الرئيسيةسناك ساخن

جواز السفر السوري في المرتبة الأخيرة.. كيف تدهور تصنيفه خلال الحرب؟

كان أفضل من الصيني والإيراني... مسار تراجع تصنيف الجواز السوري وتحوّله للأغلى عالمياً

يشاهد السوريون كل عام جواز سفرهم وهو يتداعى في التصنيفات الدولية وتتراجع مكانته تدريجيًا حتى أصبح في آخر التصنيف الدولي لجوازات سفر.

سناك سوري-دمشق

تاريخياً كان جواز السفر السوري ذا قيمة جيدة لناحية قدرة حامله على دخول الدول من دون فيزا. حيث أن السوريين في الستينات والسبيعنات كانوا يدخلون إلى أوروبا وأميركا بواسطته بسهولة ويسر.

مع تعقد الوضع السياسي بين “سوريا” والغرب في الثمانينات وبدء العقوبات الأميركية على “دمشق” تراجعت نسبياً قدرة حامل الجواز السوري على الحركة الدولية. إلا أن الجواز حافظ على مستوى متوسط وظل حَملةُ الجواز السوري قادرين على دخول عشرات الدول من دون تأشيرة أو الحصول على التأشيرة في المطار.

وفي عام 2010 لم يكن الجواز السوري في حالة جيدة لناحية عدم حاجة حامله لتأشيرة، لكن السوريين كان بإمكانهم بسهولهم تحصيل تأشيرة إلى معظم دول العالم.

ومن دون الحاجة لتأشيرة فإن تصنيف جواز السفر السوري عام 2010 كان أفضل من “الصيني والإيراني واللبناني و الباكستاني” ويدخل السوريون عبره إلى عشرات الدول دون الحاجة لفيزا.

تراجع قيمة الجواز السوري بعد عام 2011

مع اندلاع الأزمة في البلاد آذار عام 2011 ودخول “سوريا” في صراع مسلح ومحتدم بدأت قيمة جواز السفر السوري بالتراجع. وبدأت تحتل مراتب متأخرة في مؤشرات التصنيف الدولية لقيمة جوازات السفر.

اقترن ترتيب الجواز السوري بعد عام 2011 بالعامل السياسي بشكل رئيسي حيث قررت عشرات الدول مقاطعة الحكومة السورية. وهو ما أدى لتعليق الاتفاقيات بين سوريا وعديد الدول التي كانت تسمح بدخول السوري إلى أراضيها دون فيزا. وغابت الاتفاقيات الجديدة وتراجعت قدرة الدبلوماسية السورية على التواصل وتوفير التسهيلات.

حتى تركيا الجارة التي كان السوريون يدخلون إليها بواسطة الهوية الشخصية توقفت لاحقاً عن منح السوريين تأشيرات الدخول. بينما أبخازيا الدولة الصغيرة الناشئة المدعومة من روسيا لا تعفي السوريين من التأشيرة وتحصر الإعفاءات بالدبلوماسيين السوريين فقط.

التراجع الكبير

في العام 2015 كان جواز السفر السوري قد تراجع إلى المرتبة 92 عالمياً متقدماً على 3 دول في التصنيف الذي شمل 95 دولة فقط آنذاك.

جاء هذا التراجع بالتزامن أيضاً مع بدء موجات الهجرة السورية، حيث هاجر عشرات آلاف السوريين بين عامي 2011 و2015 هرباً من الصراع في البلاد. ومع زيادة موجات الهجرة وصل عدد اللاجئين السوريين نهاية عام 2023 إلى 6.4 مليون. وفقاً لتقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

اللاجئون السوريون وإن كان الملايين منهم غادروا عن طريق البحر معرضين حياتهم لخطر الموت غرقاً. فإن الملايين أيضاً وصلوا بالطائرات عبر جوازات سفرهم السورية. فمنهم من ذهب للدراسة وقرر البقاء في الدولة التي اتجه إليها ومنهم من ذهب للزيارة وتعدد أسباب الوصول لكن أسباب البقاء في دول الوجهة بقيت واحدة “الحرب في سوريا وأسبابها وتداعياتها”.

موجات الهجرة السورية دفعت دول العالم المختلفة لتشديد القيود على وصول السوريين إليها وهو ما أثر بشكل مباشر على تصنيف جواز السفر السوري.

شبهة الجواز السوري

هذا الجواز الذي أينما أظهرته في أي مطار بالعالم تشعر فوراً أنك متهم من نظرات شرطة الهجرة أو حتى بعض الناس من حولك.

ومع ذلك يبقى هذا الجواز مفتاح الخلاص أيضاً فهو إثبات الهوية الرئيسي على جنسيتك والذي تحصل على اللجوء بموجبه. فمن دون إثبات الجنسية السورية يصبح من الصعب جداً الحصول على اللجوء في ظل ادعاء عديد الجنسيات الأخرى أنهم سوريون بقصد استغلال الفرص ونيل اللجوء في أوروبا.

عدة عوامل من الحرب تحول دون عودة السوريين إلى بلادهم منها “عامل الأمان، الوضع الاقتصادي الصعب، غياب الخدمات، الكهرباء والانترنت، التراجع الرقمي، قلة فرص العمل…..إلخ. وهو واقع تدركه الدول وتعرف أن خيار السوريين بعدم العودة يكون غالباً على خيار العودة بحال وصلوا إلى دول أجنبية. لذلك تقرر معظم الدول فرض قيود على دخول السوريين الأمر الذي يؤدي لتراجع تصنيف الجواز السوري.

جواز السفر السوري يحتل المرتبة الأخيرة عالمياً

يحتل جواز السفر السوري المرتبة الأخيرة في تصنيف “جايد” Guide Passport Index الذي صدر مؤخراً. وهو تصنيف عالمي يعتمد مستوى حرية التنقل العالمي لحامل جواز السفر.

بينما كان يحتل المرتبة قبل الأخيرة في تصنيف “هينلي” الذي صدر مطلع العام الجاري.

وبمراجعة الدول التي وضعها التصنيف بقائمة السماح بدخول السوريين إليها دون الحاجة إلى “فيزا” نجد أنها تقتصر على “لبنان“. ولكن بالنظر إلى الواقع فإن الدولة اللبنانية لا تفرض فيزا على السوريين لكنها بالوقت عينه لا تسمح بدخولهم إليها. وتضع شروطاً للسماح لهم بدخول أراضيها، لكنهم حتى اذا حققوا الشروط يمكن لموظف الهجرة أن لا يسمح لهم بالدخول. وقد تم تسجيل آلاف حالات رفض الدخول رغم تلبية أصحابها كامل شروط الدولة اللبنانية. وبالتالي حتى الدول المصنفة أنه يمكن للسوريين دخولها لايعني بالضرورة أنهم فعلياً يستطيعون الدخول إليها.

القيمة المادية للجواز السفر السوري أضعاف قدرته على التنقل والحركة

وعلى الرغم من أن جواز السفر السوري لا يمكِّن حامله إلا الدخول لعدد محدود من الدول وأنه مصنف في نهاية القائمة. إلا أنه يتصدر قائمة أخرى “أغلى جواز سفر بالعالم” حيث يعد جواز السفر السوري هو الأغلى في العالم وتبلغ تكلفة إصداره للسوريين المقيمين خارج سوريا 300 دولار أميركي ومدته عامين فقط للشباب المطلوبين للخدمة العسكرية داخل “سوريا” وعامين ونصف للمغتربين منهم في الخارج حتى يقوموا بدفع بدل الخدمة . علماً أنه يحتاج لأشهر حتى يصدر.

أما الجواز السريع الذي يصدر فوراً فتصل قيمته للمقيمين خارج سوريا إلى 800 دولار أميركي. تضاف إليها تكلفة التنقل إلى الدول التي يوجد فيها سفارات أو قنصليات سورية قائمة على رأس عملها. حيث أن البعثات الدبلوماسية السورية تتواجد حالياً في عدد محدود من الدول بسبب قطع العلاقات الدبلومسية لمعظم دول الغرب مع السلطات السورية.

علماً أن تكلفة جواز السفر السوري عام 2010 كان تعادل حوالي 24 دولار أمريكي ويصدر في اليوم ذاته.

السخرية أم الحزن؟

مع إعلان تصنيف جواز السفر السوري بالمرتبة الأخيرة انتشرت تعليقات ساخرة من الجواز ووصوله إلى هذا الترتيب المتأخر. وعادة ما يسخر السوريون من واقعهم في طريقة للتخفيف من آلامهم. بينما هناك من يسخر كنوع من الشماتة ورفض العلاقة مع السلطات السورية بما فيها جواز سفر الذي يعدّ جزءاً من الهوية الوطنية السورية.

إلا أنه بالمحصلة يتحول تصنيف الجواز السوري إلى نتاج أحزان السوريين وآلامهم وأزمتهم المعقدة التي تمضي عامها الثالث عشر وما تزال دون أفق. هو تصنيف يحتاج تغييره لإحداث الكثير من التغييرات بالبلاد ربما أولها أن يمد السوريون الجسور تجاه بعضهم البعض ويعملوا معاً لإنهاء الصراع في بلادهم. وتضميد جراح بعضهم.

زر الذهاب إلى الأعلى