الرئيسيةحرية التعتير

شكرية تنتظر ابنتها وهيلة تحنّ لحفيدتها.. دور المسنين تغص بالخيبات

“شكرية” مقتنعة أن لا أحد يفكر بها.. دور رعاية المسنين خيارٌ مرّ تفرضه ظروف مختلفة

سناك سوري – رهان حبيب

تكرر “شكرية” ٦٩عاماً السؤال للمشرفة: هل اتصلت؟ اليوم الخميس يجب أن تتصل؟ تأخرت كثيراً؟، تجيبها: تتصل بعد قليل لاتشغلي بالك، في حين توبخها “سعدى” نزيلة أخرى تتشارك معها الغرفة: «الخميس الماضي لم تتصل بتكون مشغولة يكفي أسئلة»، وترد “شكرية” «يارب ماتكون مريضة ليتني أذهب للاطمئنان عنها».

“شكرية” هي إحدى النزيلات في دار رعاية المسنين في “السويداء”، وسؤالها السابق ما هو إلا للاستفسار عن ابنتها الوحيدة الباقية في “سوريا”، من بين أبنائها الـ3 الذين غادر اثنان منهم البلاد.

وبينما تنتظر “شكرية” ابنتها، بمخاوف عليها وألم لعدم رؤيتها، تقول “سعدى” ٧٣ عاماً لـ”سناك سوري”، إنها أتت إلى الدار بعد مكيدة دبرها الأولاد وزوجاتهم ليسكنوا منزلها، وتحاول عبثاً إقناع زميلتها “شكرية” أن لا أحد يفكر بهن كعجائز، في حين تحن “هيلة”  لابنتها وحفيدتها في “ألمانيا”، وتضيف: «بنتي التانية بتزورني خلال العطل لكنها تأخرت هذه المرة ولم تتصل بي منذ شهر».

نهاية حزينة لنزلاء دار المسنين، الذين يقضون وقتهم باستذكار وسرد ذكرياتهم القديمة مع عائلاتهنّ، كيف كانت بيوتهن تحتضنهن، يتونسنّ مع العائلة ويلتقين الجيران، صباحات القهوة، وجلسات الأبناء والأحفاد، ورغم كل المرار اليوم تحضر تلك الذكريات مع تنهيدة على أيام انقضت دون عودة.

اقرأ أيضاً: اقرأ أيضاً: كورونا… هات عنك مبادرة لتوصيل حاجيات كبار السن إلى منازلهم

خيبة

خيار الرعاية خارج المنزل وبعيداً عن الأولاد خيار مكروه يفرضه بعض الأبناء، وليس أمام كبير السن أي خيار آخر سوى الموافقة مصحوبة بالخيبة في غالب الأحيان، لكن القائمين على رعايتهم يحاولون إشغالهم بأنشطة مختلفة أهمها جلسات مع مرشدين نفسيين واجتماعيين لامتصاص بعضٍ من ثقل الشعور بعدم حاجة الأولاد لهم.

يقول “نورس أبو فخر” المعالج النفسي في دار الرعاية بـ”السويداء: «نساعد المسنين على مقاومة شعورهم بأن أولادهم وأسرهم لا تحتاجهم، من خلال إدخالهم بأجواء الدار والتفاعل فيما بينهم كنزلاء، وتتم مساعدة المسن على التواصل وعدم الانعزال والتفاعل بطريقة صحية ومع الوقت نجد منهم من يألف الأوضاع ويحقق نوعاً من الاستقرار».

رغم اعتراض غالبية المسنين على النزول في دار الرعاية وتلقي الخدمة الاجتماعية التي تقدمها تلك الدور، إلا أن نسبة منهم خاصة أولئك الذين هاجر أولادهم ويعيشون الوحدة والفراغ اليوم، يحبذون الإقامة بدور رعاية تتكفل الاهتمام بهم مقابل أجور مادية، علماً أن دار رعاية “السويداء” تستعد لافتتاح قسم مأجور وجمعية “حنايا” تحضر اليوم لتأسيس هذه التجربة، علّها تغير من نظرة المجتمع وتقييمه لدار الرعاية لتكون ملجأ كريماً للمسنين دون حرج أو تخوف، وتساعدهم على تعويض جزء من حالة افتقاد الأولاد التي يعيشونها لأسباب متنوعة بينها الهجرة.

يذكر أن عدد من الفنانين السوريين عاشوا في دور المسنين، مثل المخرج “علاء الدين كوكش“، بالإضافة للفنانة التشكيلية “ليلى نصير“.

اقرأ أيضاً: سوريا… الحرب تزيد الضغط على دور المسنين وبعضهم لايملك أن يدفع

هيلة مسنة تنتظر ابنتها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى