الرئيسية

“المنصور” الجسر الذي حماه فارس الخوري من الإنكليز ودمرته أميركا

الجسر الذي استغرق بناءه 122 يوماً، دمرته الحرب بساعات

سناك سوري – متابعة ضياء الصحناوي

بأيد سورية أدماها العمل المجهد، والشمس الحارقة، بني جسر “الرقة” القديم أو ما يطلق عليه “جسر المنصور” عام 1942 بأربعة أشهر فقط، حيث بلغ طوله 630 متراً، ليكون واحداً من أهم معالم المدينة الخالدة، قبل أن تدمره الحرب السورية الجديدة.

منذ شروق الشمس حتى ساعات متأخرة من الليل، كان مئات العمال السوريون يرفعون العوارض الكبيرة، ويبنون الأساسات الحديدية العملاقة بعد أن صممه مهندسون بريطانيون، لكي يتم ربط ضفتي “الفرات”، ويسهل عمليات النقل للأفراد.

وبحسب المؤرخ “حمصي الحمادة”: «فإن هناك لوحة دلالة موضوعة في أول الجسر، مكتوبة باللغة الإنكليزية، وقد سمي “جسر غيت”، حيث أمنت العوارض من صهاريج النفط المحترقة، والركائز من أنابيب النفط العراقية. وتشير اللوحة أنه بدأ العمل في 13 كانون الثاني عام 1942، وافتتح للنقليات في 10 حزيران 1942».
في عام 1945 حاول “مجلس النواب” السوري إصدار مشروع قانون يفوض “الحكومة” حق شراء الجسر من الحكومة البريطانية التي بنته آنذاك بمبلغ مليون ليرة سورية على خمسة أقساط سنوية على الأكثر. وحاولت “بريطانيا” تفكيك الجسر ونقل معداته إلى “اليونان”، غير أن حكومة “فارس الخوري” منعت ذلك ، واشترته بنفس السعر المطروح، وقامت بإصلاحه عام 1946 بعد أن حاولت “بريطانيا” زعزعة أساسه.

اقرأ أيضاً بعد أن تُركوا وحيدين.. أهالي “الرقة” يخترعون آلة لمساعدتهم في إعادة إعمار مدينتهم

كان الجسر إلى وقت قريب، مكاناً للسهر والسيارين والسباحة لكثير من العائلات الرقاوية التي جعلته منارة للفرجة والفرح، وظلت الأنوار حوله مضيئة إلى أن قدم أصحاب الرايات السود، فحولوه إلى قطع مبعثرة تنتظر من يلم أشلاؤه.

وعلى مدى سنوات طوال شهد الجسر أحداثاً سياسية، وحوادث كثيرة، تعرض لهزات كبيرة، كادت أن تعصف به، ولكن ما تعرض له أثناء “الحرب السورية” جعله يفقد توازنه، ويسقط من فعل الغارات الأمريكية التي كانت حاسمة، في محاربة “الإرهاب” كما تدعي، فقتلت ذكريات الرقاويين وممتلكاتهم وحاولت محو حضارتهم بحجة “داعش”.

في حزيران الماضي بدأت الجهات المحلية في محافظة الرقة إعادة ترميم الجسر الذي يشارف على الانتهاد، لتعود الحياة إليه ويدخل الخدمة مجدداً ويخفف عذابات تنقل السكان.

هامش لا بد منه: كان متوسط أجرة العامل عند بدء العمل فيه عام 1942 ستة فرنكات استرلينية، أي ثلاثين قرشاً سورياً، وتزيد حسب الورديات في الليل. والآن يحاول شبان من “الرقة” الجريحة بناؤه من جديد حتى لو كان على حساب بيوتهم المهدمة، لأنه الشريان الذي يربط الضفتين.

اقرأ أيضاً أهالي الرقة..ينتظرون من مجالس الإدارة المحلية تسريع عجلة إعادة الإعمار والبناء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى