الرئيسيةتقاريرمختاراتمعلومات ومنوعات

سوريا .. زلزال حلب ثالث أعنف الزلازل في التاريخ

سوريا موجودة فوق الصدع الزلزالي…

هناك أسباب عديدة للزلازل منها الطبيعي ومنها الناجم عن النشاط البشري، ولكن الزلازل الخطيرة – التي تتجاوز شدتها 6 درجات على مقياس ريختر – هي دائماً ما تكون ناجمة عن مصادر تكتونية.

سناك سوري – حيدر سليطين

تتكون القشرة الأرضية من صفائح قارية منفصلة تسبح فوق بحر من الحمم المنصهرة (الماغما) وتتحرك باتجاهات مستقلة عن بعضها. فتتلاقى أحياناً وتتباعد في أحيان أخرى.

غير أن هذه الحركة البطيئة للصفائح تحدث تراكماً هائلاً للطاقة في مناطق اتصالها ببعضها والتي تسمى “الصدوع”. تتحرر هذه الطاقة حين تزيد عن قدرة الصخور على تحملها فيحدث تمزق للصخور على طول الصدع. ويترافق ذلك باهتزاز أرضي أو ما نسميه بالزلزال.

الأمر أشبه بثني لوح خشبي تدريجياً، سيظل اللوح صامداً -مستقراً- حتى يتجاوز الضغط قدرته على التحمل فينكسر -ينهار- محرراً الطاقة التي تراكمت داخله عند ثنيه.

سوريا تقع فوق الصدع الذي يفصل بين الصفيحة العربية والصفيحة الأفريقية والذي يسمى «صدع البحر الميت» Dead Sea Fault. والممتد من خليج العقبة جنوباً صعوداً إلى أنطاكيا شمالاً. ويتشعب إلى عدة صدوع فرعية، كصدع سرغايا ومصياف وسهل الغاب.

اقرأ أيضاً: ماهي مؤشرات الهزات الأرضية المتكررة.. وكيف نتصرف أثناء الزلازل؟
السؤال الذي قد يراودكم الآن:

ما مدى خطورة هذا الصدع وهل من الممكن أن يحدث بسببه زلازل مدمرة كالتي تشهدها اليابان مثلاً؟

في الحقيقة هذا يعتمد على عدد من العوامل كطول الصدع ومقدار الطاقة المتحررة منه مع الزمن ونشاطه الزلزالي التاريخي. وهذه الأخيرة لا تبشر بخير فقد شهدت المنطقة زلازل مدمرة قد لا يعرف عنها الكثيرون، إليكم أحدها:

زلزال حلب 1138 ميلادي:

حدث هذا الزلزال في القسم العلوي من صدع البحر الميت وهو لم يكن زلزالاً منفرداً، حيث تتضارب المصادر التاريخية حول حدوث سلسلة من الهزات الأرضية المتتالية خلال العام نفسه والعام التالي.

ولكن هذه المصادر تتفق أن أعنفها حدث في يوم 11 تشرين الأول 1138 وتذكر أنه دمر مدينة حلب بشكل شبه كلي. وأنه قد سبق ذلك هزات أقل شدة في اليوم السابق 10ت1 1138 مما نبه السكان لإخلاء بيوتهم.

ويصنف هذا الزلزال بأنه ثالث أعنف زلزال في التاريخ وفقاً لوكالة المسح الجيولوجي الأميركية USGS بعد زلزالي “تانغشان” و”سانشي” في الصين.

واستندت الوكالة في تصنيفها إلى عدد الضحايا الذي وصل لدى بعض المؤرخين إلى 250 ألف ضحية.

لا يمكن التحقق من دقة هذا الرقم في الوقت الحالي. ولكن يمكن الاستدلال على شدة الزلزال المدمرة من خلال دراسة الرسوبيات وتصدع الحصون القديمة وانزياح القنوات المائية التاريخية. والتي قدّرت أن شدة الزلزال وصلت إلى 8.5 درجات على مقياس ريختر.

اقرأ أيضاً: السوريون والهزة.. حنين إلى هزة التسعينات وخوف على الكهرباء

ولكن هذا ليس الزلزال الوحيد الذي حدث في المنطقة، فقد شهدت العديد من فترات النشاط الزلزالي كان أعنفها في عام 1156 وعام 1202.

وهذه جميعها مؤشرات خطيرة لأن وجود هذا التاريخ من النشاط الزلزالي في المنطقة يعني أن إمكانية تكراره في المستقبل واردة.

لكن المؤكد أن التنبؤ بتوقيت وقوع الزلزال أو شدته أمر مستحيل حتى بالنسبة لأكثر الدول تطوراً تكنولوجياً.

يمكن القول أن العلم لم يحقق اختراقات شاسعة في هذا المجال بعد. يمكن رياضياً حساب زمن تكرار النشاط الزلزالي وهو يقدر بـ250 سنة بالنسبة لصدع البحر الميت. ولكن هذه تبقى تقديرات لا يعتمد عليها.

ما نعلمه الآن أن المنطقة تشهد منذ شهور حركة زلزالية نشطة، قد يكون لهذه الحركة الزلزالية آثار إيجابية من خلال تحرير طاقة الصدع المختزنة عبر هزات متوسطة الشدة بدلاُ من تحريرها دفعة واحدة في زلزال واحد مدمر.

 ولكن مجدداً هذا لا يعتبر مؤشراً يُعتمد عليه. فكما ذكرنا سابقاً في المقال بعض الزلازل المدمرة سُبقت بحركة زلزالية نشطة لم تمنع وقوعها.

خلاصة القول إن حدوث زلزال مدمر في المنطقة مستقبلاً أمر غير مؤكد وغير مستبعد فلا يمكن التحقق من ذلك قطعاً بسبب غياب الأدلة العلمية الملموسة.

إن ما نأمله هو نجاة سوريا من هذا الخطر والتفكير في مرحلة إعادة الإعمار بتوفير أنظمة العزل الزلزالي في سوريا وإيجاد حلول لانتشار العشوائيات وغياب التصميمات المقاومة للأحمال الزلزالية حتى وقت قريب من القرن الحالي. ما يجعل المنشآت القديمة أو التي بنيت بدون تصميمات هندسية مدروسة عرضة للخطر عند أول زلزال حقيقي.

* حيدر سليطين: ماجستير هندسة زلازل من المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية، ماجستير هندسة إنشائية جامعة بودابست للتكنولوجيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى