“منى”: يتهمني بالتقصير، زوجها “أحمد”: أخرج عن طوري أحياناً!، مدربة تنمية بشرية: عودة التوازن ليس مستحيلاً!
سناك سوري – خاص
«لم أعد قادرة على تحمّل هذه الحياة»، عبارة تكررها “منى” بشكل يومي وهي تحاول أن تفضفض عن معاناتها والمشاكل التي غزت منزلها وجعلتها في حالة من الخصام الدائم مع زوجها، الذي بات يتأفف بذات الطريقة من هذه الحياة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
“منى” وزوجها لا ينفكان يتبادلان تهم التقصير والمسؤولية عن بدء انحسار حالة الود والحب والوئام التي جمعتهما في منزل واحد سابقاً، وسط استمرار لإشكالية “إنت السبب”، “لا أنت السبب”، كما تقول لـ “سناك سوري”.
لا تنكر “منى” واجبها ومسؤوليتها تجاه أسرتها وزوجها الذي يعاني مثلها من ضغط الحياة اليومية والعمل ليل نهار ليتمكن من تأمين لقمة العيش لأسرته في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، إلا أن اتهامات زوجها المتكررة لها بقلة مسؤوليتها وعدم اهتمامها الكافي بأسرتها وبواجباتها المنزلية على الرغم من أنها موظفة وتعمل عملاً إضافياً، يُفشل محاولاتها المتكررة بإعادة التوازن إلى علاقتها الزوجية.
زوجها “أحمد” يقول إنه يخرج عن طوره في حال وجد أي تقصير في المنزل وتجاه الأطفال، ملقياً اللوم على الحياة والظروف الصعبة التي أوصلت علاقته مع زوجته التي تزوجها بعد قصة حب إلى هذه المرحلة من التعقيد، ويضيف أنه يحاول مساعدتها في بعض الأشياء التي يستطيع عملها، لكنه بالنهاية رجل يرى صعوبة في قيامه بجزء كبير من الأعمال التي تقوم بها المرأة!.
وهذا تهرب، أو لنقل استفادة من التقسيم الخاطىء وغير العادل للدور الانجابي، لأن كل الأعمال التي تقوم بها المرأة بالبيت مجانا وعلى أنها جزء من واجباتها، يقوم بها الرجل خارج البيت كمهنة تدر له الدخل، سواء الطبخ أو الكوي أو التنضيف وحتى مجالسة الأطفال.
اقرأ أيضاً: الرجال يخجلون من نشر الغسيل وينقسمون حول مساعدة زوجاتهم
عودة التوازن
عودة التوازن للعلاقة بين الرجل والمرأة أمر صعب لكنه ليس مستحيلاً حسب رأي مدربة التنمية البشرية”كارلا بيطار” في حديثها مع سناك سوري، مشيرة إلى أنه لا يوجد خطوات محددة لاتباعها بل المقصود هو أن يتخذ كل منهما دوره بالشكل الصحيح دون التقليل من شأن أو دور أو مهام أحدهما، وأكدت أن أكثر الأمور التي تهدم التوازن هو تطاول أحدهما على دور الآخر أو اتخاذه بما يخالف الطبيعة الكونية.
تجاوز تأثير الظروف المعيشية على الحياة الزوجية يحتاج لعدد من الخطوات أولها حسب رأي “بيطار” يبدأ من لحظة اختيار الشريك المناسب لكل شخص، ففيه نجد المقومات التي نطمح لها وهذا يتطلب صراحة الطرفين التامة في مرحلة ما قبل الزواج الذي يسهل فيما بعد مواجهة الظروف والعقبات لأن لدى كل طرف صورة مسبقة قريبة من الواقع إلى حد كبير.
بعد ذلك تأتي مرحلة استيعاب كل منهما للضغوط المحيطة بالآخر، فالزوجة يتطلب منها الصبر واختيار الأوقات والأسلوب والطريقة التي تعرض فيها مشكلة ما أو طلب على الزوج لمعرفتها بظروفه الصعبة كذلك على الرجل تقع مسؤولية تقدير الأعمال التي تقوم بها الزوجة مهما كانت بنظره غير كافية ومساعدتها إذا لزم الأمر وتفهم احتياجاتها كامرأة أيضا فبالحب والتعاون وتقديم التنازلات من الطرفين تستمر الحياة بشكل أبسط.
فإذا كان المجتمع والحكومة يؤمنان الخدمات الاجتماعية لعمل المرأة كالطعام بسعر مناسب وكذلك رياض الأطفال وجليس أو جليسة الأطفال، فعليهما التعاون فيما بينهما لكي لا يكون الدور الانجابي سببا للخلاف، حيث يكفيهما العبئ الاقتصادي ومايتبعه من عبئ الوقت.
من يتحمل مسؤولية فشل العلاقة أو نجاحها؟
نجاح أو فشل العلاقة الزوجية أمر يتحملّه الطرفان حسب رأي “بيطار” لأن لكل فعل رد فعل وكذلك العلاقة الزوجية يتحمل نجاحها الرجل والمرأة بقيام كل منهما بتفهم احتياجات الآخر وتحقيقها وحقوقه عليه وواجباته تجاهه، مشيرة إلى أنه من المعتقدات الخاطئة أن المرأة هي السبب الرئيسي بل هي ركن أساسي وهام ومؤثر ولكن ليس الوحيد. وأضافت أن تربية الأطفال مسؤولية المرأة بشكل أكبر “من وجهة نظرها الشخصية” وذلك بحكم عاطفة المرأة الأم وآلية تفكيرها وقدرتها على تحمل الأعباء بصورة أكبر فهي مسؤولة بنسبة أكبر من الرجل عن تربية الاطفال، لأنه وبحكم رابطة الأطفال بالأم يتأثرون بها بشكل أكبر وعلى مدار وقت أطول من الأب، لكن هذا لا يخلي المسؤولية عن الأب بموضوع التربية ولكن( دوره محدود نوعاً ما بالمقارنة مع الأم).
التخلص من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الأسر يتطلب تعاوناً بين الرجل والمرأة ففي هذه الأوضاع لا يمكن لعائلة أن تعتمد على مصدر دخل واحد، وبالتالي على المرأة لعب دور في تأمين حياة كريمة للعائلة عن طريق تحقيق ذاتها بالعلم والعمل وبناء شخصية تؤهلها أن تكون زوجة وأم وبالتالي على الرجل أيضاً مساعدتها في العناية بالأطفال وبعض الأمور المنزلية فهذا يرفع من شأنه لديها ويعطيها دافعاً أن تكمل بنهضة أسرتها ويجعلها ترى الحب بالأفعال كالتقدير وتقديم يد العون وليس فقط بالكلام.
يتحمل كل من الزوج والزوجة بنسب متفاوتة مسؤولية فشل علاقتهما، وخاصة في حال كانا متعلمين وعاملين، لأنهما يستخفان أو لا يوليان أهمية ربما للتوعية حول الحياة الأسرية، والاستفادة من الجديد، فقد يحمل كل منهما الصورة النمطية التي رسخها المجتمع عن أدوارهما، لا الأم وحدها مسؤولة عن تربية الأبناء، ولا الأب وحده مسؤول عن الانفاق، الابن والابنة يحتاجا لعاطفة الأب وحنانه كما يحتاجا عاطفة الأم وبنفس القدر، والأم عندما تنفق بالبيت على الزوج تقدير هذا الانفاق، لأنها رغم دورها الانجابي تقوم بدور اقتصادي، وبالتالي عليهما العيش وفق هذه المتغيرات وليس وفق النظرة القديمة لأدوار كل منهما.
اقرأ أيضاً: الأم العاملة.. نحت في الصخر مقابل “فرنكات الحكومة” آخر الشهر!