رأي وتحليل

هل يعود السوريون إلى بلادهم لأنها مشمسة؟

سوريا المشمسة وسط الدمار والحصار الاقتصادي والانقسام

سناك سوري _ زياد محسن

انتشرت خلال الأيام الماضية صور لحملة انطلقت في العاصمة الدانماركية “كوبنهاغن” تدعو اللاجئين السوريين إلى العودة لبلادهم تحت عنوان «يمكنك العودة إلى سوريا المشمسة بلدك بحاجة إليك»

وتزامنت الحملة مع قرار الحكومة الدانماركية سحب صفة الإقامة المؤقتة عن عدد من اللاجئين السوريين الذين ينحدرون من مدن سورية مثل “دمشق” صنّفتها “كوبنهاغن” على أنها مدن آمنة وبإمكان اللاجئين العودة إليها، لتكون أول دولة أوروبية تتخذ مثل هذه الخطوة، على الرغم من أنه لا يبدو من الواضح ما إذا كانت “الدانمارك” ستقوم بترحيل السوريين قسراً إلى بلادهم ومتى ستتخذ مثل هذه الخطوة.

اللافت أن عنوان الحملة لم يجد صفة لـ”سوريا” لاستخدامها في إغراء اللاجئين من أجل العودة سوى كلمة “مشمسة”؟ علماً أن بلاداً مشمسة لا تعني أنها آمنة على سبيل المثال فكثيرٌ من السوريين قضوا خلال سنوات الحرب على مرأى من شمس بلادهم.

و”المشمسة” لا تعني أيضاً أنها توفّر ظروفاً معيشية ملائمة للأُسَر التي تعيش داخل البلاد، فالشمس التي تسطع فوقهم لن توفّر لهم رغيف خبز ولا كأس حليب لأطفالهم ولا دواءً لمرضاهم وستكتفي بالتحديق إلى فقرهم دون أن تحرّك ساكناً بل ربما تزيد من معاناتهم وتجلدهم بحرارتها أيضاً.
اقرأ أيضاً:الدنمارك تفتح أبوابها للهجرة.. معقول مؤامرة لسرقة الخبرات؟
“سوريا المشمسة” إذاً، المشمسة وسط ركام ما دمرته الحرب، والمشمسة تحت وطأة الحصار الاقتصادي الخانق، والمشمسة مع انسداد أفق المستقبل والحل النهائي للأزمة، والمشمسة مع انقسام جغرافيتها، والمشمسة مع عشر سنوات من الحرب، هي تحديداً “سوريا” التي تتم الدعوة للعودة إليها.

ورغم صواب النصف الثاني من العبارة، والقائل: (بلدك بحاجة إليك)، فإن البلاد وأي بلاد بحاجة دوماً لأبنائها، وهؤلاء الأبناء لم يغادروا أرضهم طوعاً ولم يخرجوا إلى القارة العجوز بقصد السياحة وإمضاء أشهر الصيف، بل هربوا من جحيم الحرب التي أتت على كل شيء وأجبرتهم على خوض مغامرة الموت غرقاً وقتلاً وضياعاً في سبيل الوصول لمكان آمن يحميهم مع عوائلهم.

في حين وبينما تدعو دولة أوروبية مثل “الدانمارك” السوريين للعودة، لا نجدها ولا أي دولة أخرى في الغرب وفي بعض العرب، يساهمون في توفير سبل هذه العودة، لا عبر مساندة إعادة الإعمار ولا عبر مطالبة برفع الحصار الاقتصادي، ولا عبر دعم الحل السياسي التوافقي بدل دعم طرف على حساب آخر.

بل اكتفت تلك الدولة الاسكندنافية البعيدة أن تقول للسوريين عودوا إلى بلادكم لأنها “مشمسة”.
اقرأ أيضاً:الدنمارك.. أول دولة أوروبية تقرر ترحيل 94 سورياً إلى بلادهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى