9 رؤساء حكومة خلال ربع قرن .. قواسم مشتركة وخلافات طفيفة
حكومة العطري أطولهم عمراً .. وأحدهم أمضى 3 أيام في المنصب
صدر اليوم مرسوم رئاسي بتكليف “محمد غازي الجلالي” بتشكيل حكومة جديدة بعد انتهاء رحلة حكومة “حسين عرنوس” عقب الانتخابات البرلمانية.
سناك سوري _ دمشق
وأصبح “الجلالي” بذلك تاسع رئيس للوزراء في “سوريا” منذ العام 2000. حيث تعاقبت أسماء على المنصب جمعتها عدة نقاط مشتركة في مسيرتهم المهنية وتم اختيارهم بناءً عليها.
رؤساء الحكومة السورية
البداية عند “محمد مصطفى ميرو” الذي ترأس الحكومة السورية عام 2000 وأنهى مسيرة طويلة لـ”محمود الزعبي” في المنصب امتدت على مدى 13 عاماً.
اتسمت مسيرة “ميرو” الذي يحمل شهادة دكتوراه في الأدب العربي من جامعة “يريفان” في “أرمينيا”. بأنه تنقّل في مناصب الإدارة المحلية كمحافظ بدءاً من “درعا” مروراً بـ”الحسكة” وصولاً إلى “حلب” التي وصل منها لرئاسة الحكومة.
بمسيرة مشابهة بعض الشيء جاء خليفته “محمد ناجي عطري” منطلقاً من رئاسة مجلس مدينة “حلب” ونقابة المهندسين فيها. إلى أن أصبح محافظاً لـ”حمص” بين 1993 و 2000 العام الذي شهد صعوده الأبرز حين أصبح عضواً في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية. ثم عضواً في القيادة القطرية لحزب “البعث”.
وأمضى “عطري” نحو 6 أشهر رئيساً لمجلس الشعب حتى انتهت الدورة الانتخابية قبل أن يصبح رئيساً للحكومة التي استمرت منذ 2003 وحتى اندلاع الأزمة السورية عام 2011 حين استقالت بكاملها. لكنها كانت أطول حكومة خلال ربع قرن بواقع 8 سنوات.
ولا بد من الإشارة إلى أن “عطري” يحمل شهادة في الهندسة المعمارية من جامعة “حلب” ودبلوماً في تخطيط المدن من “هولندا”. وقد اعتبر مراقبون حينها اختياره توجهاً هاماً للموازنة بين الانتماء البعثي وبين الجانب التكنوقراطي.
التحول إلى الوزراء
على الرغم من انتمائه البعثي القديم ووصوله لمنصب أمين فرع جامعة “دمشق”. إلا أن مسيرة “عادل سفر” كانت تنحو أكثر نحو الجانب الأكاديمي.
فالرجل الذي يحمل إجازة في العلوم الزراعية من جامعة “دمشق” ودبلوماً في الدراسات المعمقة ودكتوراه من المعهد الوطني للتكنولوجيا في “فرنسا”. انطلق كأستاذ جامعي ثم عميد لكلية الزراعة بجامعة “دمشق”.
ثم أصبح مديراً للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” قبل أن تتحول مسيرته ويعيّن وزيراً للزراعة عام 2006. ومن الوزارة إلى رئاسة الحكومة عام 2011 وحتى حزيران 2012.
وزير الزراعة الثاني على التوالي الذي ترأس الحكومة كان “رياض حجاب” الذي جمعت مسيرته بين المناصب الحزبية التي أصبح خلالها أمين لفرع الحزب في مدينته “دير الزور”. وبين مناصب المجالس المحلية كمحافظ لـ “القنيطرة” ثم “اللاذقية” قبل أن يصبح وزيراً ثم رئيس حكومة من 23 حزيران وحتى 6 آب ثم يعلن “انشقاقه” وخروجه من “سوريا”. فيما تقول الرواية الرسمية أنه أقيل من منصبه.
