الرئيسية

“وقفت عليي ولو كلو عم يكب”.. الجملة التي ملأت الجامعة بالقمامة

بتذكر كم مرة كبيت القمامة واتهموك زملائك بـ”الحضارية”.. هي وقت قالولك: “من أيمت صاير حضاري يا”.. زملائك يلي مو حضاريين هيك عملوا بالجامعة!

سناك سوري _ محمد العمر 

يخرج طالب من بين مجموعة طلاب، يمشي خطوتين إضافيتين و يرمي فنجان قهوة فارغ أو علبة سجائر في سلة المهملات، يضحك زملاؤه بسخرية “من أيمت صاير حضاري؟” و هنا الحضارة تهمة و محط سخرية! هذا مشهد مكرر في جامعة حلب، وفي غيرها من الجامعات السورية!

يقول” علاء” طالب بالسنة الأولى في كلية العلوم  رداً على سؤال سناك سوري حول رمية القمامة: “كلو وسخ وقفت عليي يعني؟”.

المشهد العام يكرّر الفكرة، لا أحد سيقلّد ذاك الطالب الذي مشى خطوتين إضافيتين بل سيرمي أوساخه أرضاً و يتهم غيره بالتقصير و يكرر منطق “وقفت عليي يعني؟”.

فأكوام من النفايات تتجمع في أحواض ترابية كان من المفترض أنها يوماً ما ستكون مزروعة بعشب أخضر أو ورد ملون يضفي رونقاً على المكان!، و المكان هنا ليس أيّ مكانٍ عابر، إنه صرحٌ علميّ من المفترض أنه مصنع أعلى الشهادات الأكاديمية في البلاد! إنه في الجامعة التي مرّ على بنائها ستون عاماً! جامعة حلب التي خرّجت أجيالاً من مبدعي البلاد و بُناتها في كل المجالات تشهد اليوم هذا المشهد الرمزي للخراب.

و الخراب هنا ليس حجارة مهدمة بل سوء في التنشئة والتربية والتعليم، في البيئة المحيطة والظروف، في التوعية والفهم، في العلاقة مع المكان، ومع الوطن والدولة… خرابُ يخفي خلفه الكثير.

اقرأ أيضاً: المواطنة الفاعلة مع صحن الفول النابت

لم تتوقف عند أحد و هنا الكارثة! تجمعات النفايات في كلية العلوم في جامعة حلب باتت واضحة و لا نبالغ إذا قلنا كارثية! و الكارثة هنا ليست فقط بأوساخ نستطيع إزالتها بحملة تنظيف لا تكلّف نصف ساعة! لكن أوساخ الفكر الذي يرمي مخلّفاته حول كليته تحتاج لعقود من التنظيف، وتدل على عقود مضت من سوء التنشئة والتربية والتعليم في المدارس والجامعات!
الجيل الذي تريد البلاد أن يبني غدها يحتاج لإعادة خلق للوعي بقيمة المكان، يحتاج أن يشعر بالانتماء إلى مكان دراسته فيعطيه نصيباً من الاهتمام، يحتاج أن ينمي لديه حس المواطنة و أن لا يسخر من أدنى أفعال المواطنة برمي الأوساخ في مكانها المخصص!

نحتاج جيلاً لا تحشوه المناهج بمعلومات غامضة بل بتعاليم أخلاقية لا تلقنه صفحات يبصمها بل توعية بمعنى كلمة “انتماء” جيلاً سيفهم بعدها أن معيار دخوله للجامعة يشمل الكثير من القيم التي هي أهم من مجموع البكالوريا فقط!

اقرأ أيضاً :طلاب في جامعة حلب يصفون معاناتهم بطريقة ساخرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى