الرئيسية

سوريون يفتقدون حتى زيارة أضرحة أحبائهم الذين أخذتهم الحرب!

عن الحرب والفقر اللذان غيّرا عادات العيد

سناك سوري – غرام عزيز

أمام صورة والدهم المعلقة على جدار منزل بيت الجد في إحدى القرى الريفية بمدينة “طرطوس” يقف الطفلان “خضر” أربع سنوات و”جعفر” ثلاث سنوات ووالدتهما يراقبان صورة والدهما الذي لم يتمكنا من التمتع بنعمة حنانه أو تلمُس ملامح وجهه إلا عبر الصور، يقرؤون الفاتحة يعايدوه يمسحون دموعهم بأيديهم، وهنا ينتهي عيدهم لا ورود ولا هدايا ولاحتى رياحين على القبر الذي تركوه بفعل الحرب في قرية “حبيت” بريف “اللاذقية” التي تبعد عنهم مئات الكيلومترات.

تسترجع العائلة المكلومة ذكريات باقات الورد والريحان التي وضعوها آخر مرة على القبر في آخر زيارة لهم للقرية البعيدة قبل أشهر، حيث أشعلوا البخور وقبّلوا التراب والضريح على أمل زيارته في العيد، لكنهم اليوم لم يتمكنوا من ممارسة هذا الطقس فظروف الحياة الصعبة وبعد المسافات وصعوبة المواصلات منعتهم حتى من حمل هداياهم لذلك القبر البعيد.

ظروف الحرب التي جمعت شاباً وشابة من محافظتين مختلفتين هي نفسها التي فرّقتهما حيث تقول والدة الطفلين “أمل” في حديثها مع “سناك سوري”: «منذ بداية الحرب تعرفت إلى “علي” الذي أتى لإكمال خدمته بالجيش في المدينة القريبة من قريتي تعارفنا وتزوجنا، سكنت معه في قريته ثلاث سنوات في منزل بالايجار لكني عدت اليوم مع أطفالي إلى قريتي بعد أن أخذته الحرب مني وهو اليوم يرقد بعيداً عنّا ولم نتمكن من زيارته هذا العيد لوضع الريحان على قبره نظراً لظروفنا الصعبة واكتفيت بقراءة الفاتحة على روحه التي ماتزال حائمة حولنا».

ظروف الحرب أيضاً قادت عائلة “أبو خالد” من ريف “دير الزور” للسكن في أحد مراكز الإقامة المؤقتة بمحافظة أخرى لكن عيونهم ماتزال معلقة بتلك الحارة التي تحمل شوارعها ومنازلها ذكرياتهم التي حُرموا منها خاصة خلال العيد،حيث تقول”أم خالد”: «الحرب غيرت الكتير من عاداتنا وأخدت منّا الفرح حتى قبور أحبتنا لم نعد قادرين على زيارتها بالعيد وإشعال البخور ووضع الريحان والآس والأغصان الخضراء»، تصمت قليلاً ثم تضيف: «كانت عادتي أن أزور في كل عيد قبر والدتي أزينه بالريحان الأخضر وأُشعل البخور من أجل تعطير المكان بالروائح الطيبة لكن للأسف اليوم روح والدتي تفتقدني ولا أعلم شيئاً عن القبر الذي لم أزره منذ سنوات».

وعلى عكس العائلتين السابقتين فإن “أم محمد” التي نزحت من ريف مدينة “حلب”، و تقيم في مركز إقامة مؤقت بمحافظة أخرى دفنت في مكان إقامتها ابنها الذي قُتل في المعارك خلال الحرب الدائرة في البلاد، تضيف لـ”سناك سوري”: «لم تسمح لنا الظروف بدفن ابننا في قريتنا دفناه هنا وزرناه في هذا العيد لكن في حال تحسنت الظروف وتمكنّا من العودة إلى القرية سيبقى القبر هنا وعندها ستكون هناك صعوبة كبيرة في زيارته بسبب بعد المسافات».

السوريون اليوم من مختلف المحافظات تغيرت قواعد أعيادهم بعد أن تحول معظمهم إلى نازحين أو لاجئين أو مفجوعين بفقدان الأحبة، وعدم قدرتهم على القيام بعادة زيارة أضرحتهم مكتفين بالنظر إلى صور من فارقوهم والحنين حتى لزيارة مقابرهم، لكنهم مازالوا متسلحين بالأمل بغد أفضل لأبنائهم وماتبقى من السوريين بعيداً عن الحرب والموت والألم.

اقرأ أيضاً: العيدية.. منعتها الحكومة فحُرم الأطفال منها!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى