مشروب الضيافة لم يعد للضيوف.. شراء القهوة بالغلوة
كيلو القهوة يقسم على 20 زبوناً في معظم الأحيان.. كيف تشترون القهوة حالياً؟

تراقب “هناء الهادي” 35 عاماً، صاحبة ورشة خياطة في “السويداء”، ركوة القهوة على السخان الكهربائي بحذر كبير، ليس خوفاً من فورانها فوق الكهرباء، بل خوفا من هدر الكمية بعد الفوران، بعد أن باتت تشتري القهوة يوم بيوم، بهدف التوفير بعد ارتفاع ثمن المادة بدرجة كبيرة مؤخراً.
سناك سوري-رهان حبيب
لا تريد “الهادي” التخلي عن “فنجان الرواق” كما تصفه شقيقتها، وتضيف مازحة خلال حديثها مع سناك سوري، أن للرواق ثمن باهظ هذه الأيام بعد تجاوز كيلو القهوة متوسط النوعية الـ34 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يمكنها من شراء المعتاد فيما سبق، حين كانت تشتري نصف كيلو وتعيد الكرة كلما نفذ، بينما اليوم تشتري القهوة بكميات صغيرة تكفي فنجانها اليومي صباحاً.
تقول “الهادي” إنها بحاجة لتقصير وإصلاح 10 قطع ملابس، لتتمكن من شراء حاجتها من القهوة لأسبوع كامل، لافتة أنها توقفت عن تقديم القهوة كضيافة للزبائن أو الضيوف، وباتت تشتري اليوم القهوة بمبلغ 1500 أو 2000 ليرة كل يوم، لتحافظ على عادة شرب القهوة الصباحية.
فنجان تشاركي!
أبرم “خالد مصطفى” 28 عاماً موظف في شركة نقل، مع زملائه الـ4 اتفاقا يقضي بدفع كل واحد منهم 500 ليرة يومياً، لشراء كمية قهوة تكفي 4 فناجين لهم، كما يقول ويضيف لـ”سناك سوري”، أنه وفي حال غياب أحد الزملاء، تختصر الكمية.
يعتبر “مصطفى” أن تلك الطريقة مناسبة للتوفير وسط الظروف الحالية الصعبة، وليس بالإمكان الاشتراك بمبالغ مالية كبيرة لشراء قهوة تكفي الشهر كله، فراتبه يبلغ 103 آلاف ليرة سورية، وحين يريد شراء نصف كيلو قهوة بنحو 16 ألف ليرة، فإنه يختار شراء دجاج أو نصف كيلو لحمة لعائلته عوضا عن القهوة.
اقرأ أيضاً: ارتفاع سعر القهوة يحرم بعض مضافات الجبل فنجان قهوتها

شراء القهوة بالغلوة
قررت “عفاف الملحم” 50 عاماً، صاحبة سوبر ماركت في منطقة المساكن الخضر وفق التسمية الشعبية للمنطقة، بيع القهوة بالغلوة، فالبعض يطلب ملعقة واحدة وآخرين يشترون ملعقتين، وبات من المألوف بالنسبة لها أن تشتري جارتها مقدار ملعقة أو 3 ملاعق، لافتة أن كيلو القهوة يقسم على نحو 20 زبون غالبية الأحيان.
“الملحم” التي ترصد كل دخل محلها لتعليم ٣ أولاد في الجامعة لم يعد بإمكانها إعطاء الأولاد كمية من القهوة واكتفت بأوقية واحدة أسبوعياً، لأن سعر الكيلو سيزيد المصاريف التي أتت على إيراد المحل، وتضيف: «يبقى الحصول على كمية بسيطة أفضل بكثير من الحرمان من القهوة، ويبدو أن الزبائن وأنا مضطرون لتجزئة الكميات، وفق الظروف ولا تختلف القهوة عن الزيت الذي أبيعه بالكأس أو أقل من ذلك أو السمن والحليب البودرة واللبنة وكل أنواع المواد الإستهلاكية».
بيع القهوة بالغلوة، أسلوب من أساليب التفاعل مع الأسعار وإدارة أزمة الاحتياجات لكن يبدو أن هذه الإجراءات لم تعد مرحلية أو مؤقتة ومن يدري قد نصل في النهاية إلى إلغاء مواد كثيرة والاستغناء عنها إذا تجاوزت حدود السعر قدرتنا الشرائية التي باتت معدومة.
اقرأ أيضاً: أبو عرب.. صديق القهوة العربية في حلب والقامشلي