الرئيسية

في الطريق إلى الجنوب تتعثر بآثار الحرب والأزمات التي خلفتها

من الحراك : الانقسام الحاد لا ينتهي بانتهاء الحرب … البحث الحلول العميقة للمجتمع العشائري

سناك سوري – هيثم العلي

تحاول “أميرة إبراهيم قداح” التأقلم مع ظروف الحياة الصعبة التي فرضتها الحرب عليها بعد عودتها إلى مدينتها “الحراك” التي خرجت مؤخراً من دائرة العنف.

“أميرة” عادت من المكان الذي نزحت إليه إثر المعارك التي شهدتها المدينة لتسكن في منزل أختها فمنزلها دمرته الحرب ولكنها لم تجد طريقاً آخر للتخفيف من مصاريف الحياة في ظل غلاء الإيجارات، مؤكدة أنها ستعمل بأرضها لعلها تعوض ماخسرته من خلال الزراعة وبيع ماتنتجه من محاصيل وكروم الزيتون.

أما “قاسم عبد الكريم الحريري” الذي خسر فلذة كبده وهو ما لا يمكن لأي شيء أن يعوض عنه فهو مؤمن بقدره هذا ويجلس اليوم يستعيد تاريخ “الحراك” وآثارها التي صمدت بوجه الحرب كما سكانها الذين عانوا من التهجير وحياة المخيمات على الحدود.

فرحة عودة السكان إلى “الحراك” وخروج المسلحين منها ينغصها غياب الخدمات الأساسية والبنى التحتية حيث يقول “عطالله المصري” لـ سناك سوري: «نعيش واقعاً أفضل بعد عودتنا إلى أحيائنا، لكن “الحراك” تغص بركام الحرب فالكهرباء مقطعة أسلاكها والمياه غائبة والاتصالات سرقت كوابلها والمحلات فارغة».

ويضيف :«تصور مدينة لا يوجد فيها دكان أو محل لشراء حاجياتنا التي نؤمنها من بلدة”الغارية” أو “المليحة “عودة الأمن والأمان عادت لنا بفرحة ناقصة بغياب كل مقومات الحياة، لكن قوافل المساعدات والطحين والغاز بدأت تصل تدريجياً».

“الحراك” اليوم وبعد 8 سنوات من الحرب عادت مدينة للحركة خالية من المسلحين وهي تقع بين قرى “دير السلط والحريك والحراك وناحتة والصورة ” وتنقسم إلى ثلاثة مناطق وهي بمساحة 70 ألف متر مربع وتبعد عن مدينة “درعا” التي تتبع لها إدارياً حوالي 30 كيلومتر شمال شرق و عن مدينة “دمشق” حوالي مئة كيلو متر جنوباً، حسب حديث رئيس مجلس المدينة “محمد السلامات” لـ سناك سوري مؤكداً أن الأهالي سيعودون لأعمالهم ومزارعهم التي كانت مصدر رزقهم وحياتهم قبل الحرب.

ووفقاً لمصادر سناك سوري فإن 60 ألف نسمة كانوا يعيشون في قرابة 10 قرى وبلدات تتبع إدارياً للمدينة وقراها عادوا إلى قراهم بعد غياب، لكن هذه العودة تحتاج إلى مقومات في مقدّمتها إعادة البنى التحتيّة والخدمات وتأمين المواصلات وترميم المنازل المتضرّرة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الجهات الحكومية المعنية بدأت بالعمل لإزالة الأنقاض من الشوارع لتسهيل دخول الآليات والسيارات والورشات للقيام بعملها تمهيداً لإعادة البنية التحتية والحركة الطبيعية لشوارع المدينة والمناطق التي تتبع لها.

وحسب مصدر حكومي فقد :«تم تشكيل فريق خاص لمتابعة مراحل العمل وتقييمها وتأمين الغذاء والدواء والعناية الطبية والمياه والخدمات الفنية التي تتعلق بالعمران، إضافة إلى فرق على مستوى الوحدات الإدارية لتقييم واقع المخططات التنظيمية وحالة الأبنية السكنية والمنازل لتحديد الأبنية التي تحتاج لترميم أو إعادة بناء إضافة لوضع هيكلية جديدة وبرامج للمخططات التنظيمية».

أهالي المدينة والبلدات المجاورة لها بأغلبهم يجمعون على أن ملف ريف “درعا” الشرقي والغربي يحتاج إلى تتويج التسويات بمصالحات اجتماعية وبغطاء واسع لقلب صفحة السنوات الثمانية كون “حوران” تعتمد على العشائرية والعائلة الواحدة التي لا تنسى وتتجاهل الخلافات التي نتجت وأفرزت درجةً عالية من الانقسام بين مؤيد وعارض وما شابها من حالات خطف وقتل في الريف جعلت نسبة كبيرة من الطرفين غير قادرين على قبول بعضهم بعضاً فهناك أصوات تنادي بالانتقام وأخذ الثأر،  صفحة ليس من السهل طيّها وتحتاج بما لا شك فيه إلى عمل دقيق على تفكيك المشكلات الحالية واجتراح الحلول العميقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى