أخر الأخبارالرئيسية

دير الزور: المشنوق والعربات والعيدية ذكريات الطفولة الأولى عن العيد

القبلات والأشواق وراءها العيدية في اليوم الأول .. فلا تتأخر

سناك سوري – ضياء الصحناوي

كانت صواني “الحبية” التي يوزعها الشيخ “النقشبندي” على أبناء المدينة المصطفين في أول أيام العيد تحمل الكثير من المحبة والألفة بين الناس، خاصة الأطفال الصغار الذين يتوافدون للحصول على حصتهم من أطيب الحلويات الشعبية التي تشتهر فيها مدينة “دير الزور”، والتي تشبه “الهريسة”، فهي “العيدية” الصباحية للجميع قبل الانطلاق نحو مغامرات سنوية تضاف إلى ذكريات الأعياد السابقة.
بعد العودة من “صلاة العيد” تبدأ الطقوس بالقبل، وكأن أهل البيت الواحد لم يروا بعضهم منذ سنوات، ومع الدعاء بطول العمر وتحقيق الأماني، والزواج المبكر، غير أن الأطفال الذين يحاولون التملص من القبل، ينتظرون هذه اللحظات بفارغ الصبر من أجل قبض المستحقات السنوية من “العيدية”، يقول الشاب “جمال فندي” لـ سناك سوري: «كانت هذه اللحظات هي الأجمل في أول أيام العيد، على الرغم من محاولة إخفاء ذلك والتصنع بالخجل، كنا نحاول الانتهاء من القبل لكي تبدأ الأيادي بالدخول إلى الجيوب، وبعد كسر الحواجز كالعادة، ننتظر المزيد من الأموال حتى نستطيع الفرار بها بعيداً عن المنزل الذي كان يعج صباحاً بالأقارب، حيث نلبس ثياب العيد التي كانت أمهاتنا تمنعنا من الاقتراب منها قبل أيام، وكذلك الأحذية الزاهية التي كانت تلمع في عقولنا قبل أن ترى شمس العيد الصباحية».

اقرأ أيضاً في الجزيرة: أضاحي العيد تطغى على فرحة الكبار وبهجة الأطفال

ويضيف الناشط “قاسم الحسين” عن احتفالات الأطفال بعد طقوس الصباح: «كانت العيدية تتشتت مابين شراء الحلوى، وسندويشات الفلافل والبطاطا والعجة، وشراء الألعاب النارية (الطقطاق والفتاش) وأحياناً نبذخ فنأكل الكباب إذا كانت العيدية تسمح بذلك، كان مجمع الاحتفال بالعيد بالقرب من “جامع الراوي”، و”مقبرة الشيخ ياسين” فنركب المراجيح لترتفع أصواتنا بالأهازيج الجميلة:
كان عندي وزة يويا                     تلقط الرزة يويا
والرز غالي يويا                       بأربع مصاري يويا
مصاري العيد يويا                 عدعمي سعيد يويا
سعيد الأعور يويا                 يمشي ويتكعور يويا
زيدو زيدو مابنزيد                غصبن عنكم مابنزيد
ياولد يابوشرشوبة يويا      عمشة المخطوبة يويا
يامن خطبها يويا                شرشب ذهبها يويا
ويلعن أبو الما يقول هيييي».
ويتابع “الحسين” وصف تلك الأيام البريئة لـ سناك سوري بالقول: «بعد ذلك كنا نركب الحناتير وعربات النقل التي كان يجرها حصان هزيل مصاب بسوء التغذية، وكأنه لم يذق طعم الشعير منذ زمن بعيد. وكان أصحاب العربات يستغلون فينا سذاجة طفولتنا وسلامة صدورنا فيغرونا للركوب بعروض جذابة تجعل الأطفال يتزاحمون للركوب معهم، حيث كانوا يستخدمون بعض العبارات المشوقة، والتي لم تكن في الحقيقة إلا إغراء، مثل: (أركب عالمشنوق بفرنكين)، فنركب معه ونحن يحدونا الشوق إلى رؤية هذا “المشنوق” الذي لم يكن في واقع الأمر إلا وهماً وخيالاً، بعد فترة قصيرة من الركوب والشوق لملاقاة المشنوق يستقبلنا العامل الآخر العصبي المزاج سريع الغضب، والذي كان يصرخ بنا (انزلوا إجا أبوكم) وهو إيذان بانتهاء جولة الركوب».

وهكذا يمضي اليوم الأول من العيد، والأطفال خارج البيوت، يتمتعون بكل ما هو جديد وغريب، ففي كل عام كان هناك اكتشاف لكي يفرح الصغار بقدم العيد، وتمتلئ جيوب التجار وأصحاب المصالح الذين يظهرون فقط خلال هذه الأيام.

اقرأ أيضاً: في العيد عوائل إدلب تفقتد كبيرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى