لا يوجد بيت سوري لا يضم صورة معلّقة لضحية أو معتقل من كل الأطراف. واليوم ومع عدم وضع حد للانتهاكات الفردية، كذلك التأخر في الحوار ووضع آلية واضحة للعدالة الانتقالية يعمق في ألم الجراح وفتحها.
الضوضاء وكمّ التحريض وخطاب الكراهية الذي انتشر خلال الساعات الأخيرة، وانقسام السوريين حوله عبر السوشيل ميديا، مع بروز عدد لا يستهان به من العقلاء، لا يمكن تجاهله، وهذا لا يمكن حلّه بمنشور واحد صباحي على صفحة محافظة اللاذقية نقلاً عن محافظها “محمد عثمان”، جاء فيه: «نطمئن شعبنا بجميع مكوناته أن الحكومة السورية ملتزمة بالمحافظة على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي، ونؤكد أن قواتنا الأمنية والشرطية تقوم بمهامها لضبط الأمن، وندعو الشعب السوري الحر إلى عدم الانجرار خلف ردود الأفعال».
التأخير في محاسبة مجرمي الحرب، وتجاهل الإعلان عن محاسبة أصحاب الانتهاكات الفردية يهدد السلم الأهلي
حتى اليوم للأسف، لا يوجد مصدر واحد موثوق معني بنشر كل التفاصيل، بينما تنفرد الصفحات والتلفزيونات الموثوقة بالتركيز على أخبار زيارات الوفود، والتي على أهميتها ليست أولوية اليوم بالنسبة لشعب كامل مجروح، بعضه يعاني من الفقد، وآخرون من الإهانة المتكررة، والجميع يتوحد بامتلاكه أقارب وأبناء وآباء ضحايا سواء في أرض المعركة أو في سجون الأسد البائد.
هناك العديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها بحيث تضمن السلم الأهلي في سوريا على رأسها إشراك المجتمعات المحلية في السلطة المحلية على الأقل. بحيث تشارك الناس بإدارة شؤونها وحفظ أمنها وسلامتها بظل هذا الظرف المعقد لحين إعادة تفعيل المؤسسات.
مشاركة أبناء المناطق مع الهيئة على الحواجز، ومحاولة خلق جسور التواصل بين عناصر الهيئة والمجتمع الذي يتواجدون فيها، كلما تعززت تلك الروابط كلما ابتعدنا عن أي مشاكل أو انتهاكات من كل الأطراف.
وكذلك إطلاق حوارات محلية بين الناس في المنطقة الواحدة والمناطق المجاورة وألا تقوم على “مشايخ” بل ينظمها المجتمع المدني ويشارك فيها بشكل رئيسي.
سوريا تحتاج إلى إعادة بناء جسور الثقة بين مواطنيها من جهة، وبينهم وبين قيادتهم من جهة ثانية، وهذا لا يمكن أن يتم “بكبسة زر”، يحتاج الكثير من العمل، وتفعيل دور المجتمع المدني ودعوته للمشاركة العاجلة في بناء السلام وترميم الجراح.