الرئيسيةيوميات مواطن

منبج.. في مثل هذا اليوم أشعلت المرأة “سيجارتها” وانجلت الرايات السود

مضى عامان والحقائب مازالت “محزمة” استعداداً لأي موجة نزوح قد تحدث

سناك سوري – ضياء الصحناوي

مازال مشهد تلك السيدة وهي تخلع الجلباب الأسود الذي فرضه داعش عليها وتشعل سيجارتها و “تمج” منها عالقاً في أذهان الكثيرين داخل سوريا وخارجها، فهو مشهد يعكس حجم معاناة الأهالي وشوقهم للحريات الشخصية التي صادرها التنظيم المتشدد منهم.

كان ذلك في مثل هذا اليوم من عام 2016 وهو موعد دحر “داعش” بشكل نهائي من مدينة “منبج” السورية، على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، بعد معارك طاحنة، بدأت مع نهاية أيار 2016، وانتهت بشكل كلي في مثل هذا اليوم من العام نفسه. لتفتح صفحة جديدة بتاريخ المدينة العريقة التي عانت على مدى عمرها الطويل من الحروب والتدمير، والإزدهار أيضاً، حتى لقبت بـ”مدينة العواصم” لمركزها الاستراتيجي المانع لأي غزو على بلاد العرب.

ولحظ المدينة العاثر، الذي التصق بها، على الرغم من أنها تعتبر بحسب المؤرخين والسياسيين “درة المدن”، فهي تحولت إلى منطقة صراع جيوسياسي، انتهى بخروج إعلامي لـ “قسد” منها حسب “خارطة الطريق” التي وقعتها “الولايات المتحدة”، و”تركيا” بشأن المدينة التي استقتل “الأتراك” من أجل السيطرة عليها بأي ثمن، لتدخل مرحلة جديدة مازالت ملامحها ونهايتها مجهولة.

“منبج” أو “المدينة المقدسة”، كما كان يطلق عليها سابقاً، كونها أحد أهم مراكز انطلاق الحجاج نحو “مكة”، و”القدس”، تقع  شرقي مدينة “حلب”، وغرب “نهر الفرات”، ويسكنها ما يزيد عن المائة ألف نسمة بحسب إحصائية تعود للعام 2011، غالبيتهم من العرب، والأقليات الكردية والشركسية.

اقرأ أيضاً “أردوغان” غاضب: الوضع في “منبج” و”تل رفعت” لا يسير بالاتجاه المطلوب!

بعد طرد “داعش” من المدينة، شكلت “قسد” بالاتفاق مع “التحالف الدولي” مجلساً محلياً لإدارة شؤون المدينة، أطلق عليه “مجلس منبج العسكري”، ورغم كل المحاولات التركية باكتساح المدينة عسكرياً، والضغوط اليومية التي مارستها لكي تمنع استقرارها، تحولت “منبج” إلى مكان صاخب يعج بالحياة، وباتت مع الوقت مدينة مستقرة نسبياً وقصدها خلال المرحلة الماضية عدد من رجال الأعمال والتجار الكبار على اعتبار أنها سوق جديد وواعد بالربح الوفير، فالشوارع مزدحمة، والمحلات ممتلئة بكل ما يشتهيه المواطنون الباحثون عن الاستقرار والأمان.

وعلى الرغم من دعم “الولايات المتحدة” لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، فإن الضغوط التركية كانت أكبر من أن تدع “قسد” في المدينة، خاصة بعد التقارب “الروسي – التركي” والتفاهم على مناطق “عفرين”، و”تل رفعت”، لتكون النتيجة النهائية بخروج “قسد” على دفعات من “منبج”، وقيام “القوات الأمريكية” بتشكيل دوريات مشتركة مع الأتراك، وصولاً إلى قيام “تركيا” بتشكيل “مجلس محلي” تختاره بحسب المسؤولين الأتراك من السكان “الأصليين”، (السكان الحاليين من جزر القمر الشقيقة).

يعتقد الأهالي المعركة في “منبج” لم تنتهي بعد، فالعلاقات الدولية لا تشي بذلك، خاصة مع تحرك “القوات الحكومية” تجاه الشمال، ولن تكون “روسيا” بعيدة عن ذلك في ظل الأزمة الحادة بين “تركيا”، و”الولايات المتحدة”. هذا بخلاف موقف السكان من التطورات الجديدة.

يقول “محمد” وهو مهندس سوري من “منبج” في اتصال هاتفي مع سناك سوري اليوم:«رغم الاستقرار الذي نعيشه، إلا أن حقائب النزوح محزمة وجاهزة لأي طارئ، فنحن ندرك أنه استقرار هش، والمزاج العام هنا ميال بشكل أكبر في هذه المرحلة تحديداً لاستعادة الحكومة السيطرة على المدينة لكن من دون معارك، عبر اتفاق يحفظها من الدمار ويمنع تعفيشها ويعيد مؤسسات الدولة والثقة إليها في الوقت نفسه».

اقرأ أيضاً “منبج” الغارقة في النعيم المؤقت .. لغز الأطراف المتنازعة على “سوريا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى