إقرأ أيضاالرئيسيةقد يهمك

في “بياندور” الانتصار السوري صنعته “اللوحة الفسيفيائية”

قاتلنا معاً من كل عرق ولون دفاعاً عن هذه البلاد ضد كل وجود أجنبي

سناك سوري – آزاد عيسى

أسماء كثيرة وقصص بطولية سطرها أبناء الجزيرة  السورية خلال ملاحمهم ضد المحتل الفرنسي، في النصف الأول من القرن الماضي، لكن المعركة التي تحفظها الصفحات، وتداولها كل الألسنة وتتناقلها الأجيال درءاً للنسيان، وإعجاباً بها، تبقى معركة “بياندور” التاريخية!!!

“بياندور” قرية ريفية تبعد عن القامشلي 15 كم غالبية سكانها من السوريين الكرد، وهي تتمتع بموقع استراتيجي مادفع الاحتلال الفرنسي لجعلها ثكنة عسكرية يرأسه الضابط الشهير آنذاك “روكان”.

لم يكن أبناء المنطقة ليرضوا بأن تصبح مدينتهم ثكنة عسكرية أو قاعدة لأي قوات أجنبية في بلادهم، تقول السيد “بدرية سيد صالح” وهي في التسعين من عمرها وتمتلك ذاكرة حاضرة لـ سناك سوري: «رفض جميع أبناء القرية التعامل مع الفرنسي الذي حاول تجنيدهم، طالبوا المواطنين العاديين وزعيم عشيرة “الشتيتية” الكردية لكنهم لم ينجحوا، مما دفعهم للجوء إلى القوة معتبرين أن هذا الرفض إهانة لهم فقاموا بإعدام “سليمان عباس” الذي لم يقبل بأي شكل من الأشكال التواطئ معهم».

اتحد أبناء المنطقة من عرب وكرد مسيحيين ومسلمين لمواجهة الفرنسي واستلموا أسلحتهم الريفية الخفيفة وبدأوا يقاتلون الفرنسي، ردة فعل القائد “روكان” كانت بنفي شيخ قبائل طي العربي “محمد العبد الرحمن” إلى جزيرة أرواد عقاباً له على موقفه وموقف أبناء قبائله بالهجوم على قاعدتهم.

لم تهدأ النخوة العربية ولا الشيمة الكردية لمقتل “سليمان” ونفي “العبد الرحمن” واستمرت المواجهات اليومية، يقول أحد وجهاء عشيرة “الجوالة” العربية “خالد الحميّد” لـ سناك سوري: «أسس “روكان” مطاراً عسكرياً وقاعدة عسكرية ضخمة بين المالكية والقحطانية، ظناً منه بأنه قادر على حماية نفسه ووجود جيشه، فشنت عشيرة “حاجو الكردية” برفقة العشائر العربية هجوماً كبيراً على قاعدة بياندور بتاريخ 28\7\1923، حققوا فيها نصراً كبيراً، وخلفوا خسائر بشرية وعسكرية في صفوف الاحتلال».

هذه العزيمة دفعت “روكان” للانتقام من “بياندور” فشن هجوماً كبيراً عليها ظناً منه أن سيحقق انتصاراً ساحقاً، يقول الباحث التاريخي “جوزيف آنطي”: «نصب الوطنيون الأحرار كميناً للقائد الفرنسي “روكان” عند مدخل بلدة “القحطانية” وكالعادة تعاون مختلف أبناء المنطقة في هذه العملية لكنه نجى من الكمين وتابع طريقه نحو “بياندور” التي كانت تنتظره بمختلف أبنائها وأبناء المناطق المجاورة عند مدخل القرية حيث دارت معركة كبيرة بينهما أسفرت عن مقتل “روكان” وعدد كبيرة من جنوده، واستولى أبناء المنطقة على أسلحتهم، فكانت هذه واحدة من أشد الهزائم وقعاً على الفرنسيين بجهود وطنية سورية خالصة شارك فيها مختلف أبناء المنطقة»

“بياندور” القرية الصغيرة والجميلة تعيش اليوم على أنغام الماضي الرائع، مازالت سفوحها وحبيبات ترابها معطرة بآثار دماء أبنائها الذين دافعوا عن كل سوريا من خلالها، وما كان النصر ليرفرف لولا معانقة القلوب والأيادي من مختلف أطيافها، فكان النصر الأجمل فيها، نصر يوصف بأنه نصر “اللوحة الفسيفسائية” على قولة التلفزيون السوري.

يذكر أن اليوم 17 نيسان 2018 يصادف الذكرى 72 لجلاء المستعمر الفرنسي عن سوريا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى