الرئيسيةرأي وتحليل

حق الاختيار – ناجي سعيد

يحقّ لأيّ مواطن أن يكون خياره اللامبالاة

“خيرُ الأمور أوسطها”، مقولة سائدة شعبيًّا، ولم تُسند إلى رسول الله، فقد أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من رواية مطرف بن عبد الله معضلا. ولا أودّ الدخول في تفاصيل “من القائل”، وما أودّ التطرّق إليه هو معنى الحديث أو المقولة، فمن خصائل الإعتدال. أن يكون خيار المرء الحياد عن التطرّف واللجوء دومًا إلى الخيار الوسط بين الطرفين، كي لا يقع في حفرة التطرّف المؤدّية إلى التعصّبّ.

سناك سوري-ناجي سعيد

ومسار ثقافتنا الشعبيّة عكس ذلك، بحجّة الوضوح في تقرير ما يريده المرء، بل القانون في حال ارتكاب خطأ ما. فالقاضي  بالمحكمة في مسرحيّة “شاهد ما شفش حاجة”، يُصرّ على الشاهد “سرحان عبد البصير” أن تكون إجابته: ” يا ابيض يا أسود”، وذلك لخدمة العدالة!.

ولم يكن ببال القاضي غير العدالة، على الرغم من أن ثنائيّة الخيار أصلاً مرتبط إتّزانها بعمل الدماغ. حيث أن هناك في علم النفس مرضًا يُدعى: ” ثنائيّة القطب”، والمرض عبارة عن: “الاضطراب ثنائي القطب، الذي كان يُعرف في السابق باسم الاكتئاب الهوسي. عبارة عن حالة صحية عقلية تتسبب في تقلبات مزاجية مفرطة تتضمن الارتفاعات (الهوس أو الهوس الخفيف) والانخفاضات (الاكتئاب) العاطفية.

فالمجال الإجتماعي أو المُجتمعي، ضرب هذا المفهوم، مفهوم تعدّد الخيارات، والذي هو حقّ الإنسان الذي يقوّيه عمل الدماغ. فلا يعني حُكمًا إن كنت لا أُحبّ زميلاً في العمل أنّني: أكرهه! وكما كانت تقول والدة سعيد عقل لإبنها: الإنسان اللي ما بتحبّه بتخسره!.

اقرأ أيضاً: هكذا تدخل “الشيطان الشاطر” وشوّه معنى الهدية – ناجي سعيد

نعم فالحبّ شامل الخيارات ومتعدّدها! والعمل السياسي حذا حذو المجتمع الميّال إلى العنف بسجن الإنسان إلى خيارين فقط. مع أنّ الدماغ مؤهّل لأن يختار الخيار الثالث والرابع. وهذا ما جعل الفئة المعارضة للكاردينال اللبناني الراعي، حين نادى بالحياد، أن يكيلوا عليه تهمة بأنّه ضدّهم إذا لم يكن معهم!.

لقد كان موقفه محدّد ضدّ خيار فئة لا تستسيغه، ولا يعني ذلك إختياره الموقف المُعادي لهم. وهذا ما يحدث في مجال الإنتخابات إذا ما ألقينا نظرة على مجتمعاتنا التي تعاني ضعفًا في مسارها الديمقراطي. فهل من المعقول أن تتشابه خيارات الناس حتّى لو فاق عديدها الملايين؟.

المثل الشعبي يؤكّد نظريّة الإختلاف من خلال مثلين: ” أصابيعك مش متل بعضها”! و “المصارين ببطنك بتتخانق”! وهذا تأكيد على حرّية وتعدّد الإختيار، وبالتالي الإنتخاب!. وممثّلي المجالس المحلّية أساس هذا الإختلاف وشرعيّته مستمدّة من تنوّع عقول البشر.

الملكة إليزابيث حكمت بريطانيا 63 عامًا وسبعة أشهر، وشهدت جنازتها غزارة في الحضور من عامّة الناس! ألا يظهر الإعلام القليلين من الناس الذين اعترضوا أو عارضوا ما فعلت؟. فهي عرّابة وجود الكيان الصهيوني الذي اقتلع الفلسطينيين من أرضهم.. وغيرذلك من أخطاء بحقّ البشريّة! السؤال هو: هل كلّ المُشيّعين موافقين على هذا الظلم التاريخي؟. تعني موافقتهم المشكوك بأمرها، هو حجب حقّهم في تعدّد الخيارات. أو على الأقلّ خوفهم من التصريح العلني بأنّهم عارضوا أفعالها! مع أن الدماغ البشري يسمح لهم بأنّ يختاروا غير الأبيض والأسود. الذي سجن قاضي المحكمة الشاهد “سرحان” بداخله!.

يحقّ لأيّ مواطن أن يكون خياره اللامبالاة كما سرحان فيختار ممثّلي مجالس محلّية لا تأبه بساعة ولا توقيت دقيق يسجن المواطن في هموم الجماعة. بل الفرد الذي يحصر نشاطه بإطعام الأرانب في حديقة حيوان تكون مملكته، بعيدًا عن حيوانات مفترسة تأكل أولادها حين تجوع. انتخب من تراه يمثّل أرانبَ تُحبّها، مُسالمة تُحبّ الطبيعة..البشريّة. وبأمرٍ من دماغك: اتبع عقلك.

اقرأ أيضاً: سأضع وشم صورة أينشتاين وهو يمد لسانه للصحفيين – ناجي سعيد

زر الذهاب إلى الأعلى