الرئيسيةيوميات مواطن

اسطامو المنكوبة بالزلزال.. حين تؤلم إبرة الباكر الحلم والحجر

"الخراب سهل كتير يا بنتي بس العمار صعب".. تقول سبعينية بكلمات تخنقها الحسرة

تقف جارتي على بعد أمتار قليلة من حلمها. بينما تطرق فيه إبرة آلة الهدم “الباكر”، لتنهي أي أمل بأن يكون قابلاً للتدعيم. بعد ما أدى زلزال السادس من شباط لتخريب بعض الأعمدة في قاعدته.

سناك سوري-داليا عبد الكريم

بحارة “الشيخ ريح” في قرية “اسطامو” بمحافظة اللاذقية، إحدى أكثر المناطق المنكوبة بالزلزال. بدأت أعمال هدم الأبنية الآيلة للسقوط والتي ثبت أنه لا طريقة لتدعيمها.

“الخراب سهل يا بتي مو متل العمار”، تقول جارتي السبعينية بكلمات خنقتها الحسرة. بينما انطلقت الدموع دونما رادع لها ترثي أحلاماً كانت وردية حتى الأمس القريب.

تغالبني الحسرة قليلاً، بينما أكتب مادتي هذه، وفي رأسي يطرق “باكر الهدم” ليس فقط على الحجارة بالقرب مني. بل على ذكريات عشتها مع جاراتي في البناء المجاور.

حيث كنا نجتمع على الشرفة في مساءات الصيف، نتحدث عن الصعوبات المعيشية والأحوال الاقتصادية، وغالباً ما كان الحديث ينتهي بعبارة: “الحمد لله عنا بيت يأوينا عالقليلة”. لقد ذهب البيت اليوم!.

جارتي الأخرى، كانت تعيش في منزل عائلة زوجها، بانتظار أن يكتمل الحلم ببيت مستقل، كان في الطابق الثالث كما أذكر. تزوره كل يوم لتتابع ماذا تبقى فيه، بينما يسعى زوجها للحصول على قرض ليكمل الحلم. لقد نجح قبل الزلزال بنحو شهرين، حصل على القرض الذي ذهب ثمن نوافذ ألمنيوم، لم يتم تركيبها رغم أنها باتت جاهزة.

والثالثة كانت قد طالت فترة خطبتها لأكثر من 3 سنوات بانتظار اكتمال المنزل. وأثقلت كاهل “مؤسسة الزوجية” بديون لم تنتهِ بعد. لم تحبس دموعها، بينما تروي لنا ألمها على ذكريات طفلتها الأولى، الخطوة الأولى لها كانت في ذلك المنزل. الذي كان شاهداً على الكثير من البدايات التي تنتهي عند هذا الحد.

سيدة أخرى كانت قد اكتنزت ثروتها الصغيرة التي ادخرتها من “عرق جبينها وكدها”. في سطح كانت تحلم يوماً ما ببنائه أو استثماره كمقهى شعبي، لكن أحلامها لم تكتمل وكأن الحياة تخبرها بأن “مال الحلال” لا يدوم أيضاً، وقد خدعت كما خدع كثير من قبلها بتلك العبارة.

الكثير من الاحلام تهدم على بعد أمتار عني. ليقاطعني صوت والدة زوجي: “داليا سكري الشبابيك فيه غبرة كتير بالجو”. لا بأس يا خالة إنها غبار أحلامنا، دعيها تدخل منازلنا علّها تجد طريقها إلى داخل رؤوسنا فتمنحنا بعض الأمل.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى