الرئيسيةيوميات مواطن

صباط بلاستيك حلم ابن الـ8 سنوات – عفراء بهلولي

قصة حقيقية... عن فارس الذي لقبوه "أبو صباط بلاستيك" ولا يخجل من لقبه

ولد العم “فارس” في أربعينيات القرن الماضي حافي القدمين حاله كحال كل الأطفال. لكنه يختلف عن المليارات منهم بأنه بقي حافي القدمين ثماني سنوات بعد ولادته.

سناك سوري – عفراء بهلولي

في الشرق السوري وتحديداً قرية سلوك بمحافظة الرقة ولد العم فارس الذي أصبح اليوم يلقب أبو أحمد. أمضى شهوره الأولى في المهد إلى أن تعلم المشي بعد مضي عام على ولادته. مضى الطفل أولى خطواته حافي القدمين فاستمرت تلك الخطوة ثماني سنوات احتك خلالها بالتراب والطين والأشواك والحصى. خدشت أقدامه وتجرحت وتألمت قبل أن تعرف طعم الحذاء.

في سن الثامنة كان الطفل فارس ينتظر عودة والده من حلب التي قصدها قبل أيام. وعندما دخل بعباءته التي ارتدى فوقها فروة تقيه حر الصيف وبرد الشتاء في الطريق الشاق. تقدم إليه وأعطاه الحذاء الأول في حياته.

“نظرت إليه وعانقته بشدة، ليس لأبي بل للحذاء، صحيح أنه كان أكبر بنمرتين على الأقل لكن سعادتي به تضاهي سعادة ولادة أول أبنائه. كما جميع فقراء العالم على ما أعتقد فإن أي غرض يدخل للبيت يبقى للأبد أو حتى يقضي عليه الزمن. وحذائي بعد عام أو عامين سينتقل لأخته الأصغر وهكذا” يقول “فارس”.

إلا أن حذاء “فارس” في حياته مثل حذاء سندريلا بالنسبة لها إن لم يكن أهم مع اختلاف الأحداث طبعاً. يضحك “أبو أحمد” ويروي كيف طبع القبلة الأولى على حذائه. وكيف ناولته والدته بيدها (كف) استنكاراً منها لفعلته (قبلته يعني).

بأول أيام المولود الجديد أقصد الحذاء الجديد لم يستطع “فارس” النوم وهو يفكر بنظرات أصدقائه له وهو بالحذاء. وأتعبه الخوف من أن يرتديه أخاه الأكبر لذلك وضعه تحت مخدته.

في اليوم التالي يروي فارس لموقع سناك سوري تجمهر أولاد القرية حوله حتى الجيران سألوه عن الحذاء ( كان حذاءاً أحمر وله شرائط لربطه كان مغرماً بتلك العقدة التي يصنعها لحذائه). يقول “أبو أحمد” ركبت الحذاء وطرت به في الحي الذي سرعان ما ملأه بالغبار والطين، لا مشكلة عدت إلى الدار مسرعاً ومسحته كما أغسل وجهي في الصباح.

قد يعتبر البعض أن الحصول على حذاء أمر عادي. ولكن بحالة العم “فارس” وزمنه، فإن الحصول على حذاء كان حلماً  لأولاك الأطفال البعيدين، ذوي الوجوه المغبرة…. للأطفال أصحاب الأيادي المشققة بفعل البرد فلا كريمات للأيدي ولا كفوف تقيهم برد الشتاء.

بعد فترة قصيرة خفّ بريق الحذاء لكنه بقي حدثاً بارزاً، وفي يوم من الأيام توجه”فارس” وأصدقاؤه إلى جرف عالي اعتادوا الذهاب اليه وتسلقه. هناك كان عليه أن ينزع حذاءه، وخوفاً من أن يسرق وضعه في كنزته وعض طرف الكنزة بأسنانه صانعاً بذلك سلة للحذاء.

وأثناء تسلقه للجرف كاد يسقط فكزّ بأسنانه على كنزته الصوف البنية، كان يفضل السقوط على أن يسقط الحذاء. وبقي معلقاً بين جرفين. بينما كان الأولاد يحاولون إنقاذه إلا أن جهودهم باءت بالفشل.

بعد فترة بدأ الفك بالرجفان وعلى مايبدو طرف الكنزة سيفلت من بين كماشات فكه.. تنبه الطفل ومسح لعابه بكتفه وحاول الصمود.. فسقطت فردة الحذاء.

في تلك الأثناء كان بعض أطفال القرية نادوا للرجال لإنقاذ الطفل العالق بين جرفين وبعد عملية الإنقاذ تلقى من والده الكثير من لسعات عصى الرمان. لم تكن اللسعات خوفا عليه بل عقاباً لسقوط فردة الحذاء.موقع سناك سوري.

سخر أخوه الأكبر منه وبكت أخته الصغيرة أما هو فقد تحايل على فردة الحذاء الضائع بأن لف قطعة من كيس الخيش الخاص بجمع التبن حول فردة الشحاطة وجعلها شبيهة بفردة الحذاء.

وأصر أن يرتديها أينما ذهب َمع تحمل السخرية ومن يومها أصبح الأطفال ينادونه “أبو صباط بلاستيك”. وبقي الاسم عالقاً حتى كبر وتزوج وأصبح لديه من الأولاد الكثير. لكنه لم يخجل به في يوم من الأيام.

مارأيكم بقصة “فارس” هل لديكم قصص مشابهة شاركونا بها.

اقرأ أيضاً: حين ارتدت “سندريلا” السورية جزمة البلاستيك

زر الذهاب إلى الأعلى