اكتب يا قلم سقط الصنم
اكتب يا قلم “سقط الصنم” لا ترتجف لا تخف فقد سقط زمن البطش الذي كان يخيف القلم قبل اليد التي تكتب به وهرب “بشار الأسد”. هرب بالسوء ذاته الذي حكم به دون حتى أن يرتب الاستلام والتسليم فهو لا يعرف إلا العبث.
سناك سوري – بلال سليطين
سقط نظام البعث رسمياً وغادر رئيسه بشار الأسد البلاد فجر اليوم الأحد 8 كانون الأول 2024. وأشرقت شمس الحرية في سوريا بعد 24 عاماً من الظلم والاستبداد والديكتاتورية والشمولية والرأي الواحد.
سقوط يحطم أقفال صيدنايا هذا السجن الذي لطالما صنع الرعب في عقول السوريين قبل قلوبهم ويحطم معه زمن الخوف. سقط في اللحظة التي مد فيها السوريون أيديهم إلى بعضهم وتمت طمأنتهم في حلب أن الهدف هو النظام فقط ففتحوا قلوبهم وعقولهم على التغيير.
سقوط طال انتظاره لكن فرحته بين السوريين كانت أكبر من سنين الأسى والظلم التي لا يجب للسوريين أن ينسوها يوماً. سقوط يفتح باب المصالحة والحوار الذين منعهمها النظام خلال 13 عاماً واحتكر الوطن والرأي لنفسه.
إنها لحظة يكتب عنها مجلدات من الفرحة والسعادة والانتشاء والفخر، لكنها بالوقت نفسه لحظة الواقع والتفكير بالمستقبل وبسيناريوهات مابعد السقوط.
مالذي يجب فعله الآن؟
إن التغيير مهما طال فإنه سيرورة الشعوب ولكن عندما يكون التغيير في دولة لها خصوصية سورية وتنوعها وظروفها الاقتصادية والاجتماعية الحالية يحتاج إدارة وإرادة لحماية الدولة ومؤسساتها والسلم الأهلي في البلاد.
وحماية الدولة تطلب الحفاظ على مؤسساتها واستمرارية عملها بما يضمن استمرار الخدمات للسوريين بكل أماكنهم. وهذا يعني بشكل عاجل وحاسم الحاجة لاستمرار عمل الحكومة الحالية وتوحيدها مع المؤسسات التي شكلتها المعارضة خلال سنوات الثورة. حتى تشكيل هيئة حكم انتقال وإعطاء هذه الحكومة كل الصلاحيات اللازمة لتسيير أمور البلاد الخدمية والإدارية وضبط الأمن فيها.
فأسئلة الناس عن الخبز والغذاء والحقوق والملكيات والخدمات ..إلخ ليست أسئلة ثانوية وإنما هي الأولوية القصوى. فقد أردنا التغيير من أجل هذا الشعب كل الشعب، من أجل الكرامة أولاً ومن أجل الخدمات أيضاً. فالتغيير لا يعني التسليم بالأضرار الجانبية وطفل جائع بحاجة حليب وأب بحاجة ربطة لأسرته ليست أضرار جانبية وهي أولويات يحتاج تأمينها استمرار المؤسسات القائمة ودعمها وتعزيزها .
فالأولويات الحالية تطلب ضبط السلاح العشوائي والمنفلت في الشوارع وإطلاق النار العشوائي بالهواء. فقد أردنا التغيير لوقف قتل السوريين بالسجون والمعارك فلماذا علينا أن نموت بالفرح بالرصاص العشوائي. وضبط هذا السلاح يحتاج لمؤسسات دولة يثق فيها كل السوريين ومن هنا تأتي ضرورة الحاجة الفورية لتوحيد كل المؤسسات.
والحاجة لاستمرار عمل المؤسسات الحالية وحماية بياناتها ضروري للإجابة على كل الأسئلة الحالية في سوريا من أسئلة الموارد والإمكانيات والاقتصاد والحقوق إلى المعتقلين والمفقودين والمخطوفين والمغيبين.
وهذه المؤسسات تحتاج محليات قوية ودوراً واضحاً وجوهرياً للمجالس المحلية وإعادة عملها فوراً بعيوبها الحالية ومشكلاتها لحين إنتاج التغيير الكلي في البلاد.
لايمكن أن يتم تغيير كل شيء في يوم واحد فهذا يعني الدخول بالمجهول، وتكرار سيناريوهات شبيهة بما حدث بالعراق مع فارق أن العراق كان لديه إدارة دولية ودعم دولي وموارد هائلة لا تمتلكها سوريا حالياً.
لحظات حاسمة لتحديد المستقبل؟
طريقة إدارة التغيير الذي يحدث في البلاد اليوم هي الفيصل لناحية وضع البلاد على طريق يعود فيه السوريون من الخارج إلى بلدهم. هي الطريق لضمان مستقبلهم، وهي الطريق لحفظ السلم الأهلي وبناء الثقة ومنع التخريب والتدمير. وهي الطريق للحصول على الدعم الدولي والإقليمي للسلطة الجديدة.
وهذه الطريقة تطلب بعد حماية المؤسسات الآن مباشرة إطلاق حوار وطني شامل وجامع يبنى على مخرجاته مستقبل الدولة وميثاق السلم الشراكة. بما يضمن انتقال البلاد إلى دولة حرة ديمقراطية مدنية تقوم على العدالة وتغتني بالتنوع الذي تعيشه سوريا اليوم.
لايمكن إدارة البلاد عبر عقلية المنتصر والمهزوم وإنما عبر عقلية الكل رابح من سقوط هذا النظام، ولنا في تجارب رواندا وجنوب أفريقيا خير أمثلة على كيفية تحقيق السلم والشراكة وبناء الاستقرار الذي يحقق السلام المستدام.
الأسئلة الصعبة حول مستقبل سوريا؟
بالتأكيد هناك أسئلة صعبة تدور في بال كل سوري حالياً، كيف سيكون شكل المستقبل السوري؟. كيف يمكن منع الأعمال الانتقامية؟ وكيف يدار هذا التنوع في البلاد؟ كيف تحمى البلاد من التدخل الخارجي؟ وكيف تحمى من مخاطر التطرف والتشدد؟. وكيف تخرج كل القوى الأجنبية والمقاتلين الأجانب من البلاد.
بالحقيقة هذه أصعب الأسئلة والإجابة عليها بدأت تدريجياً من إعلان استمرار رئيس الوزراء الحالي “محمد الجلالي” في تسيير أمور الدولة حالياً. وكذلك من خلال تصدير خطاب الشراكة والمستقبل عبر كل الأطراف. ومن ثم عبر إطلاق الحوار الوطني السوري السوري الذي يؤسس لدولة سورية قوية لا غالب ولا مغلوب فيها.
اليوم يوم احتفال لكن الغد يوم عمل وهذا العمل يتطلب أن نتحاور اليوم ونتواصل ونبني معاً مستقبل سوريا بالمحبة.