الرئيسيةشباب ومجتمع

لا يخجلون من ارتكاب العنف بل يخجلون من الاعتراف به

بظل الظروف الراهنة الكتابة عن العنف ضد المرأة أولوية

قبل سنوات من اليوم، وفي ليلة صيفية هادئة خرج جميع سكان الحي، على صراخ سيدة هاربة من ضرب زوجها لها بعصاة المسح، تركها بعد تدخل الجيران، طلبت منها عند زيارتها صباح اليوم التالي وبعد ذهاب زوجها إلى عمله، أن أصحبها إلى الطبيب وكتابة تقرير يوضح حجم الأذى على جسدها، لكنها رفضت قائلة: «هو خرج كالديك المزهو، أما أنا أشعر بالخجل من حالتي التي رآني عليها الجيران أركض حافية، وأولادي الأربعة خائفين مما يرونه أمامهم».

سناك سوري – لينا ديوب

يتكرر المشهد في نفس الحي بصور مختلفة قد تكون أقل حدة، لكن صراخ الزوج يخرج وتعنيفه لزوجته وأبنائه يصل إلى بقية السكان، دون تدخل من أحد.

اليوم مع بدء نشر مواد صحفية بمناسبة إطلاق حملة ستة عشر يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بدأت التعليقات من نساء ورجال، بعضها يقول إن العنف يطال الجميع والأجدى أن نطلق يوماً لوقف العنف ضد الجميع، والبعض الآخر يطالب بحماية الرجال من النساء، وكأن المجتمع يرفض الاعتراف بما تتعرض له النساء من العنف، أو في أحسن الأحوال ليس أولوية لأننا نعيش فترة ما بعد الحرب وظروف معيشية خانقة.

ماذا قالوا قبلاً

(لو مزعوجة كانت تركت) هذه العبارة يرددها الجيران عن حالة الجارة التي يسمعون أصوات تعنيفها، يضاف إليها عبارة (أبصر شو عاملة)، أما الأهل فيرجعون ابنتهم إلى البيت الذي تضرب فيه قائلين لها (بكرى بيتغير) أو (كرمال الولاد اتحملي) في أحسن الأحوال الصديقة المقربة تقول (أكيد مريض).

اقرأ أيضاً: لا تكفي إدانة العنف ضد النساء.. ماذا عن جذوره بالاجتهادات التمييزية؟

العنف جرم وليس مرضاً

لا يساعد قانون العقوبات السوري على الحد من العنف الأسري، حيث لا يحق لأحد الإبلاغ إلا المتضررة أو أحد أفراد الأسرة، أيضاً لا يوجد نص قانوني يعتبر العنف جريمة، رغم ما أنفقته الحكومة على خطة وطنية لحماية النساء من العنف، وما أعدته من دراسات قانونية واجتماعية وصحية تثبت وجود القوانين التمييزية في قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات والإرث والجنسية، كان آخرها قبل سنة دراسة أعدتها الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بالتعاون مع صندوق السكان، لم تنشر بعد.

في نفس الوقت تظهر التقارير الحكومية وتقارير المجتمع المدني أن الأعراف والتقاليد لا تزال تتحكم بحياة النساء رغم التقدم الواسع في دخولهم مجالي العلم والعمل، والقليل في المشاركة بالشأن العام.

إن التراخي مع موضوع العنف الأسري وغيره ضد النساء والفتيات، يبقي الصمت والخجل والخوف والوصمة الاجتماعية عائقاً أمام النساء للوصول إلى مراكز الحماية على قلتها، ويشجع على استمرار السلوك الاجتماعي المتعايش معه، والذي يشجع استهجان حملات مناهضة العنف واعتبارها تقليد للغرب وشعارات لا أساس لها بالواقع، كما تبقيها ظاهرة صعبة القياس لقلة التبليغ.

أولوية في جميع الظروف

إن تسامح المجتمع مع العنف ضد النساء لدرجة رفض الحديث ضمن هذه الحملة، وتذكر أنواع العنف الأخرى في المجتمع بحجة الحرب والفقر، يدفعنا للكتابة والكتابة عنه كأولوية في جميع الظروف، واستمرار المطالبة بتعديل القوانين واتخاذ سياسات وإجراءات تشجع على التبليغ والحماية من مختلف أشكاله سواء عنف جسدي،أو معنوي، أو لفظي، أو جنسي، أو اقتصادي.

اقرأ أيضاً: باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.. نحتاج قانوناً لحمايتهن من العنف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى