المياه في اللاذقية تحرم شباباً من حق الاستحمام بعد 12 ساعة عمل ودراسة
في اللاذقية.. الرائحة الكريهة لا تعني قلّة في النظافة الشخصية بل تعني غياب المياه عن المدينة الساحلية
بعد يوم كامل من العمل، عاد “أحمد” 17 عاماً إلى منزله في مدينة اللاذقية عند الـ1 ليلاً حالماً بحمام من المياه الباردة، يزيل عنه حرّ الصيف ورطوبة الجو الخانق. إلا أنّ والده باغته قائلاً: “لا تتحمم مافي مي، مقطوعة ما اجت اليوم”.
سناك سوري-رحاب تامر
أحمد يعمل في تصوير الحفلات ومونتاجها بأجر شهري 400 ألف ليرة. يدفع منها 300 ألف ليرة لأستاذ الدروس الخصوصية تمهيداً للثانوية المهنية التي سيتقدم إليها العام القادم. مستغلاً الصيف لمساعدة أهله في توفير قيمة الدروس الخصوصية قبل أن يركز على دراسته مع بداية العام الدراسي، ويترك لهم عبء مصاريف الدراسة.
عمل أحمد يعتبر مجهداً قياساً بالحرارة والرطوبة التي وصلت إلى 95% في مدينة اللاذقية. هذا ما يتطلب منه الحصول على حمام بارد لمرة واحدة يومياً بالحد الأدنى. لكن هذا الحق غاب عن حياته تماماً مثل كثير من الحقوق الأخرى التي حُرم منها كالنزهات مع أصدقائه الشباب أو الجلوس معهم لو لساعة يومياً بغرض التسلية. فالوقت لا يسمح.
المياه في اللاذقية حلم!
لكون أحمد أحد أقاربي تصادف أن أعيش معه هذه المشكلة. ولم أكن وعائلته بأفضل حالاً منه، كلّنا نمنا تلك الليلة وقبلها وغالباً بعدها، بدون استحمام وفي داخلنا خوف كبير من رائحتنا باليوم التالي بينما ننصرف إلى أعمالنا.
تلك التجربة علمتني ألا أتأفف من رائحة زميلي أو زميلتي في باص النقل الداخلي. ألا أمارس فوقيتي عليهما وأنا أتحدث عن النظافة الشخصية. ففي اللاذقية “وقت تطلع ريحتك، هذا لا يعني أنك غير نظيف، إنما هذا يعني عدم وجود مياه للاستحمام.
أفكر في “أحمد” الشاب الجميل الذي تعنيه كثيراً الرائحة في مرحلته العمرية هذه. يعنيه أن يكون نظيفاً أمام باقي زملائه وزميلاته في الدرس الخصوصي. يعنيه أن الجمال والرائحة الجيدة يزيدان من ثقته بنفسه كما كل المراهقين والمراهقات في عمره. يعنيه أنه كشباب يحق لهم الحصول على النظافة الشخصية ومقوماتها. دون الاضطرار لرؤية نظرة اشمئزاز من صبية ربما أعجب بها.
لا حلول في اللاذقية التي ينشغل سكانها هذا الصيف كما كل صيف باستحالة تأمين مياه الشرب أو الاستحمام. ولا سبيل لديهم سوى انتظار “سلك المياه الحكومية” التي تشبه الراتب لا تتدفق بغزارة، وبالكاد تُرى.