الرئيسية

محمد أحمد.. مصمم فستان كساندرا

خياط الجزيرة .. حمل الماكينة على أكتافه عشرات الأميال

سناك سوري – عبد العظيم العبد الله

في الثامنة عشر من عمره قرر “محمد علي أحمد” من أهالي مدينة “القامشلي” ترك دراسته والتوجه نحو مهنة الخياطة التي أحبها وبذل أقصى مايستطيع من جهد لاستمراره فيها وحياكة الملابس الفلكلورية التراثية بشكل خاص حفاظاً عليها من الاندثار، وحقق شهرة منقطعة النظير في الجزيرة السورية التي يعد من أقدم خياطيها اليوم.

مهارة خياطة الأزياء الفلكلورية اكتسبها بالفطرة حتى أنه أنجز الكثير من الملابس لأشخاص أخذ مقاساتهم دون أن يراهم ومنهم مغتربون يتواصلون على الهاتف معه حسب ما أكده في حديثه مع سناك سوري، لكن المهارة اقترنت بالكثير من المعاناة التي رافقته منذ بداية عمله حيث يقول لـ سناك سوري:«في العام 1969 اشتريت ماكينة بـ 250 ليرة سورية وكنت أحملها وأعمل كخياط متجول، أضع الماكينة أمام محل بيع القماش وأدفع له أجراً مقداره 10 ليرات سورية مقابل كل مئة ليرة سورية أحصل عليها يومياً».

خبرة الخياط “محمد” جعلت منه مقصداً للكثير من المغتربين القادمين من “أمريكا وألمانيا والعراق وتركيا والهند والصين وغيرها من الدول”، ولأبناء الجزيرة من مختلف الثقافات والمحافظات الأخرى مثل “درعا” الذين يقصدون محله في مدينة “القامشلي” ليخيط لهم الملابس التراثية الخاصة بكل محافظة أو منطقة والتي أتقنها جميعها نتيجة اطلاعه عليها فهو قادر على إنجاز أي لباس بمجرد النظر إليه بشهادة زبائنه.

خمسة عشر يوماً هي مدة إنجاز أي قطعة لباس من قبل الخياط “أحمد” حيث تتنوع درجات صعوبة إنجاز الألبسة حسب نوعها منها مايسمى “التخريج” وهو أصعب الأنواع يليها “البشت” وهو زي عربي قديم، منحه إضافات خاصة من عنده.
من القصص المحورية في مسيرة خياط الجزيرة المهنية، حكاية القطعة الهندية التي أضاف عليها تفاصيل جعلتها وسماً ارتبط باسمه، حيث: «جاء رجل من الجزيرة وهو مغترب في الخليج معه قطعة هندية، طلب مني إجراء تعديلات عليها بحيث تصبح مشابهة لزي بلدنا، وقد أجريت التعديلات التي استغرقت مني وقتاً وجهداً حتى أنجزتها بالكامل وسميتها “كساندرا”، ثم أخذها صاحبها إلى مكان إقامته، ليبدأ الطلب عليها من قبل الزبائن وحقق انتشاراً كبيراً في أوساطنا حينها حيث كانوا يأتون إلي ويقولون صمملنا “فستان كساندرا”».(كساندرا مسلسل أجنبي عرض مدبلجاً على الشاشة السورية في تسعينات القرن الماضي وحقق انتشاراً واسعاً).

اقرأ أيضاً:“الدف والزرنة”.. تراث الجزيرة السورية المعلق على الجدران

بداية التسعينيات استقر “أحمد” في محله بمدينة القامشلي، وبدأ يعلّم الشباب وأبناءه تلك المهنة ويقول إن عددهم يقدر بالمئات، وقد كانوا يستغربون لماذا يحتفظ بدفاتر المقاسات عنده، منذ أول يوم عمل في الخياطة حتى تاريخه.
لماذا تحتفظ بها، يجيب: «كثير من المرات يأتي إليّ شاب يطلب تفصيل قطعة معينة لوالده ولا يعرف مقاساته، فوراً أذهب إلى الدفتر، وتكون عندي المقاسات من عشرات السنين، طبعاً أحياناً أحصل على المقاس عبر الهاتف لشخص يقيم في “أوربا” أو دولة أخرى، أطلب وزنه وقياس اللباس الذي عليه، وأحدد مقاسه بناء على ذلك، وكثيراً ما أحدد المقاسات داخل المحل من دون أن أستخدم المتر معتمداً على العين المجردة، وأحياناً الزبون يريد التأكد من المتر، فيكون كما حددته بالعين، فأقول له إنها الخبرة وحب المهنة يجعلانك تعرف من النظرة».
عرف عن خياط الجزيرة السورية اتقانه لتصميم فساتين من وحي شخصيات الفنانات السوريات والأزياء التي يرتدونها، ومن أكثر الشخصيات الفنية السورية التي صمم أزياءً من وحي أناقتها الفنانة السورية “ميادة الحناوي”، وكان من بينها فستاناً أهداه لابنته التي تحب “الحناوي” كما يحبها هو ويعجب بها.

سيدة ترتدي أحد الأزياء التراثية التي يفصلها الخياط

يذكر أن الرجل الستيني مازال حتى اليوم يجلس خلف ماكينته التي أحبها ينجز ويبدع تصاميم تراثية مختلفة بحب وإتقان .

اقرأ أيضاً:“أندراوس شابو”.. جمع 250 قطعة تراثية وأسس متحفاً منزلياً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى