الرئيسيةرأي وتحليل

منمنات مدنية جنيف وقطع البازل – علاء الدين الزيات

سناك سوري – علاء الدين الزيات
حين استثمر السيد ستيفان عنوان ” المستشارين حسب الضرورة ” المصرح عنه بقرار التكليف، كان واضحاً أنه عقب جولاته المكوكية على مناطق تواجد السوريين المختلفة، أن تجسيد ذلك سيكون عبر اعتماد منظومات مدنية كعوامل رفع مساعدة لتغليب السياسة على العسكرة.
وحين دُعي ممثلات وممثلون عن المجتمع المدني في المجلس الاستشاري وغرفة المجتمع المدني ولاحقاً في مجموعة الخبراء ، فإن نظام الدعوات وطيف المشاركين يمكن أن يعكس ناحيتين :
* الانقسام الحاد في المجتمع السوري على أشده في طبقة العسكر والسياسيين ، وهو أقل حدة على مستوى المجتمع المدني .
* يمكن لممثلي المنظمات تقديم نموذج مغاير لعقم التفاوض ، وأن إرادةً سوريةً هي عتبة رئيسية للحل وتبين بالملموس أن هوامش الخلافات بين الحواضن المختلفة في الصراع لا تلغي مطلقا شعورهم بالمصير المشترك وهي أقل بكثير مما يضخه الإعلام الخاضع للمتصارعين وحلفائهم .
تابع طابق المتفاوضين تفاوضاً عقيما لأن بنيته قائمة على النفي المتبادل، وكان التقدم الحلزوني صعبا وقاسياً وغير ذي انعكاس على واقع المشهد لأن نزع فكرة النفي منه بقيت صعبة ولم تتبلور بسبب ذلك أي إرادة مشتركة يمكن أن تكون أساسا للحل.
حتى السلل الأربعة وورقة المبادئ المتفق عليها على أهميتها، لكنها كانت عناصر كسب وقت بالنسبة للمتفاوضين، وفي لعبة كسب الوقت بقي النفي هو العمود الفقري.
نعم قدم المجتمع المدني بالرغم من حداثته وانخفاض خبرته السياسية والدبلوماسية، وبالرغم من عدم عدالة تمثيله ليكون تضمينيا، لكنه على مستوى تقدير هواجس جميع الأطراف كان الأميز، ومخرجات حلوله فيما لو انطلقنا من خارج حرب النفي تعتبر منطقية جدا.
مالذي يعيق هذا النموذج من شراكة مجتمعية أن يكون صاعدا تجاه شراكة على المستوى السياسي؟
العنصر الأبرز هو تداخل مجريات الصراع بأجندات اقليمية ودولية كمشهد استثماري لآليات تفاوض أعلى من مستوى الشأن الوطني السوري ، وهذا الاقحام الذي تم بالقسر والحاجة والتواطؤ والاستنجاد جعل من ترتيب لوحة البازل سياسياً أمراً مستحيلاً لأن غايات اللاعبين ليست خاضعة مطلقا لمصالح السوريين ، ومن هنا كانت التغييرات الدولية تدير الدفة صعودا وهبوطا وفق بورصة التفاوضات الدولية الكبرى حيث سوريا تفصيل فيها .
لا أجد أن الأمر بمستواه الدولي مستغرباً ، فإدارة المصالح لا تعير انتباها للكلف وبخاصة أن من يدفعها سوريون غاضبون ويحاولون بشتى الوسائل قنص بعضهم ليل نهار ، المستغرب هو في غياب أي رؤية وطنية يعتمدها المتحاربون على خطوط الجبهات المختلفة وعلى المستوى السياسي أيضا .
لقد تسيَّد صراع السلطة على المشهد مدعوماً بالأجندات المخترِقة للمنظومة الوطنية وعليه بقيت كلمات د.عبد العزيز الخير لا تجعلوا الحقد على النظام ينسيكم حب سوريا حبرا على ورق .
هل سيكون لممثلي المجتمع المدني القدرة على تقديم هذه الفكرة بقالب جديد تفاوضي وفعال كأنموذج، هل بمقدورهم تسويق أن الحرب هي خطر كارثي على الجميع وخطاب الكراهية أيضا وعقلية الإقصاء واستمرار الدولة العميقة والنتائج الكارثية للاستبداد ومأساوية قتل السياسة وتقطيع شبكات الأمان وتوظيف الدين في السياسة وخرافات الخلافة وثارات الثمانينات.
لا أعتقد أن الأجوبة سهلة، لا أعتقد أن الحاجة ماسة لأجوبة بل لعمل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى