الرئيسيةتقارير

ذكرى الزلزال الذي هدّم الأحلام فوق رؤوس أصحابها في سطامو

"بدي سقف إلي ولزوجي ولبنتي".. تقول هلا التي تستصعب عبارة "ياحرام راح بيتهم"

منذ عودتهم إليه شهر أيار من العام الفائت. ماتزال عائلة “ياسمين الأطرش” تقيم في المنزل الذي حوّله الزلزال إلى مكان غير آمنٍ للسكن بقرية سطامو، حيث هجر كل السكان الآخرين منازلهم في البناء ذاته.

سناك سوري-داليا عبد الكريم

لم تمتلك ياسمين أي خيار آخر، ففي ظل الظروف المعيشية القاسية حالياً، لا يمكن للعائلة تكبّد أعباء الإيجارات التي ارتفعت لتصل إلى 200 ألف ليرة بالحد الأدنى في قرية سطامو بريف اللاذقية.

وسطامو إحدى أكثر الأماكن تضرراً بـ زلزال السادس من شباط. الذي راح ضحيته أكثر من 52 شخصاً من أبنائها بينهم عوائل كاملة. كما أدى لسقوط نحو 14 محضر بناء، ووجود حوالي الـ16 مبنى آخر آيلاً للسقوط من بينها البناء الذي يحوي منزل “ياسمين” و”رماح”.

تقول “ياسمين” لـ”سناك سوري”، إنها حصلت على حوالتين من الهلال الأحمر السوري بقيمة 3 مليون و150 ألف ليرة للحوالة الأولى. و3 مليون ليرة للحوالة الثانية خلال العام الفائت، استخدمت العائلة تلك الأموال لشراء مستلزمات الطعام للعائلة وطفليها التوأم بعمر 4 سنوات.

وكانت ياسمين تحصل على مساعدات غذائية منذ زمن الحرائق. لكن تم إيقافها قبل رأس السنة. وغالباً نتيجة إيقاف برنامج الأغذية العالمي تقديم المساعدات في سوريا مع بداية العام الجاري.

ماذا تنتظر ياسمين وعائلتها اليوم، لا يبدو السؤال صعباً جداً، لكن الجواب مؤلم لدرجة من المستحيل نطقه بحروف الأبجدية.

ماذا تنتظر ياسمين وعائلتها اليوم، لا يبدو السؤال صعباً جداً، لكن الجواب مؤلم لدرجة من المستحيل نطقه بحروف الأبجدية.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

بدي سقف إلي ولبنتي ولزوجي..هذا يلي ناطرتو

“عمرنالكم بيوتكم”، هذا ما تنتظر العشرينية “هلا أبو درعا”، سماعه بعد عامٍ على خسارة منزلها. ولحظات الرعب التي عاشتها مع زوجها وطفلتهما التي كانت قد أكملت عامها الأول منذ عدة أيام فقط. بينما كانوا يحاولون الخروج من منزلهم فجر السادس من شباط. وأحجار البلوك تتطاير من فوق رؤوسهم بقرية سطامو.

تقول هلا لـ”سناك سوري”: «مابدي معونات ولا مبلغ اتسكت فيه شهرين. ولا اتنقل من بيت لبيت بدي ارجع أقعد ببيت بدي سقف إلي ولبنتي وزوجي هذا الناطرتو».

يتهدج صوت الأم بينما تتحدث عن رعب تلك اللحظات، التي تشعر وكأنها حدثت اليوم. تخبرنا أنها ومنذ أسبوع تتعرض لرجفانٍ في جسدها، لم تشعر به حتى ليلة الكارثة. “ما مر عليي متل هيك أسبوع صعب”، تضيف الأم الشابة.

لا تنسى هلا، كيف أن طفلتها ظلّت يومين لا تنطق بعد رعب تلك الليلة. كذلك لا تنسى صراخ الناس من حولها، ولا تنسى أنه لم يتبقّ في منزلها شيء لم يتكسر. أيضاً، لا تنسى نظرة العالم اليوم “إنو يا حرام راح بيتهم في سطامو بسبب الزلزال”، “صعب كتير”، تُلخص “هلا” الموقف بتلك العبارة.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

لم يتهدم منزل عائلة “هلا” ليلة الزلزال، وتمكنت مع جيرانها في البناية من الخروج والنجاة بأرواحهم وأرواح أطفالهم. لتقرر اللجنة الخماسية هدمه بعد عدة أشهر من الكارثة، ويتم التنفيذ لتختفي معه أحلام ساكنيه بالعودة.

بالنسبة لي كجارةٍ لها في المنزل المجاور، لا أستطيع أن أنسى كيف وصلت “هلا” وزوجها وطفلتهما منزل عائلة زوجي حيث كنا نجتمع لكونه أرضي، يسهل الهرب منه بحال حدث زلزال آخر. كانت تحتضنُ طفلتها بنظرة رعب لا يمكن وصفها، وجه زوجها خالٍ من التعبير، اختناق كبير داخلهما يُمكن الإحساس به بمجرد النظر إليهما، حافيا القدمين، والبلل يقطر من ثيابهما.

ثمانية أشهر تنقلت هلا وعائلتها من مكان لآخر، حتى وجدت مكاناً تقول إنه ليس بيتاً، عبارة عن غرفتين ومطبخ مسقوف بألواح التوتيا. لا يرّد البرد، لذا كانت العائلة تلجأ أوقات البرد الشديد للذهاب والمبيت لدى منزل عائلتيهما.

مابدي معونات ولا مبلغ اتسكت فيه شهرين. ولا اتنقل من بيت لبيت بدي ارجع أقعد ببيت بدي سقف إلي ولبنتي وزوجي هذا الناطرتو.

هلا أبو درعا – خسرت منزلها بالزلزال

لم تعد “هلا” قادرة على الحياة داخل بناء طابقي، لذا استمرّ البحث عن منزل أرضي للاستئجار بسعر مناسب نوعاً ما. تضيف الشابة: «الأجارات صعبة وزوجي موظف، كيف بدو يدفع إيجار، وكمان بنتي بدها مصروف».

“سنة كاملة ما شفنا فيها غير الكلام المعسول، إنو بكرة رح يعمرولكم، يوم رح يعطوكم، بس ما شفنا شي غير هيك”. تقول الشابة وتضيف، أنه بنقود الحوالة البالغة 3 مليون و150 ألف ليرة، تم دفع إيجار المنزل. كما أن طفلتها بعمر تحتاج فيه إلى حليب وحفاضات، “فشو ممكن تفيدنا التلاتة مليون؟”. وبالنسبة للمعونات الغذائية حصلوا عليها بداية الزلزال ثم توقفت.

ناريمان فقدت استقرارها

تغيّرت حياة الثلاثينية “ناريمان ملحم” بلمحة بصر، فقدت منزلها وأمانها واستقرارها. وباتت لاجئة مع طفلها وزوجها لدى عائلتها وعائلة زوجها بالتناوب.

“ناريمان” وهي جارة “هلا” في البناء ذاته، لم تحصل على أي دعم إطلاقاً، كما تقول، وتشير أنه حتى رسالة حوالة الـ3 مليون و150 ألف لم تصلهم. وتضيف لـ”سناك سوري”، إن زوجها راجع المحافظة فأخبروه أن يتوجه للهلال الأحمر. ولدى الهلال الأحمر أخبروه أن يذهب للمحافظة. “كلو بيشلح على كله، لا البيوت تعوضت ولا السكن البديل كان يخلص”. تضيف “ناريمان”.

حصلت “ناريمان” وعائلتها على سلتين صحيتين لم تحدد مصدرهما، لكنها قالت إن محتوياتهما لم تكن صالحة للاستخدام. كونها من النوعية غير الجيدة، وتؤكد أنها لم تستلم أي سلّة غذائية.

“ماحدا قرب علينا ولا سألنا إن كنا بحاجة دعم إنساني أو أي شي”. يحزّ بنفس الأم الثلاثينية هذا الأمر. وتضيف أنهم باتوا اليوم مشردين، قليلاً يمكثون عند أهل زوجها، وأحياناً عند أهلها، “الوجع كبير وما بينوصف”. تختم ناريمان حديثها.

ماحدا قرب علينا ولا سألنا إن كنا بحاجة دعم إنساني أو أي شي

ناريمان ملحم – متضررة من الزلزال

السكن البديل.. متى؟

وحتى اليوم لم يحصل أي متضرر من الزلزال في قرية سطامو بريف اللاذقية، على سكن بديل. حيث وصلت نسبة إنجاز السكن البديل إلى 75 بالمئة، وفق ما ذكر رئيس بلدية قمين “منهل طالب”.

وأضاف “طالب” في تصريحات نقلتها الوطن المحلية شهر كانون الثاني الفائت. أنه وبالتوازي مع أعمال تشييد الوحدات السكنية مسبقة الصنع بالتعاون مع الهلال الأحمر الإماراتي. يتم استكمال أعمال البنى التحتية الخاصة بموقع السكن البديل في القرية. دون أن يحدد موعداً للتسليم.

وتنفذ هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، ألف وحدة سكنية مسبقة الصنع. تشمل 350 وحدة في موقع الغراف1، و132 وحدة في موقع الغراف2. و47 وحدة في النقعة، و123 في الفيض. و205 في دمسرخو، و85 وحدة في موقع سطامو. ولم يسلم منها سوى موقع النقعة في جبلة حتى اللحظة.

لا موعد زمني محدد لتسليم المنازل

وخلال اجتماع لمجلس إدارة الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال مع رئيس الحكومة حسين عرنوس يوم الأحد الفائت. تم الكشف عن تقديم نحو 21 مليار ليرة لـ381 متضرراً من إجمالي عدد المتضررين البالغ 1378 متضرراً.

وذلك ضمن إطارة استراتيجية التدخل، التي شملت كمرحلة أولى، الشريحة A وتضم كل مالك لسكن مهدّم في منطقة منظمة. والشريحة B وتشمل كل مالك سكن مهدّم في منطقة غير منظمة، وكل مالك لسكن مهدّم مخالف في منطقة منظمة. بينما يتم استكمال إجراءات صرف الإعانات لمئات المتضررين مع استكمال الوثائق والثبوتيات المطلوبة.

واستعرض الاجتماع واقع العمل في المشاريع السكنية المخصصة لمتضرري الزلزال في محافظتي حلب واللاذقية. لكن دون تحديد أي موعد زمني لتسليمها، سواء هي أو السكن المؤقت.

زر الذهاب إلى الأعلى