الرئيسيةتقارير

 الناشرون جاثوم على صدور الكتّاب الشباب

فازت رواية رشيق سليمان بجائزة حنا مينة 2020 وإلى اليوم لم تطبع

هل يكفي أن يكون الكاتب موهوبا حتى تتبنى المؤسسات الأدبية موهبته وتمسك بيده في خطواته الأولى نحو النشر؟، طرح هذا السؤال مرارا من كتاب طموحين وحالمين ظنا منهم أن الطريق نحو المطبعة معبد، لكنهم كانوا مع كل خطوة يواجهون عقبات وعثرات وخيبات تزعزع من ثقتهم في أدواتهم الإبداعية.

سناك سوري-عمرو مجدح

ورغم وجود العديد من المسابقات الثقافية على مستوى “سوريا”، الا أنها وبذريعة الأزمات المتعددة تقصر في دعم حتى الفائزين كما أن البعض الأخر لا يؤمن بنزاهة هذه المسابقات ويبدو أن كل الطرق في النهاية تؤدي بالكتّاب الشباب لتحمل أعباء الطباعة من جيوبهم الخاصة.

في الحقيقة لم أفاجأ عندما باحت صديقة كانت مشروع كاتبة يوما أنها قطعت وعدا لابنتها الطالبة الجامعية، والتي ورثت عنها عشق الحرف أنها سوف تبيع أرض ورثتها عن أهلها حتى تحقق لابنتها أمنيتها بطباعة ونشر كتاب، يضم نتاجها الإبداعي وتحقق ما عجزت أن تفعله لنفسها.

رشيق سليمان

يحكي الروائي الشاب “رشيق سليمان” لسناك سوري عن واقع ما يواجهه الكتاب الشباب قائلا: «لا نبالغ حين نقول أن نشر رواية اليوم أصبح حلماً فدور النشر تحولت لمؤسسات ربحية بحتة؛ همها الأول المال أما الموسسات الحكومية التي تنشر وتطبع مجاناً فتعتمد على المحسوبيات والشللية و من الصعب جداً أن تطبع منتوجك الأدبي».

اقرأ أيضاً: بحثاً عن المال ولتراجع الدراما.. فنانون سوريون يقتحمون برامج البث المباشر

العقبات التي يواجهها الكاتب في بداياته لا تعد ولا تحصى يقول “سليمان” ويضيف: «قد تتحول لهاجس يتغلب على هاجس الكتابة لديه لكن قد يكون الهم الأول للكاتب هو النشر و هنا يبدأ الكاتب الشاب -المبتدئ- مرحلة جديدة من البحث عن من يمد له يده ويتبنى موهبته».

وعن تجربته الشخصية يقول: «كتبت روايتي الأولى “ضفاف الخطيئة” في عام 2009 و طبعتها عام 2017 أي بقيت عالقة 8 سنوات كنتُ فيها في كل يوم أبحث عن دار نشر تطبعها مجاناً لعدم توفر المبلغ المطلوب وفي النهاية طبعتها على حسابي الشخصي بمبلغ ليس بقليل».

يكشف “سليمان” الحائز على جائزة “حنا مينه” للرواية عام 2020 قائلاً: «روايتي “خريف الدفلى” فازت بالمرتبة الأولى في المسابقة اليوم نحن في عام 2022 ولم تطبع الرواية حتى اللحظة بسبب عدم توفر إمكانيات لدى المؤسسة المعنية للطباعة!».

شهادة فوز رشيق سليمان بالمركز الأول في مسابقة حنا مينه

ويضيف حول شروط دور النشر قائلا إن «دور النشر التي تطبع مجاناً لها توجهاتها التي يجب على من يريد النشر لديها التقيد بها مما يحد من القيمة الإبداعية للعمل الأدبي».

لم تشارك الكاتبة الشابة “كارمن موسى” في أي من المسابقات الثقافية السورية لأنها وحسب تعبيرها لم تقتنع بها وترى أنها تحمل شروطا تعجيزية وقديمة أكل وشرب عليها الدهر.

اقرأ أيضاً: ابقوا حيث الرقص فالأشرار لا يرقصون.. سوريون تجاوزوا نظرة المجتمع

تبوح الشابة التي تهوى كتابة النصوص النثرية أنها لا تثق ولا تؤمن بأي وعود من أشخاص عبر مواقع التواصل الإجتماعي وحتى دور النشر الغير معروفة وعن محاولتها لطباعة كتابها في إحدى دور النشر السورية تقول: «وضعوا لي قيودا عديدة كما أن تكلفة الطباعة والنشر باهظة على فتاة مثلي ما زالت في بداية طريقها».

كارمن موسى

ترى “موسى” أن غالبية الكتاب الناشئين يلجؤون لطبع كتب مشتركة على حسابهم الشخصي بمطبعة متعاونة بدمشق وترى في ذلك بعض من الإرضاء لطموح الكاتب بداخلهم. وتعبر عن سعادتها بنشر بعض من نصوصها مع مجموعة ثقافية في الأردن وتصفها بالتجربة المميزة وذات مصداقية.

لا يخفي الكاتب الشاب “أحمد النخال” فرحته الغامرة بصدور كتابه “فوضى التعبير” مؤخرا والذي تحمّل بنفسه تكاليف طباعته ويستذكر المرحلة التي سبقت ذلك بزمن ومحاولاته العديدة لطباعة كتابه يقول لسناك سوري: «في البداية شاركت في كتاب يضم 25 كاتب وكاتبة ولكل منهم نص لا يتجاوز الصفحتين ودفع كل فرد مبلغاً رمزياً لقاء النشر ولكن للأسف الكتاب لم ير النور فقد تعرض الفريق بأكمله لعملية نصب».

وهذه ليست المرة الوحيدة التي يحدث فيها ذلك يسرد “النخال” تجربة أخرى له قائلا: «تواصلت معي فتاة تعمل ضمن جهة ثقافية في بلد عربي وأثنت على نصوصي المنشورة عبر الفيسبوك ودعتني لأرسل لها ملف كامل لكتاباتي حتى تشارك باسمي في مسابقة رسمية أحصل من خلالها على طبع مجاني للكتاب وبعد أن أرسلته اختفت الفتاة تماما وأغلقت كافة طرق التواصل المتاحة هنا أيقنت أنني خدعت للمرة الثانية».

احمد النخال

“نشرت روايتي الأولى “وفاة شخص آخر” بشكل إلكتروني بعدما لم أجد أي منفذ لطباعتها ونشرها ورقيا بشكل مجاني”، يقول “النخال” ويضيف: «للأسف الكتب الرقمية لا تأخذ حقها من الانتشار كما الحال مع الورقية وليس للكاتب فيها أي حقوق».

ما قاله الكتاب الشباب ليس الا غيض من فيض عن كواليس معاناتهم خلف الحلم الذي شيء فشيء بدأ يتحول إلى جاثوم يرقد على صدورهم ويخنق أحلامهم وآمالهم ولا تنتهي المسألة بطباعة الكتب على حسابهم الشخصي ضمن ظروف اقتصادية سيئة فهناك حكاية وفصول أخرى تنسف تطلعاتهم أن تعيد الأرباح بعضا مما خسروه وتأتي الأجوبة من بعض دور النشر صادمة رغم نسبة المبيعات!.

اقرأ أيضاً: حكايا النازحين جنوب سوريا في مجموعة قصصية للزميل شاهر جوهر

زر الذهاب إلى الأعلى