خروج “حجاب” بهذه الطريقة كان بحاجة إلى سرعة في اختيار البديل. فكان الحل من داخل حكومته باختيار “عمر غلاونجي” المهندس المدني الذي أدار عدة مؤسسات للإسكان وتولى منصب رئيس مجلس مدينة “اللاذقية” ثم أصبح وزيراً لـ “الإسكان والتعمير” وبعدها لـ”الإدارة المحلية” قبل أن يتولى رئاسة الحكومة بالوكالة لمدة 3 أيام.
الطبيب رئيساً للحكومة
في تلك الفترة العصيبة كان الاختيار دقيقاً لتولي منصب رئيس الحكومة خاصةً بعد تجربة “رياض حجاب”.
فكان اختيار “وائل الحلقي” المنحدر من مدينة “درعا” حاملاً شهادة في الطب البشري ودكتوراه في التوليد وأمراض النساء.
لكن “الحلقي” تمتع بمسيرة حافلة في المناصب الحزبية. فكان عضواً في المؤتمرات القطرية للحزب وأميناً لفرع “درعا” ثم عضواً في القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية وللقيادة القطرية للحزب.
“الحلقي” الذي كان أيضاً نقيباً للأطباء أصبح وزيراً للصحة عام 2011. قبل أن ينتقل إلى رئاسة الحكومة عام 2012 مستمراً في منصبه حتى 2016.
العودة للمهندسين
بعد الانتخابات النيابية عام 2016 كان لا بد من تشكيل حكومة جديدة. لكن الخيار كان مفاجئاً حين وقع على وزير الكهرباء “عماد خميس”.
مهندس الكهرباء الحائز على ماجستير في علوم الطاقة. أمضى مسيرته في مديريات الوزارة وأصبح مديراً للكهرباء عام 2005 ثم مديراً لمؤسسة توزيع واستثمار الطاقة الكهربائية عام 2008 وصولاً لتعيينه وزيراً للكهرباء عام 2011. حيث أمضى 5 سنوات في المنصب كانت في أوج الحرب وعاش السوريون خلالها أسوأ ظروف التقنين ما جعل اختياره لرئاسة الحكومة غير متوقّع. مع الإشارة إلى أنه عضو في القيادة القطرية للحزب منذ 2013.
وخلفاً لـ”خميس” الذي تم إنهاء تعيينه بشكل مفاجئ أيضاً. كان المهندس المدني “حسين عرنوس” الذي تولى عدة مناصب إدارية تتعلّق بالمواصلات. ثم أصبح محافظاً لـ”دير الزور” وبعدها “القنيطرة”. وتولّى 3 وزارات أولها “الأشغال العامة” ثم “الأشغال العامة والإسكان” قبل أن يتولّى “الموارد المائية” فرئاسة الحكومة. علماً أنه عضو في القيادة المركزية للحزب منذ 2013.
لم يخرج اختيار “محمد الجلالي” عن السياق. فالرجل متمرّس بالمناصب الإدارية وكان وزيراً للاتصالات بين عامي 2014 و2016. إلا أنه غاب عن الواجهة قبل أن يعود مؤخراً من بوابة القيادة المركزية للحزب.
أوجه الشبه والاختلاف
تظهر قراءة سيرة رؤساء الحكومة خلال ربع قرن تقريباً. أن 7 من أصل 9 كانوا وزراء سابقين. و7 من أصل 9 أيضاً كانوا مهندسين. و5 من أصل 9 أعضاء في القيادة القطرية للحزب.
ربما كان “ميرو” الرجل الوحيد الذي جاء بمسيرة حزبية فحسب بعيداً عن شهادته العلمية. لكن ومنذ حكومة “عطري” بدأ التوجه نحو هذا التوازن بين القدرات الأكاديمية والانتماء للحزب على كل حال. فضلاً عن تفضيل الوزراء السابقين مراعاةً للحاجة إلى خبرتهم في عمل الوزارات وطرق الإدارة والمخاطبة. على أن منصب رئيس الحكومة لا يحتمل شخصاً بحاجة للتدريب على موقعه الجديد.